غضب فرنسي بسبب فشل «صفقة القرن».. والصين تهدد أستراليا

محمود سعيد
أستراليا

رؤية – محمود سعيد

مجددا تلقت فرنسا ضربة اعتبرها وزير خارجيتها جان إيف لودريان “طعنة في الظهر”، حيث أعلنت أستراليا فسخ عقد ضخم بقيمة 90 مليار دولار أسترالي (56 مليار يورو) أبرمته مع الحكومة الفرنسية في 2016 لشراء غواصات تقليدية، مفضلة عقد شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة وبريطانيا وشراء غواصات أمريكية تعمل بالدفع النووي، وذلك بعدما وقعت معاهدة أمنية ثلاثية “أوكوس” خلال قمة للرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيسي الوزراء البريطاني بوريس جونسون والأسترالي سكوت موريسون.

واختارت الحكومة الأسترالية في 2016 مجموعة “نافال غروب” الفرنسية للصناعات الدفاعية، بحسب وسائل إعلام فرنسية، لشراء 12 غواصة ذات دفع تقليدي (غير نووي) التي انبثقت عنها في ما بعد الغواصات الفرنسية ذات الدفع النووي من طراز “باراكودا”.

لكن رئيس الوزراء الأسترالي فسخ العقد الضخم وألغى الصفقة المليارية الضخمة دون سابق إنذار، باريس ردت وقالت إنها لا تستبعد طلب تعويضات بعد إلغاء أستراليا صفقة شراء غواصات، كما هاجمت إلغاء الصفقة بشكل علني غير مسبوق واعتبرتها “خيانة”.

بدوره رأى وزير الدفاع الأسترالي أن: “الغواصات التي تقدمها فرنسا ليست متطورة كتلك التي تقدمها الولايات المتحدة ونحن قرارنا بشراء الغواصات الأمريكية لتعزيز أمننا القومي وتعزيز أمن المنطقة”.

وبحسب “سي إن إن” فإذا ساعدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أستراليا في الحصول على قدرة الإبحار للغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، فسيؤدي ذلك بشكل فعال إلى إضفاء الشرعية على الاستحواذ على الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية من قبل جميع البلدان.

السفارة الفرنسية في واشنطن ألغت الاحتفال بالذكرى 240 لمعركة “تشيزبيك” التي كانت سببًا في هزيمة القوات البريطانية خلال حرب الاستقلال الأمريكية.

الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا

وكانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا كشفوا يوم الأربعاء الماضي عن تعاون جديد لتزويد أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية، وفي بيان مشترك صدر في ختام القمة تعهدت لندن وواشنطن بشكل خاص “مساعدة أستراليا في الحصول على غواصات تعمل بالدفع النووي”. ومثل هذا الإعلان نقطة تحول استراتيجي لا سيما وأنها المرة الأولى التي ستشاطر فيها الولايات المتحدة مثل هذه التقنية الحساسة مع دولة أخرى غير بريطانيا.

واعتبرت فرنسا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اتخذ “قرارا مفاجئا” على طريقة “ترامب”، إثر الإعلان عن شراكة استراتيجية بين واشنطن وكانبيرا ولندن أدت إلى فسخ عقد ضخم وقع في 2016 لشراء أستراليا غواصات فرنسية.

وانتقد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ووزيرة الجيوش الفرنسية بشكل صريح أيضا الرئيس الأمريكي بايدن الذي اتهماه بسحق حلفائه. وصرح لودريان ههنا بأن “هذا القرار الأحادي والمفاجئ وغير المتوقع يشبه كثيرا ما كان يفعله السيد ترامب”.

كما قال المسؤول الفرنسي “تبلغنا فجأة عبر تصريح للرئيس بايدن أن العقد المبرم بين فرنسا والأستراليين توقف، ثم أن الولايات المتحدة ستقترح عرضا نوويا على الأستراليين لا نعرف مضمونه”. مؤكدا أن “ذلك غير مقبول بين الحلفاء (…) كنا نتحدث عن كل هذه الأمور مع الولايات المتحدة منذ وقت قصير وجاء هذا الانفصال. إنه أمر لا يحتمل”.

