كابوس «حقوقي» يؤرق هولندا .. و«الأحفاد» يطالبون بدفع الثمن

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

أمستردام – العبودية ما زالت القضية الأهم والكابوس الأصعب في  هولندا، وعلى الرغم من اعتذار عمدة أمستردام هالسيما العام الماضي عنه، إلا أن أحفادهم يطالبون هولندا بالاعتذار الرسمي، والأكثر من ذلك تغيير اللقب العائلي بلقبهم الأصلي وتحمل تكاليف البحث عن اللقب في القارة الأفريقية، كرد اعتبار عن زمن العبودية، وقالوا  هولندا حصلت على تعويضات من ألمانيا بالملايين عن الحرب العالمية الثانية، عليها أيضا  أن تعوض كل الأحفاد بالبحث عن أصولهم الأفريقية مع الاعتذار الرسمي والتعويض المادي.

ومن جانبه قال رينيه أدريان من الحقوقيين وواحد من الأحفاد كما يطلق على نفسه، أنه خلال حقبة  VOC المزدهرة “العصر الذهبي” ، كانت هولندا نفسها تبحث عن الثروة في جميع أنحاء العالم لإثراء مملكتها، وأكد أن هولندا تفتخر وتكرم قراصنة وسائقي العبيد الذين أسماؤهم كأبطال تظهر المباني الضخمة والجسور والأنفاق والساحات وذلك حسب موقع إن أو إس الهولندية.

وقد طالب بادريان من هولندا “الملك والملكة ، الحكومة والمجتمع” أن يكون كل عام في الأول من يوليو الاحتفال رسميًا بذكرى 300-400 عام من العمل القسري اللاإنساني وانتهاك حقوق الإنسان. لأن ما كان يعنيه “العصر الذهبي” لهولندا كان جحيمًا على الأرض لجميع ضحايا العبودية عبر المحيط الأطلسي. وقال يجب ألا يمر حزنهم وألمهم  بدمائهم وعرقهم ودموعهم بدون اعتراف والندم  أمام الشعب.

وطالب كل من يؤمن بحقهم بالانضمام  ببيان مع Keti-Koti في 1 يوليو تكريما للضحايا وإلغاء الرق والتوعية ضد العبودية.لأنه بقدر ما كانت الحرب العالمية الثانية فظيعة ، كانت العبودية سيئة وربما أسوأ. وهذا لا ينبغي أن يحدث مرة أخرى.

يجب أن يكون سكان سورينام وجزر الأنتيل في هولندا قادرين على تغيير لقبهم مجانًا إذا كان نابعًا من الماضي الاستعماري. جدعون إيفر دويم ، عضو البرلمان عن دينك في شمال هولندا ، يجادل في هذا. لكن أحفاد العبيد يريدون المزيد: البحث عن جذورهم الأفريقية يجب أن تموله الحكومة الهولندية

يبدو رينيه أدريان من أمستردام مندهشًا من المؤرخ كوين فان جال ين عندما يخبره من أين أتى اسمه الأخير. كان أدريان ، وهو هولندي من أصل سورينامي ، مقتنعًا تمامًا بأن اسمه نشأ في عام 1863 ، عندما ألغيت العبودية بموجب القانون، وكان لابد من إعطاء جميع المستعبدين لقبًا في ضربة واحدة

أوترخت توافق على تغيير الأسماء السخيفة

قرر مجلس مدينة أوترخت إلغاء الرسم البالغ 835 يورو والإجراءات البيروقراطية لمساعدة الناس على التخلص من “أسماء العبودية” الخاصة بهم وإتاحة خيار تبني اسم يعترف بأصولهم الأفريقية.

بموجب القوانين الهولندية الحالية، إذا كنت تحمل لقبا سخيفا مثل أن تكون ترجمته سيئة وتصيب صاحبها بالإحراج”، فلا يوجد شرط لإثبات أنه غير مرغوب فيه. ومع ذلك، إذا كان اسمك ترجع أصوله إلى الإرث الاستعماري الهولندي، فغالبا ما يتطلب إجراء فحص نفسي مكلف بالإضافة إلى الرسوم.

