«مؤتمر المانحين لأفغانستان».. تبرعات سخية وتطلعات لمستقبل أفضل

حسام السبكي

حسام السبكي

برغم الشكوك والريبة التي حامت وما تزال حول مستقبل أفغانستان، تحت ظل حكم حركة طالبان، إلا أن المجتمع الدولي بات أكثر إدراكًا للمعاناة التي يحياها الشعب الأفغاني كل يوم، وعليه استضافت الأمم المتحدة، أمس الإثنين، مؤتمرًا دوليًا للمانحين لدعم أفغانستان، والذي نجح إلى حدٍ بعيد، في جمع تبرعات سخية، مع دعوات للتواصل مع حركة طالبان، بمنطق الأمر الواقع، من أجل ضمان مستقبل أفضل للشعب الأفغاني.

تبرعات مليارية

مع ختام المؤتمر الدولي للمانحين المخصص لدعم أفغانستان، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس الإثنين، أن مؤتمر المانحين لدعم أفغانستان في جنيف تمكن من جمع تبرعات بأكثر من مليار دولار أمريكي.

وقال غوتيريش إن هذا المؤتمر لبى بشكل كامل التوقعات المتعلقة بالتضامن مع الشعب الأفغاني. 

وشارك في مؤتمر جنيف العديد من ممثلي الحكومات من بينهم وزير الخارجية الألماني هايكو ماس.

وكانت تقديرات الأمم المتحدة، قد أشارت في وقتٍ سابق، إلى حاجة أفغانستان لأكثر من 600 مليون دولار لغاية نهاية هذا العام من أجل تجنب أزمة في الغذاء وانهيار الخدمات العامة.

ومنذ سيطرة حركة طالبان على مقاليد السلطة في أفغانستان، تفاقمت أزمة ندرة الغذاء بشكل كبير، خاصًة مع التوقف المفاجئ للمساعدات.

في غضون ذلك، قال عدد من المتحدثين في المؤتمر إن المانحين يقع عليهم “التزام أخلاقي” بأن يواصلوا مساعدة الأفغان مثلما فعلوا على مدى 20 عاما، وحتى قبل سيطرة طالبان على كابول، حيث كان نصف السكان – أو 18 مليون فرد – يعتمدون على المساعدات.

في السياق ذاته، حذر مسؤولون في الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة من أن العدد مرشح للزيادة بسبب الجفاف ونقص السيولة والغذاء.

وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي أمام المؤتمر إن أفغانستان فقدت 40 بالمئة من محصول القمح فيها وإن ثمن زيت الطعام بلغ مثليه وإن معظم الناس على أي حال لا يمكنهم الحصول على النقود لشراء الطعام.

وزير الخارجية الألماني

من جهته أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس زيادة المساعدات للمعوزين في أفغانستان.

وقال ماس خلال مؤتمر المانحين “لقد زادت ألمانيا بالفعل من مساعداتها الإنسانية لأفغانستان والمنطقة بمقدار 100 مليون يورو. ونخطط لتوفير 500 مليون يورو أخرى لدعم أفغانستان والدول المجاورة لها“.

وفي الوقت نفسه، طالب ماس الحكام الجدد في أفغانستان بضمان الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية، قائلا: “على طالبان احترام حقوق الإنسان الأساسية”، وألا تصبح أفغانستان مرة أخرى مكانا يهدد العالم بالإرهاب.

وقال ماس: “تشكيل حكومة انتقالية الأسبوع الماضي مع استبعاد مجموعات أخرى لم يكن الإشارة الصحيحة لتعاون دولي”.

مساهمة أمريكية مشروطة!

بدورها، أعلنت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس في مؤتمر المانحين عن تقديم مساعدات لأفغانستان بقيمة 64 مليون دولار، مطالبة حركة طالبان بتقديم ضمانات مكتوبة في مقابل توفير المساعدات الإنسانية .

وقالت توماس في كلمتها عبر تقنية الفيديو: “الكلمات لم تعد كافية… علينا رؤية أفعال”، مؤكدة على أن حقوق منظمات الإغاثة والنساء والأقليات معرضة للخطر.

وأضافت أن وكالات الإغاثة الإنسانية لا تستطيع القيام بعملها ما لم تف طالبان بهذه الالتزامات الأساسية والمبادئ الإنسانية.

دعم دولي

وإلى جانب الولايات المتحدة وألمانيا، تعهدت النرويج بمساعدات إضافية قيمتها 11.5 مليون دولار.

كما قدمت الصين وباكستان المجاورتان لأفغانستان مساعدات بالفعل.

وأعلنت الصين في الأسبوع الماضي أنها سترسل مساعدات غذائية وطبية قيمتها 31 مليون دولار.

وأرسلت باكستان إمدادات مثل زيت الطعام والأدوية ودعت إلى إنهاء تجميد أرصدة أفغانية في الخارج.

ودعمًا لجهود المانحين، تعهدت دولة الإمارات بتنفيذ مشاريع إنسانية مباشرة في أفغانستان بقيمة 184 مليون درهم 50 مليون دولار أمريكي.

من جهته أكد وزير الدولة الإماراتي أحمد الصايغ أن بلاده ستواصل متابعة الأوضاع في أفغانستان ومستمرة في تقديم الدعم لبنائها.

وقال الصايغ في تصريحات، أمس الإثنين، إن الإمارات دشنت جسرًا جويًا لإجلاء آلاف الأفغان والأجانب من أفغانستان.

كما أرسلت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، 4 طائرات نقلت 60 طناً من المواد الغذائية إلى مطار العاصمة الأفغانية كابول، لتوفير الاحتياجات الغذائية الضرورية للشعب الأفغاني الشقيق بالتعاون مع الجناح الجوي بدبي.

يذكر أن لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية العديد من المشاريع الإنسانية والخيرية في أفغانستان، تشمل تشييد قرية للمعاقين من 200 منزل و4 مساجد ومدرستين ومركز تسوق، وعيادة صحية، ومركز تدريب مهني، ودار زايد للأيتام في قندهار التي اعتمدت مدرسة ثانوية من 7 فصول دراسية، وسكن للطلاب مع المرافق، ومسجد، وصالة لتدريب الأيتام على صناعة السجاد.

وحفرت المؤسسة عدداً من الآبار الأرتوازية لمياه الشرب وتجهيزها بالمضخات والتمديدات اللازمة وبناء أحواض لري المساحات الزراعية استفادت منها عدة مناطق، وبلغ عمق بعض الآبار 100 متر.

أهمية التواصل مع طالبان

وعلى نحوٍ واقعي، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن “من المهم جدا” أن تتواصل المنظمة الدولية مع حركة طالبان لتسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان وتوزيعها.

وقال “يستحيل توفير المساعدة الإنسانية في أفغانستان من دون التواصل مع حركة طالبان في هذه المرحلة“.

وأضاف “أرى أنه من المهم جدا التواصل مع طالبان في هذه المرحلة على صعيد كل الجوانب التي تثير قلق الأسرة الدولية أكان الإرهاب أو حقوق الإنسان أو المخدرات أو طبيعة الحكومة”.

ربما يعجبك أيضا