غضب فرنسا

فيما وصف لودريان، قرار الحكومة الأسترالية التراجع عن عقد غواصة مع شركة تصنيع فرنسية بأنه خيانة للثقة، وذلك في حديث لمحطة “فرانس إنفو” الإذاعية الفرنسية، وقال: “أتحدث بأدب، إنها طعنة حقيقية في الظهر”، وأضاف: “هذا لم يتم بين الحلفاء”، في إشارة إلى عامين من المفاوضات التي سبقت الصفقة. ولعب لو دريان دورًا رائدًا في هذه المحادثات التي بدأت في عام 2014. وكان من المقرر أن تستمر الصفقة 50 عامًا.

وأضاف إنه يشعر بالقلق أيضًا من سلوك الحكومة الأمريكية تجاه هذا الاتفاق الجديد، مُعتبرًا أن “هذا القرار القاسي والأحادي الجانب يشبه إلى حد كبير ما كان يفعله السيد ترامب”.

وكان لودريان هو الذي توصل إلى هذا العقد مع حكومة كانبيرا عندما كان وزيرا للدفاع. من جهتها لم تستبعد وزيرة الجيوش فلورانس بارلي طلب تعويضات “للحد من العواقب على مجموعة نافال”.

سنطالب بتعويضات

بدورها، قالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في حديث عبر إذاعة فرنسا الدولية “إر إف إي” إن فسخ أستراليا العقد قرار “خطير” على صعيد السياسة الدولية ويشكل “نبأ سيئا جدا بالنسبة لاحترام الكلمة المعطاة”، وأضافت: “نحن مدركون تماما للطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع حلفائها وشركائها” ولدى سؤالها عن تعويضات محتملة، أجابت بارلي “سندرس كافة المسارات” مع محاولة “الحد قدر الإمكان من العواقب على مجموعة نافال”.

تبرير أمريكي

البيت الأبيض قال من جانبه: “تحدثنا مع المسؤولين الفرنسيين قبل إتمام صفقة بيع الغواصات إلى أستراليا، ونحن نقدر علاقتنا مع فرنسا وشراء أستراليا تقنيات أمريكية شأن يخص الأستراليين.

وعلى العكس نقلت نيويورك تايمز عن مسؤول فرنسي إنه: “تم رفض محاولات لحكومة فرنسا للتحدث مع بلينكن وسوليفان بشأن الصفقة”، وأضافت “مسؤولون فرنسيون بواشنطن وصفوا إعلان بايدن عن صفقة غواصات لأستراليا بالمتهور والمفاجئ.. و إدارة بايدن فاجأت فرنسا والأمريكيون أخفوا معلومات عن الصفقة مع أستراليا”.

الصين تحذر أستراليا

في سياق متصل، شجبت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية، التي تديرها الدولة الاتفاقية الثلاثية، وحذرت من الهزيمة المميتة للجيش الأسترالي، وقالت الصحيفة، المعروفة بانتقادها لمنتقدي الصين بعبارات عدائية، إن القوات الأسترالية ستكون على الأرجح أولى القتلى

وستدعم الاتفاقية أستراليا في الحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية وتمكينها من القيام بدوريات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وكان البيت الأبيض قد اشار إلى أن الشراكة هي الخطوة الأولى التي يتجه إليها الحلفاء الأوروبيون للولايات المتحدة للتركيز على التعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

نيوزليندا

في سياق متصل، أعلنت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا آرديرن أن الحظر الساري منذ عقود على دخول أي قطعة بحرية نووية مياه بلادها، سيسري على الغواصات التي تعتزم حليفتها الأوثق أستراليا الحصول عليها بفضل شراكة أبرمتها لتوها مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وصرحت آرديرن في بيان “موقف نيوزيلندا المتعلق بمنع القطع البحرية التي تسير بالدفع النووي من دخول مياهها لم يتغير”. مضيفة أن نظيرها الأسترالي سكوت موريسون أطلعها على عزم بلاده على بناء غواصات تعمل بالدفع النووي بمساعدة من الولايات المتحدة وبريطانيا.

ربما يعجبك أيضا