الجدير بالذكر أن صحيفة الجارديان البريطانية نشرت تقريرا أشارت فيه إلى أن المعهد الدولي للتاريخ الاجتماعي أجرى بحثا العام الماضي نيابة عن بلدية أمستردام، وأنه قام بوضع النتائج التي توصل إليها في كتاب يكمل اسم «أمستردام وتاريخ العبودية»

وحسب الصحيفة تلقى سكان في مدينة أمستردام نسخا من كتاب مجاني يكشف عن علاقة العاصمة الهولندية بالعبودية، في حين برر نائب عمدة المدينة جروب واسكنك، هذا التحرك بضرورة تقديم الحقائق للمواطنين وألا يخشوا الحوار بشأن تلك القضية.

تاريخ العبودية بالنسبة للأوروبيين كان يعنى العالم الجديد

 منذ العبور العظيم لكولومبوس للمحيط عام 1492 كان الأوروبيون يستوطنون في ما أسموه العالم الجديد على حساب السكان الأصليين. بدأ البرتغاليون هذا من خلال إقامة مزارع السكر في البرازيل و تشغيلها من قبل العبيد الذين تم إحضارهم من إفريقيا. تبنت كل القوى الاستعمارية الأوروبية هذه السياسة حيث نقلوا معاً في غضون مائتي عام أكثر من اثني عشر مليون إفريقي بتجارة العبيد الممتدة عبر المحيط الأطلسي، و نقل الهولنديون أنفسهم ما يزيد عن 550000 من هؤلاء العبيد. سجّل بعض الفنانين قدرهم التعيس من خلال اللوحات

بدأت تجارة العبيد الهولندية عام 1621 بتأسيس شركة الهند الغربية الهولندية (WIC). أُرسلت سفن الشركة في الأصل كسفن قرصنة و لشنّ الحرب على الأسطول الإسباني-البرتغالي. في عام 1628 استولى الأدميرال بيت هين على الأسطول الفضي الإسباني و في عام 1638 خسر البرتغاليون حصن

سانت جورج ديل مينا  في غانا الحالية لصالح شركة WIC. بالإضافة إلى أن أجزاء من البرازيل تم احتلالها (1624 – 1654)، و في عام 1665 تمّ الاعتراف بمطالبة الجمهورية بحقوقها الاستعمارية على ما يسمى بـ “الوايلد كوست” (سورينام وبير بايس و ايسكو يبو-ديمراي) وجزر الأنتيل في أوروبا وبونير وكوراكاو  وسانت مارتين وسانت اوستاتيوس و سابا

أصبح الهولنديون لاعبين مهمين في المنطقة الأطلسية كقوة استعمارية وتجّار عبيد. احتكرت شركة WIC تجارة العبيد لغاية عام 1730. وبعد ذلك كبرت شركة كوميرشال ميدلبورغ (المؤسسة عام 1720) لتصبح أكبر شركة هولندية لتجارة العبيد ببيوت مزاد متنوعة في روتردام وأمستردام تنافس شركة WIC. وصلت تجارة العبيد الهولندية ذروتها حوالي عام 1770 ناقلة حوالي ستة آلاف عبد كل سنة، حيث تزايدت هذه الأعداد بسرعة في السنوات التالية.

لم يتقبل كل العبيد قدرهم، وخصوصاً في سورينام فرّ العديد من العبودية عبر الهرب بعيداً حيث استقروا في الأدغال و بنوا مجتمعاتهم الخاصة بجانب مجتمعات الهنود. تمّ الإشارة إلى هؤلاء العبيد الفارين بـ “العبيد الآبقين” (مارينز) و”زنوج الأدغال” (بوش نيغروز). إضافة إلى قيام ثورات عبيد متواصلة صغيرة وكبيرة في المزارع والمدن. قامت أكبر ثورة للعبيد عام 1795 في كيوراسول بقيادة تولا  الذي طالب بالحرية مستمداً إلهامه من أهداف الثورة الفرنسية ونجاح ثورة العبيد في سانت دومينيك (هايتي ). ورغم ذلك دفع تولا حياته ثمناً لحريته.

في نهاية القرن الثامن عشر تعاظم الغضب ضد تجارة العبيد، و كان هذا هو الحال أيضاً في هولندا على الرغم من سيطرة مصالح مالكي العبيد على النقاشات أغلب الأحيان. وبضغط من الإنكليز تمّ منع تجارة العبيد عام 1814. وفي هولندا لم ينفّذ إبطال عمالة العبيد و العبودية إلا لغاية 1 تموز 1863 مما جعلها واحدة من البلدان المتأخرة جداً في أوروبا بإعتاق عبيده

ربما يعجبك أيضا