أمام تباطؤ طهران.. واشنطن تستعد لتقرر مصير الاتفاق النووي!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يبدو أن واشنطن لن تنتظر طويلًا حتى تقول طهران، متى ستستأنف محادثاتها النووية، التي توقفت في فيينا. ويبدو أيضًا، أن الولايات المتحدة الأمريكية قد يئست من الضغوط على إيران عبر تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وربما قريبًا ستصدر حكمها على مصير الاتفاق النووي.

تعليق زيارة مدير الوكالة الدولية

أفاد موقع إخباري تابع لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية أنه تم “تعليق” طلب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة طهران؛ في الوقت نفسه قال متحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إنه يجري حاليًا تنفيذ الإجراءات الوقائية.

وذكر نادي الصحافيين الشباب، اليوم الخميس 9 سبتمبر (أيلول)، نقلا عن “مسؤول مطلع” أن إيران “علقت” طلب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، ولم ترد سلبا أو إيجابا.

كما قال بهروز كمالوندي، المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لنادي الصحافيين الشباب، إن عمليات التفتيش المتعلقة بالضمانات الإضافية قد توقفت، لكن عمليات التفتيش على الضمانات مستمرة.

وقال بهروز كمالوندي لموقع تابع للإذاعة والتلفزيون الإيراني، إنه وفقًا لقرار البرلمان الإيراني، “لن يتم تنفيذ البرتوكولات الإضافية الأخرى في البلاد”، والوكالة ليس لديها إمكانية الوصول إلى البروتوكولات وعمليات التفتيش، ولكن عمليات التفتيش على الإجراءات الوقائية، التي تجري في جميع البلدان، تتم وفقًا للروتين الطبيعي في إيران أيضًا”.

وأعلنت الوكالة في تقرير جديد أن حجم اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة في إيران قد ارتفع الآن إلى 84 كيلوجرامًا، وأن كمية اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمائة ارتفعت إلى 10 كيلوغرامات.

لا جدوى من العودة

وقد حذر وزير الخارجية الأمريكية، من أن وقت عودة إيران إلى ما يسمى بالاتفاق النووي يقترب من نهايته.

وقال أنتوني بلينكين، خلال زيارته إلى برلين، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني هايكو موس، يوم الأربعاء 8 سبتمبر (أيلول): “لا أريد تحديد موعد في هذا الصدد، لكننا نقترب من النقطة التي لا تحقق فيها العودة إلى الاتفاق النووي الفوائد المتوقعة من هذا الاتفاق”.

جاءت هذه التصريحات بعد يوم من إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا لاذعًا عن ضعف إشرافها على برنامج إيران النووي.

واتهمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها إيران بـ “التقويض الجدي” لأنشطة الوكالة ومفتشيها في البلاد.

ومن المرجح أن تصدر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قرارات حاسمة ضد إيران في اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل.

رد إيران

قال الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي في محادثة هاتفية مع رئيس المجلس الأوروبي: “في حال وجود تعامل غير بناء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فمن غير المعقول التوقع من إيران ردًا بناءً. الإجراءات غير البناءة تؤدي بطبيعة الحال إلى الخلل في عملية التفاوض”.

وأضاف رئيسي: رغم ذهاب إدارة ترامب ومجيئ حكومة بايدن، لكن لم يحدث على أرض الواقع أي تغيير في سياسات واشنطن حول طهران؛ بل ذلك النهج [الحظر والضغط على إيران] لا يزال قائما.

وقال رئيسي إن حكومته مستعدة لاستئناف المحادثات في فيينا. ولكن لم يتم تحديد موعد محدد لاستئناف هذه المحادثات التي جرت 6 جولات منها في الحكومة الإيرانية السابقة.

