تشكيل المستقيلين من النهضة لحزب جديد.. مأزق جديد يواجه الغنوشي

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

دخلت حركة النهضة الإسلامية التونسية في منعطف خطير للغاية يهدد وجودها بسبب ارتفاع عدد المستقيلين من الحركة التي حملت مسؤولية الأزمة السياسية والاقتصادية في تونس.

وقدم 131 قياديًا في الحركة ينتمون لما يوصف “بالتيار الإصلاحي” استقالتهم معللين ذلك بما وصفوه بـ”الإخفاق في معركة الإصلاح الداخلي.”

كما برّر الموقعون على بيان الاستقالة قرارهم بأنهم اختاروا تغليب التزامهم الوطني بالدفاع عن الديمقراطية والتحرر على الإكراهات المكبّلة التي أصبح يمثلها الانتماء لحزب حركة النهضة.

كما حمل الموقعون قيادة الحركة المسؤولية فيما انتهى إليه الوضع العام بالبلاد من تدهور الوضع السياسي واتخاذ الرئيس قيس سعيد لتدابيره الاستثنائية.

ورغم زلزال الاستقالة لكن بعض المراقبين يرون أن الخطر الحقيقي الذي سيعصف بالغنوشي هو نية المستقيلين تأسيس حزب جديد سيكون منافسا حقيقيا على استمالة القواعد المحافظة في أية استحقاق انتخابي مقبل.

وفي هذا الصدد قال القيادي المستقيل من النهضة عبد اللطيف المكي إن هنالك نية لتشكيل حزب جديد قادر على تحقيق تطلعات القيادات الرافضة لنهج راشد الغنوشي والمجموعة المحيطة به.

بدوره قال القيادي المستقيل من النهضة محمد بن سالم إن المستقيلين من الحركة مؤخرا يفكرون في تأسيس مشروع سياسي جدي لن يكون فقط للنهضويين الذين غادروا الحركة وإنما مفتوحا لكل التونسيين.

وأضاف بن سالم أنه سيتم تكوين هذا الحزب الجديد على “نار هادئة “لافتا إلى أن الهدف منه يكمن في الدفاع عن هوية التونسيين”.

فك العزلة

ويتضح من خلال تصريح محمد بن سالم أن الحزب يشدد على نقطة استمالة شخصيات سياسية ليس بالضرورة استقالت من الحركة وإنما تؤمن بالأفكار والمبادئ لمن استقالوا.

لكن الحزب لن يخرج على الأرجح من جلباب الأفكار الإخوانية التي بنيت عليها حركة النهضة منذ ثمانينات القرن الماضي.

لكن حديث بن سالم وعددًا من القيادات عن فتح المجال لغير المنتمين للنهضة هو في الحقيقة محاولة لفك العزلة التي وجدت الحركة نفسها فيها بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو الماضي إذ يحاول المستقيلون النأي بأنفسهم عن الحركة ليتم قبولهم لدى القوى الرافضة لنهضة ولسعيد.

وقال القيادي سمير ديلو في هذا الجانب ” حركة النهضة عزلت نفسها بسبب سياساتها وتحالفاتها السابقة وغض النظر على الفساد الذي استشرى في الدولة ولا نريد تحمل هذا الوزر”.

وبالتالي يبدو أن الحزب الجديد في حال تشكله سيعمل على فك تلك العزلة وذلك بربط صلات مع بعض القوى التي يبدو أنها رافضة كذلك لقرارات 25 يوليو او 22 سبتمبر وتعديل الدستور.

وهذه النقطة يركز عليها كثير من المستقيلين الذين يشعرون بأن قيادة النهضة قطعت شعرة معاوية مع القوى الوطنية بسبب سياساتها العقيمة وتحالفها مع قوى الفساد.

صراع محتمل لاستقطاب القواعد

في المقابل من المتوقع أن الساحة السياسية ستشهد صراعا بين النهضة والمستقيلين منها في حال شكلوا حزبا بذريعة تشتيت القاعدة الإسلامية.

وبدأت فعلا حملات التشكيك والتخوين منذ إعلان الاستقالات التي تزامنت مع مسيرة النهضة ضد قرارات قيس سعيد الأحد الماضي حيث تعرض المستقيلون لتهم عديدة من بينها شق صفوف المناهضين لقرارات سعيد وبث الفرقة والاحباط.

لكن في الحقيقية فإن راشد الغنوشي والقيادة المحيطة به متخوفة كثيرا من قدرة المستقيلين في حال تشكيلهم لحزب جديد في استقطاب القواعد الانتخابية لحركة النهضة والتي مكنتها طيلة 10 سنوات من تصدر المشهد السياسي في البلاد.

وشهدنا بعض ملامح هذا الصراع عبر شبكات التواصل الاجتماعي بين أنصار حركة النهضة وبين المتعاطفين مع المستقيلين والتي يبدو أنها ستحتدم مع اقتراب أي استحقاق انتخابي.

ربما يعجبك أيضا