الذكرى السنوية الأولى لاتفاقيات السلام.. هل تنضم دولٌ عربية جديدة؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

بعد مرور العام الأول على ذكرى اتفاقيات السلام التي أبرمتها ثلاث دول عربية مع إسرائيل، دعت واشنطن في ذكراها الأولى لانضمام دول أخرى في مسار من شأنه أن يعيد المنطقة إلى الاستقرار والسلام وترتيب الأولويات الإقليمية ومناهضة التهديدات الأخرى الخطيرة والتي هددت الأمن والسلم الإقليمي بل وحولت عدد من دول المنطقة لدول هشة وأرض خصبة للإرهاب والمليشيات المسلحة.

عام مضى على توقيع الاتفاق الإبراهيمي بين الإمارات والبحرين وإسرائيل، الذي منح فرصة حقيقية لدول الشرق الأوسط بأن تنعم بالسلام والاستقرار، بعد عقود طويلة من الصراعات والتوترات التي أثرت على مستقبل شعوبها.

الذكرى الأولى

أعلنت الولايات المتّحدة أنّ وزير خارجيتها أنتوني بلينكن عقد اليوم الجمعة، اجتماعاً عبر الفيديو مع نظرائه الإسرائيلي والإماراتي والبحريني والمغربي للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لتوقيع “الاتفاق الإبراهيمي” بين الدول العربية الثلاث، معربة عن أملها بأن يمثّل هذا التوجه خطوة نحو “سلام تفاوضي بين إسرائيل والفلسطينيين”.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنّ بلينكن سيجمع وزراء خارجية كلّ من إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب “للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لتوقيع الاتفاق الإبراهيمي والبحث في سبل ترسيخ الروابط وبناء منطقة أكثر ازدهاراً”.

ويشكّل الإعلان عن الاجتماع واستخدام عبارة الاتفاق الإبراهيمي إقراراً تامّاً لإدارة الرئيس جو بايدن بما وصفته إدارة سلفه دونالد ترامب بأنّه علامة نجاح لسياستها الخارجية، لا سيّما وأنّها المرة الأولى التي تربط فيها الإدارة الديمقراطية بين هذه الاتفاقيات وحلّ النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.

لحظة تاريخية

ففي 15 سبتمبر من العام الماضي، وقعت الإمارات اتفاقا لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وذلك في البيت الأبيض برعاية وحضور الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تزامنا مع توقيع البحرين اتفاقا مماثلا.

ومثّل التوقيع على معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية “لحظة تاريخية فارقة” حسب وصف ترامب حينها، ومنذ هذا الوقت جرت إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين أبوظبي وتل أبيب، جنبا إلى جنب مع توقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات متعددة، على رأسها التكنولوجيا والاتصالات والطيران المدني والرعاية الصحية والسياحة.

وهذا ما ذهب إليه وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، خلال كلمته بحفل توقيع المعاهدة، عندما قال إن الاتفاقية “تعد إنجازا تاريخيا لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات. لن يتوقف أثرها الإيجابي، بل إننا نؤمن بأن ثمارها ستنعكس على المنطقة بأسرها، فكل خيار غير السلام سيعني دمارا وفقرا ومعاناة إنسانية”.

السلام مع الفلسطينيين

وزير الخارجية الأمريكي ذكر أيضا “نحن نبني على هذه العلاقات لتحسين حياة الفلسطينيين، والتقدم نحو دفع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.

ومضى قائلا: “يستحق الإسرائيليون والفلسطينيون تدابير متساوية من الحرية والأمن والفرص والكرامة”، مضيفا أن “الولايات المتحدة ستعمل على تعميق علاقة إسرائيل طويلة الأمد مع مصر والأردن”.

وبدوره، أشار وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في الاجتماع إلى أن إقامة العلاقات مع إسرائيل “هو بحق أحداث تاريخية تخلق أملا جديدا وتفتح الطريق نحو فرص غير مسبوقة”.