جولة المبعوث لشؤون إيران

بعد نحو أسبوعين من تلويح الرئيس الأمريكي جو بايدن باعتماد «خيارات أخرى» إذا لم تنجح الدبلوماسية مع إيران خلال استقباله رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، كثفت الإدارة الأمريكية مساعيها بحثاً عن بدائل في حال فشل مفاوضات فيينا النووية المتوقفة منذ أكثر من 75 يوماً.

ووصل المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران روبرت مالي إلى موسكو، أمس، في مستهل جولة تشمل باريس، حيث سيلتقي مسؤولين أوروبيين من أجل بحث الملف النووي الإيراني.

وبينما قال مسؤول أمريكي: «سنبحث في النهج الذي سنتبعه إذا خلصنا إلى أن إيران غير مهتمة بالعودة للاتفاق، أو كان لديها تصور عن عودة بشروط لن تقبل بها واشنطن»، ألمح وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان إلى أن طهران تريد مهلة 3 أشهر حتى تتسلم الحكومة الجديدة الملفات قبل العودة إلى «فيينا».

الخارجية أم الأمن القومي؟

وبحسب المعلومات، تدور نقاشات في طهران بين أركان النظام عن الطرف الذي سيكون مسؤولاً عن المفاوضات هل وزارة الخارجية أم المجلس الأعلى للأمن القومي، غير أن مراقبين يتخوفون من أن تكون طهران تتلكأ خصوصاً بعد ما جرى في أفغانستان، وقد ربطت المفاوضات في فيينا بموعد انسحاب الأمريكيين من العراق المقرر نهاية العام.

في غضون ذلك، عرضت روسيا، الداعم الرئيسي لطهران في ملفها النووي، التحرك من أجل حلحلة الأزمة، وأكد مندوبها الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، استعداد موسكو للحوار مع واشنطن حول العودة إلى الاتفاق الخاص بالبرنامج النووي الإيراني.

وتساءل مراقبون عما إذا كانت موسكو قد تظهر مرونة مع الأمريكيين بشأن الملف الإيراني في حال واصلت واشنطن انفتاحها على حليفها بشار الأسد.

وجاء العرض الروسي للمساعدة النووية قبيل زيارة مرتقبة يقوم بها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد لموسكو للقاء نظيره الروسي سيرجي لافروف بهدف بحث جملة من القضايا الإقليمية في مقدمتها الملف الذري الإيراني والغارات التي تشنها إسرائيل على مواقع سورية بهدف ضرب ما تسميه «التموضع الإيراني».

خشية من العودة إلى مجلس الأمن

وتعبيرًا عن خشية من عودة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي، ومن ثم العودة إلى العقوبات الدولية؛ أشارت صحيفة اعتماد الإيرانية، إلى أن أول علامة على “الوضع الأحمر” في قضية إحياء الاتفاق النووي؛ هو التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأوضحت أن هذا التقرير، مثل جميع تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العام الماضي، قد تأثر ببعض الضغوط السياسية وراء الكواليس، ولكن بشهادة تاريخ قضية إيران على مدى السنوات العشرين الماضية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن أن يكون منصة خطيرة لقرار ضد طهران في الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين، وفي النهاية عودة قضية إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهي العملية التي شهدتها طهران ذات يوم، واليوم بهذه التجربة المكلفة، يمكن ويجب منع تكرارها.

وعلى جانب إيجابي، فوفقا للتقديرات الأولية للإدارة الرئاسية الأمريكية، التي نقلتها مؤخرا صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، من المستبعد أن يتخلى الجانب الإيراني بسهولة خلال المفاوضات عن كل ما تمكن من الحصول عليه.

والأرجح أن موقف طهران في حال استئناف الحوار في فيينا سيكون إقناع نظرائها بضرورة الاعتراف بحقها في الحفاظ على الإمكانات التي اكتسبتها. بالإضافة إلى ذلك، فإن سيطرة القوى المحافظة على الحكومة والبرلمان في إيران يشكلان عامل تشديد حتميا لأساليب التفاوض.

ربما يعجبك أيضا