مركز فاروس: الساحل والصحراء بين الاقتصاد والاستثمار وظاهرة الإرهاب

يوسف بنده

رؤية

نشر مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، دراسة أعدتها د. سالي محمد فريد، أستاذ الاقتصاد المساعد بكلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة، حول الثروات والاقتصاد وفرص الاستثمار في دول الساحل والصحراء وسط تحديات أهمها ظاهرة الإرهاب.

وقد جاء في الدراسة: تتركز الثروات في الساحل والصحراء في المدن الكبرى وفي العواصم ويستقر السكان في المناطق الخصبة رغم محدودية مساحتها على حساب المساحات الكبرى قليلة السكان والجافة، مما سرع من وتيرة التمدن وما يرافقه من استمرار للفقر والحرمان فالثروات التي تحتويها أراضي الساحل لا يستفيد منها إلا الشركات المستغلة والفئات التي تدور في فلكها. هذا بالإضافة إلى ما تواجهه دول المنطقة مثل النيجر وتشاد ومالي وبوركينافاسو وموريتانيا من أزمات مُزمِنة مثل انتشار الإرهاب وتوسُّع رقعة الفقر والمجاعة والصراعات الإثنية والقبلية، وإنشاء قاعدة عسكرية في غرب أفريقيا، خاصة في النيجر قرب الحدود مع ليبيا.

وتعد منطقة الساحل نموذجًا لمدى قدرة الإرهابيين على استغلال كل أشكال الهشاشة، لكي يجدوا لأنفسهم على حسابها مرتكزات وجود وتكاثر، كما لو أن الأمر أشبه ما يكون بطفيليات تتكاثر على كل جسم استسلم لعوامل المرض والضعف. لقد استطاعت التنظيمات الإرهابية أن تستغل الهشاشة الجغرافية للمنطقة، التي تتأرجح بين المناطق الصحراوية الشاسعة، وبين المناطق الاستوائية التي يغلب عليها الطابع الغابي، وهو ما سمح لها بأن تجد بسهولة مهربا ومخبئا استراتيجية، تصَعِّب مهمة ضبطها ومحاربتها. كما استغلت الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية السائدة، حيث تعد المنطقة من أفقر بقاع العالم كما أنها منطقة تهريب مفتوحة لا يحسب فيها شأن للحدود المحلية، الأمر الذي يجعل جزءًا كبيرًا من التبادلات يتم في إطار غير رسمي، وبالتالي يوفر مناخًا مناسبًا للفساد المالي، وهو وضع يزيد في تعقيد مهام محاربة الإرهاب، على اعتبار أن هذا الأخير يجد سهولة أكبر في تمويل عملياته، وكذلك في الخروج من قبضة القانون، الذي لا يبدو أنه يملك صلاحيات صارمة وحاسمة في المنطقة.

وهذا الوضع والظروف الاقتصادية شجع الإرهابيين على أن يقدموا أنفسهم كبديل عن الدول نفسها، فجعلوا يجْبُون من السكان إتاوات باسم جمع الزكاة، ويروجون لأنفسهم كضمانات للأمن أكثر مما تستطيعه الجيوش النظامية، وذلك في إطار بروباجندا تحاول تبييض الوجه الدموي للتنظيمات الإرهابية. وبسبب قلّة مصادر الدخل البديلة في المنطقة وعدم وجود أي مصدر قادر على منافسة المكاسب التي يمكن تحقيقها بفضل النشاط الإجرامي، فإن اتخاذ خطوات قوية لتفكيك الشبكات الإجرامية يمكن أن يضرّ أكثر مما ينفع. ولعل أفضل ما يمكن أن تقوم به الأطراف الخارجية هو تقديم يد العون في إضعاف الشبكات الإجرامية في شمال مالي، تدريجيًا عن طريق وضع مقاربة دولية متماسكة للحدّ من عمليات دفع الفدية، والتي تعدّ أحد مصادر التمويل الرئيسية للتنظيم، والمساعدة في تعزيز التعاون الإقليمي.

ويمكن القول أنه على دول الساحل والصحراء، أن تعكف على تقوية أساس رأس المال البشري لديها. ولن تكون هذه بالمهمة الهينة، وإن كانت الخبرة تبين أنها مهمة ممكنة في حال توافر استثمار مستدام، وتنسيق وثيق، ونهج شامل.

إنَّ النمو الاقتصادي قادر على إحداث تحولات في المجتمعات، وتعزيز الرخاء، وتمكين المواطنين من النجاح والازدهار، ولكن حتى يعود النمو الاقتصادي بالنفع على أفقر أفراد المجتمع يجب أن يصاحبه خلق وظائف أكثر وأفضل، وهو أحد السبل الرئيسية للخروج من الفقر. ولذلك، لا يزال خلق الوظائف من أهم الأولويات الإنمائية لدول الساحل والصحراء وتحديًا جسيمًا.

للاطلاع على الدراسة كاملة، اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا