لم تتحقق شعارات «رئيسي».. ارتفاع مستوى التضخم في إيران

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

تعيش حكومة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أيام عسيرة، في ظل استمرار العقوبات وارتفاع مستويات التضخم. وتزداد صعوبات الأزمة في ظل الصعوبات على مواجهة وتخطي العقوبات بسبب سد الولايات المتحدة الأمريكية للثغرات التي تستفيد إيران من خلالها لتجاوز العقوبات؛ ما يضع طهران في النهاية في حالة رضوخ للعودة إلى طاولة مع الغرب في فيينا.

فقد قال مسؤولون أميركيون وأوروبيون لـ”رويترز”، الثلاثاء الماضي، 29 سبتمبر (أيلول)، إن الولايات المتحدة تجري محادثات مع الصين لخفض مشترياتها من النفط الخام من إيران.

وتشير “رويترز” إلى أن الشركات الصينية تواصل شراء النفط الإيراني على الرغم من العقوبات الأميركية، ولهذا السبب تمكن الاقتصاد الإيراني من الصمود أمام العقوبات الأميركية واسعة النطاق.

وقد كتبت “رويترز” في تقرير لها يوم 22 يوليو (تموز)، نقلاً عن 7 مصادر مطلعة، أنه بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات على النفط الإيراني والفنزويلي، لعبت شركة كونكورد بتروليوم الصينية، التي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها قبل عامين، دورًا محوريًا في صفقات النفط للبلدين.

تضخم جنوني

ويواصل تضخم الأسعار في إيران ارتفاعه بشكل جنوني في انعكاس واضح لأزمة اقتصادية تعيشها إيران التي يعاني شعبها من ضغوطات عديدة كان آخرها نقص المواد الغذائية في الأسواق، وتراجع أسعار الريال الإيراني إلى مستويات غير مسبوقة أمام الدولار الأمريكي.

وبحسب تقرير وزارة الصناعة والتعدين والتجارة الإيرانية فقد ارتفع سعر الأرز الإيراني في أغسطس (آب) الماضي أكثر من 40٪، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، فيما سجل السكر أعلى زيادة في الأسعار، حيث ارتفع بنسبة تزيد على 63٪ خلال عام.

وأضاف التقرير أن أسعار الدجاج ولحوم البقر ارتفعت بنسبة 53٪ و52٪ على التوالي خلال عام.

يأتي هذا التقرير بعدما أفاد مركز الإحصاء الإيراني قبل 3 أيام في تقرير نشره بهذا الخصوص، باستمرار الاتجاه التصاعدي للتضخم على الرغم من الشعارات الاقتصادية للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في الشهر الثاني من توليه السلطة، حيث يعلن مركز الإحصاء أن الزيادة السنوية في التضخم وصلت إلى 45.8٪، كما أن زيادة معدل التضخم النقطي (ارتفاع أسعار مجموعة من السلع والخدمات في شهر معين مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق) للمجموعة الرئيسية (المواد الغذائية والمشروبات والتبغ) في شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، وصلت إلى 61.61٪.

وهكذا اقترب “معدل التضخم السنوي” في أغسطس 2021 من أقرب مسافة لأعلى معدل تضخم سنوي تم تسجيله في الثلاثين سنة الماضية في إيران، أي معدل التضخم البالغ 49.5 في المائة عام 1994.

ووفقاً لمركز الإحصاء الإيراني، فقد وصل التضخم خلال عام حتى سبتمبر (أيلول) الحالي، في منتجات الحليب والجبن والبيض 72.5٪، والزيوت والدهون 97.6٪، والخضراوات والبقوليات 93.7٪ والفواكه والمكسرات 55٪.

وجاء في التقرير: “ترجع الفجوة بين أسعار المنتج والمستهلك- إلى حد كبير- إلى تكاليف الوسيط والنقل والتعبئة”.

صعود الدولار

وقد واصل الدولار الأميركي ارتفاعه في سوق العملات الأجنبية في إيران، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي في السوق الإيرانية المفتوحة، صباح اليوم الخميس 30 سبتمبر (أيلول)، إلى أكثر من 28400 تومان.