وقال: “أؤكد التقدير المغربي العالي لدور الولايات المتحدة الأمريكية في هذه العملية، والاتفاقيات هي تعبير عن نوايا حسنة”.

ولفت الوزير المغربي إلى أن العديد من الأنشطة التي تمت بالفعل بين البلدين، بما فيها زيارات وزارية واتفاقيات ثنائية وافتتاح مكاتب ارتباط واتصالات بين رجال أعمال من البلدين وتسيير الرحلات المباشرة.

بوريطة قال أيضا: “نتوقع أن يقوم مليون سائح إسرائيلي بزيارة المغرب”.

وشدد على “أهمية إعادة إطلاق عملية السلام”، مضيفا “يعتقد المغرب أنه لا بديل لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو/حزيران 1967، والحفاظ على وضع القدس كتراث للبشرية ورمز التعايش السلمي بين أتباع الأديان الثلاثة”.

وأشار بوريطة إلى أن “هناك حاجة لنظام إقليمي جديد تكون إسرائيل شريكا فيه”، متابعا “لا يجب النظر إلى هذا النظام الإقليمي على أنه معاد لأحد، وعلى العكس فهو لفائدتنا جميعا ويوفر الفرص لتحقيق الاستقرار والتنمية للجميع”.

زيارة تاريخية للبحرين

من جهته، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد خلال الاجتماع أنه سيزور البحرين نهاية الشهر الجاري كأول وزير خارجية إسرائيلي يقوم بهذه الزيارة.

وقال: “اتفاقيات إبراهيم مفتوحة أمام انضمام المزيد من الدول وأحد أهدافنا هو انضمام المزيد من الدول إلينا من أجل منطقة جديدة من التعاون والصداقة”.

وأضاف: “في نهاية الشهر الجاري، سأزور البحرين للمرة الأولى كوزير إسرائيلي”.

وتابع لابيد “منذ التوقيع على اتفاقيات إبراهيم تم تعيين سفراء وتم افتتاح سفارات وأطلقنا رحلات جوية مباشرة وهناك زيارات متبادلة، ووقعنا عشرات الاتفاقيات”، مضيفا “هناك المزيد من الاتفاقيات التي سيتم توقيعها وهناك 650 مليون دولار من التجارة المباشرة وعشرات الملايين الأخرى في اتفاقيات أخرى”.

وأضاف “هناك تعاون أكاديمي مع الإمارات والبحرين والمغرب وسنعمل في السنوات القادمة على مشاريع استراتيجية في مجالات البنية التحتية خاصة المياه والطاقة والأمن والغذاء والربط، وكل هذا سيتم على المستوى الإقليمي”.

وأعلن لابيد عن اتصالات ما بين الأطراف حول مشاريع كبيرة في المنطقة، وقال: “قبل أيام أطلقت مشروعي “الاقتصاد مقابل الأمن” في غزة وذلك في محاولة لإحداث الاستقرار بالجانب الفلسطيني وأنا أدعوكم جميعا للانضمام إلى هذه المبادرة التي ستساعد في تحسين الاقتصاد الفلسطيني والمساعدة في استقرار المنطقة بأكملها”.

محطات وإنجازات تتوج جهودا متسارعة لتطبيق معاهدة السلام التاريخية على أرض الواقع، وتعكس رغبة صادقة في أن يسهم التعاون بين الجانبين في النهوض بالمنطقة وتوثيق العلاقات بين الشعوب.

وبقرارها الشجاع والتاريخي نجحت الإمارات في وقف ضم إسرائيل لأراض فلسطينية، بما يعني إنقاذ 30% من الأراضي الفلسطينية وأكثر من 100 ألف فلسطيني كانوا معرضين للطرد، وإنهاء 6 سنوات من الجمود، وإبقاء الأمل في إقامة دولة فلسطينية.

أيضا فتحت الإمارات الباب أمام العرب لتوسيع آفاق الاستقرار، حيث انضمت البحرين والسودان والمغرب لقطار السلام، مؤكدين صواب الرؤية الإماراتية في إمكانية نجاح لغة الحوار لتحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.

ربما يعجبك أيضا