في ظل حكومة طالبان.. ماذا ينتظر الاقتصاد الأفغاني؟

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

يواجه اقتصاد أفغانستان غير المستقر حزمة من التحديات بشكل عام بسبب الأزمات والتحديات التي واجهتها “كابول” على مدار سنوات عديدة بفعل الحروب والصراعات.

حذر صندوق النقد الدولي من تأثيرات عدم الاستقرار وسيطرة حركة طالبان على مدن البلاد ومؤسساتها السيادية، قد يؤدي الى اهدار كل الإمكانات الاقتصادية المتوفرة في أفغانستان على قلتها. وتوقع الصندوق أن تنهار قدرات أجهزة الدولة على تقديم خدمات تعليمية وصحية ولوجستية للسكان، خلال أقل من عام على سيطرة الحركة. وتأتي صعوبة الاختبار أن تاريخ الأمم لم يشهد قدرة جماعة مسلحة على إدارة ملف الاقتصاد بطريقة تحقق مصالح وأمال المواطنين الأمر الذي يشي بأن البلاد التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات والإعانات مقبلة على أيام صعبة، وأكبر دليل على ذلك قرار إدارة الرئيس الأمريكي جون بايدن بتجميد 9.5 مليار دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني ووقف شحنات النقد إلى البلاد.

أيضًا أوقفت الحكومات الأوروبية مساعداتها التنموية، كما أوقف صندوق النقد الدولي الوصول إلى حقوق السحب الخاصة لأفغانستان، كما ستفرض الحكومات الغربية والوكالات المتعددة الأطراف والجهات المانحة شروط صارمة على استئناف التمويل، إذ ستعتمد المساعدات على حفاظ طالبان على العديد من الحريات- خاصة للنساء- التي حصل الناس عليها في غيابهم، وعلى منع عودة ظهور الجماعات الإرهابية مثل تنظيمي القاعدة وداعش، والتزام حركة طالبان بتعهداتها الخاصة بعدم انتهاك حقوق الإنسان وملف الحريات.

أزمات ومساعدات

البيانات الرسمية للأمم المتحدة تؤكد أن الميزان التجاري الأفغاني يعاني عجزًا خلال العام الماضي، فقط بلغ نحو 4.66 مليار دولار، وأن 30% من الناتج المحلي الإجمالي ويتم تمويله بالكامل من تدفقات المنح الوافدة، التي باتت غير مضمونة وفق المعطيات الحالية؛ فالكثير من الدول يرهن مساعدتها بسلوك حركة طالبان في الحكم مع الأخذ في الاعتبار أن الدول المانحة كانت قد رصدت حزمة من المساعدات بلغت 20 مليار دولار في الفترة بين 2021 و2025 أصبح مصيرهًا غامضًا في الوقت الراهن.

وأكدت إحصائية حديثة عن الأمم المتحدة، أن نصف المجتمع الأفغاني يعيشون تحت خط الفقر، وتبلغ نسبة البطالة أكثر من 40%، ونحو نصف الشعب الأفغاني يعمل بالزراعة، المجتمع الدولى يخشى أن تتحول أفغانستان في ظل أزمتها الاقتصادية إلى التوسع في زراعة وانتاج الأفيون التي تتربع حاليًا على قمته ويزيد إنتاجها على إنتاج الدول الأخرى مجتمعة، حيث تنتج سنويًا أكثر من 9 آلاف طن، كما ارتفعت مساحة زراعة الخشخاش لتصل إلى 328 ألف هكتار، فيما تقلص عدد الولايات الأفغانية الخالية من هذه الزراعات إلى 10 ولايات بعد أن كان 13.

مخاوف كبيرة

بعد تشكيل حكومة طالبان الأخير زادت المخاوف على الاقتصاد الأفغاني، إذ احتكرت الحركة جميع المناصب واستبعدت أطياف المجتمع الأفغاني من المعادلة، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار ويزيد من احتمالات الفوضى الأمر الذي يضر حتمًا بالوضع الاقتصادي إذ يتطلب برامج برامج إصلاحية وهيكلة لكافة القطاعات حتى تستطيع التعافي من آثار الحروب، كما سينتظر المستثمرون الغربيون الإذن من حكوماتهم، مع الأخذ في الاعتبار اتجاه الرأي العام في بلادهم، إذ ستدرك معظم الشركات الأمريكية والأوروبية رد الفعل المحلي المحتمل ضد ممارسة الأعمال التجارية، بشكل مباشر أو غير ذلك، مع طالبان.

وفي الوقت الذي هددت فيه الدول الغربية بعدم العمل مع طالبان عقب سيطرتها على العاصمة كابول، تتزاحم الصين وروسيا وباكستان للبدء في تدشين أعمال تجارية مع طالبان ما يزيد من إذلال الولايات المتحدة وأوروبا على الساحة الدولية على خلفية سقوط أفغانستان.

الأفيون والثروات

في سياق متصل، أكدت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بأن حركة طالبان كانت تشارك في تجارة الأفيون، وبأن هذه التجارة تعتبر مصدرًا رئيسًا وتظهر أحدث الأرقام المتاحة أن صناعة الأفيون في 2019 حققت مكاسب تتراوح بين 1.2 مليار دولار و2.1 مليار دولار، متجاوزة بذلك قيمة الصادرات القانونية للبلاد.

ووفق بنك التنمية الآسيوي يعيش نحو 47.3% من الشعب الأفغاني تحت خط الفقر، وهناك 34.3% من العاملين يقل دخلهم عن 1.90 دولار يوميًا. يشار إلى أن أفغانستان تحتل المركز 173 في ترتيب اقتصادات العالم الذي يضم 190 دولة، وزادت معاناتها في ظل انتشار وباء كورونا في مختلف مناطقها.

ويقول الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الدولي، محمود البتاكوشي، في تصريحات خاصة: الغريب في الأمر أن أفغانستان تمتلك ثروات طبيعية كبيرة عبارة عن رواسب معدنية بكميات ضخمة، وتبلغ قيمتها أكثر من تريليون دولار وهو أكبر بكثير أي احتياطات معروفة سابقًا وتكفي لتغيير الاقتصاد الأفغاني بشكل أساس، ولكن كل ذلك يحتاج إلى استقرار ونظام قادر على إدارة الموارد وتوفير بيئة قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية وهو ما لا يتوفر حتى الآن من حركة طالبان خاصة أن هذه الثروات الطبيعية والمعادن كانت موجودة في التربة منذ تسعينيات القرن الماضي، ولم تتمكن طالبان من استخراجها وقت أن كانت في الحكم في الفترة من 1996 وحتى 2001.

ربما يعجبك أيضا