ويعد هذا أعلى سعر للدولار في إيران في الأشهر الـ11 الماضية.

وقد ارتفعت أسعار العملات الأجنبية في الشهرين الماضيين، منذ تولي حكومة إبراهيم رئيسي، وتزايد الغموض في عملية المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي.

ويأتي ارتفاع أسعار العملات الأجنبية بالتزامن مع نشر تقارير عن ارتفاع أسعار مختلف السلع.

وأفادت وكالة “أسوشيتيد برس”، في تقرير لها من طهران، اليوم الخميس، عن انخفاض كبير في مشتريات المواد الغذائية من قبل المواطنين.

وفي اليوم السابق، أكد مدير اتحاد الثروة الحيوانية في البلاد تقارير سابقة عن انخفاض بنسبة 50 في المائة في استهلاك اللحوم في إيران، قائلًا إن استهلاك الفرد من اللحوم في إيران انخفض من 12 كيلوجرامًا في السنة إلى ستة كيلوجرامات.

ازاحة الأزمة

وأمام تصاعد أزمة التضخم، وبعد توجيهات الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بضرورة مواجهة أزمة التضخم؛ سعى الإعلام الموالي للمحافظين بإزاحة الأزمة وتحميلها على طرف آخر، غير الحكومة المنتمية للمحافظين؛ حيث لا تتوقف صحيفة “كيهان” الأصولية، القريبة من المرشد، عن تحميل حكومة روحاني مسؤولية كل الأزمات الاقتصادية في البلاد، وتحاول توجيه كافة سياسات الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي المنتمي لنفس التيار الذي تنتمي له الصحيفة.

وذكرت الصحيفة أن أزمة التضخم الحالية في البلاد لم تكن وليدة اللحظة وعلاجها لا يأتي في ليلة وضحاها، مستندة إلى كلام عدد من الخبراء الاقتصاديين الذين ذكروا أن قرارات صعبة ينبغي اتخاذها في سبيل الخروج من الأزمة الراهنة.

ومن جانب آخر، تساءلت صحيفة “مردم سالاري” عن الأسباب التي جعلت البلاد تشهد في شهر سبتمبر (أيلول) الجاري أعلى نسبة من التضخم، في الوقت الذي يؤكد فيه المسؤولون، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، بأنهم يعملون على تقليل التضخم، وأن هذه القضية تحتل الأولوية في برامجهم وخططهم، متسائلة: “هل فعلا تمت إجراءات في سبيل مواجهة التضخم؟ وإذا كانت هذه الإجراءات فعلا قد حدثت فلماذا لم نشهد نتيجة ملموسة لها، بعد أن بلغ التضخم في الشهر الأخير أعلى نسبة له في السنوات الأخيرة؟”

هذا، وقد علّق الإيرانيون آمالاً واسعة على توقيع بلادهم الاتفاق النووي مع المجموعة الدولية (5+1) في عام 2015، والذي كان بالنسبة لهم بمنزلة “طوق نجاة” لإنعاش اقتصاد بلادهم الضعيف، وخلق مزيد من فرص العمل وتحسين دخولهم.

ومع مجئ حكومة رئيسي المحافظة، التي تماطل في العودة إلى طاولة المفاوضات مع الغرب في فيينا، من أجل العودة لإتفاق 2015؛ يبدو أن المواطن الإيراني مازال هو من يدفع ضريبة حكومات بلاده في إدارة سياستها الخارجية. حيث يتجه التضخم في إيران مستمرا في الارتفاع مما يعني أن الإيرانيين يزدادون فقرا يوما بعد يوم وأشد فقرا أكثر فأكثر، ويزداد ارتفاع التضخم بعد شهرين من تولي رئيسي لمنصبه حيث لم يحدث أي تغيير في تحسين الظروف المعيشية للشعب على الرغم من الشعارات التي أطلقها رئيسي.

ربما يعجبك أيضا