الأخطاء الطبية في الأردن.. الضغط على المستشفيات وندرة الاختصاص يفاقمان المشكلة

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق 

عمّان – أثارت حادثة وفاة طفلة نتيجة خطأ طبيي داخل أحد أكبر المستشفيات الحكومية في الأردن، غضبا واسعا عم أرجاء المملكة، وسط مطالبة بمحاسبة الطبيب المسؤول عن الحادثة، وضمان عدم تكرار مثل تلك الحادثة التي زادت مثيلاتها مؤخرا. 

وأعلنت وزارة الصحة اليوم الأربعاء، أن فريق الخاص بالتحقيق بالملابسات والمجريات التي رافقت حادثة وفاة الطفلة لين في مستشفى البشير أنهى ما أوكل إليه.

 وأوصى فريق التحقيق بإحالة الموضوع إلى النائب العام المختص لاتخاذ المقتضى القانوني وحسب الأصول.

وكان من المقرر أن يعقد أعضاء لجنة الصحة في مجلس النواب اجتماعا لمناقشة حادثة وفاة الطفلة “لين” إلا أن غياب وزير الصحة فراس الهواري حال دون ذلك. 

وفي وقت لاحق، حضر الوزير الاجتماع، وأقر بما تعانيه المستشفيات الحكومية من ضغط كبير وندرة في أطباء الاختصاص. 

وقال الوزير: إن وزارة الصحة تواجه تحديا كبيرا فيما يتعلق بالكوادر الصحية والتخصصات الطبية النادرة”.

وفي تعقيبه على حادثة وفاة الطفلة لين أبوحطب، قال الوزير إن “الأخطاء الطبية موجودة في كل العالم، وهذه الخسارة غير مقبولة ولا بأي معيار، وهذه خسارة غالية علينا يجب أن نصل إلى أسبابها وعلاجها”.

وكان مدير مستشفيات البشير “أكبر المستشفيات الحكومية في الأردن” الدكتور عبد المانع سليمات، صرح الثلاثاء بأن لجنة التحقيق الداخلية التي شكلت للوقوف على تشخيص حالة الطفلة المتوفاة لين أبو حطب، أدانت 5 أطباء بالتقصير في تشخيص حالتها.

ووفقا للتحقيقات، أخطأ الأطباء في تشخيص حالة الطفلة، بعد مراجعتها لليوم الأول والثاني 2 / و3 /9 /2021، وعندما عادت الطفلة لمنزلها دون تقدير حالة الخطورة.

وهذه ثاني حالة وفاة بخطأ طبي تحدث في الأردن خلال أسبوع. 

ففي مدينة إربد “شمالي المملكة” أعلن عن وفاة سيدة أثناء إجراء عملية جراحية لها داخل إحدى المشافي فيما قال ذووها إن السبب في وفاتها “خطأ طبي” فيما قالت إدارة المستشفى إنها اتبعت كل الخطوات والإجراءات القانونية والطبية مع المرحومة قبيل إعلان وفاتها. 

وعبر ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم بعد حادثة الوفاة حيث طالبوا بإنزال العقوبات بحق المقصرين، والمتسببين بوفاة الزوجة الحامل والأم لثلاثة أطفال.

وتم تحويل الجثة إلى الطب الشرعي حيث فتح المدعي العام تحقيقا بالقضية لتحديد أسباب الوفاة وتحويل المقصرين إلى الجهات القضائية.

318 قضية أخطاء طبية 

ومع تصاعد الغضب من تسبب الأخطاء الطبية بإزهاق أرواح المواطنين في الأردن، كشف أرقام رسمية عن تسجيل 318 قضية أخطاء طبية خلال عامين في المملكة.

وقال رئيس اللجنة الفنية العليا المشكلة بموجب قانون المسؤولية الطبية والصحية للنظر بقضايا الأخطاء الطبية عبدالهادي بريزات، إنه جرى تشكيل لجان فرعية لـ 307 قضايا، وتم استلام 196 تقريرا أوليا من اللجان الفرعية المتخصصة، رُفع منها 170 تقريرا للجهات المختصة.

وأشار بريزات في تصريحات صحفية، إلى أن هنالك 26 قضية قيد الدراسة، وتم استلام 44 شكوى اعتراض، كما يوجد لدى اللجنة 260 خبيرا، حيث إن كل قضية بحاجة إلى 3 خبراء.

وتعد المستشفيات الحكومية الأكثر تسجيلا للأخطاء الطبية في المملكة، وذلك نتيجة لأسباب عديدة في مقدمتها نقص الكوادر الطبية من ممرضين وأخصائيين إضافة لأعداد المراجعين اليومية التي تفوق قدرات هذه المستشفيات على استيعابها. 

ووقع الأردن منذ سنوات، على كلّ الاتفاقيات الدولية المتعلقة في الحق بالصحة، كما أن المملكة عضو فاعل في منظمة الصحة العالمية، والحكومة ملزمة بمواجهة الأخطاء الطبية وما يليها من مسؤولية وضرر وانتهاك لحق الإنسان بالصحة والحياة. 

الأخطاء في كل مهن 

ويقول مختصون في الشأن الصحي” إن الأخطاء موجودة في كل المهن، وأنه يجب محاسبة المخطئ وفقا للقوانين النافذة، بيد أن المنظومة الصحية تلعب دورا في حدوث الأخطاء الطبية.

وقال عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور إبراهيم البدور، إن الأخطاء موجودة في أي مهنة، “فالعمل الطبي ممارسة وأي ممارسة فيها أخطاء”.

وأوضح في تصريح صحفي لموقع “هلا أخبار” التابع للقوات المسلحة، أن قانون المسؤولية الطبية والصحية أقر منذ العام 2018، واصفا إياه بـ “غير الرادع”.

ولفت النائب السابق، إلى أن المشكلة ليست في القانون بل في المنظومة الصحية في الأردن، وذلك في إشارة إلى أن بعض الأطراف لا تعرف دورها، من أطباء وممرضين ومواطنين.

وأشار إلى أن أعداد المراجعين الكبيرة في طوارئ المستشفيات، بحيث يذهب كل من يصاب بالإعياء إلى الطوارئ، بدلا من التوجه إلى طبيب مختص.

ونوه إلى ضرورة التفريق بين المضاعفات الطبية والأخطاء الطبية.

ووفقا لأرقام شبه رسمية، يعمل في الأردن حوالي 30 ألف طبيب وطبيبة، ويعد هذا رقما شحيحا جدا وغير كاف بالنسبة للمستشفيات الحكومية والخاصة على حد سواء في بلد يزيد تعداده السكاني عن 10 ملايين نسمة. 

الأخطاء الطبية في القانون 

في حزيران/ يونيو لعام 2009، قررت وزارة الصحة سحب مشروع القانون المساءلة الطبية من أدراج رئاسة الوزراء لغاية إعادة صياغة بعض مواده، ومنذ ذلك الحين لم يتم إقرار القانون رسميا. 

وإلى الآن، لا يوجد أي نص قانوني يعالج قضايا الأخطاء الطبية.

تنص المادة رقم 4 من قانون المسؤولية الطبية والصحية على أنه “تحدد المسؤولية الطبية والصحية بناء على مدى التزام مقدم الخدمة، ومكان تقديمها بالقواعد المهنية ذات العلاقة ويدخل في تحديدها مكان تقديم الخدمة والمعايير الخاصة بها والعوامل والظروف التي تسبق أو تتزامن أو تتبع عمل مقدم الخدمة والإجراءات الطبية أو الصحية المقدمة لمتلقي الخدمة”.

ربما يعجبك أيضا