تنتظر إجماعًا عربيًا.. تفاصيل وثيقة عمَّان «السرية» لتغيير سلوك النظام السوري

محمود طلعت

محمود طلعت

كشفت وثيقة أردنية «سرية»، عن مقاربة جديدة للتعامل مع دمشق، تضع بعين الاعتبار «تغيير متدرج لسلوك النظام السوري»، وصولاً إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية التي دخلت سوريا بعد العام 2011.

الوثيقة الأردنية ناقشها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس الأمريكي جو بايدن في واشنطن خلال يوليو الماضي، كما ناقشها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك على هامش اجتماع قمة بغداد في أغسطس الماضي، بحسب مسؤول غربي رفيع المستوى.

أفـكار الوثـــــيقة

أفكار الوثيقة تنسجم مع التحركات الأردنية الأخيرة، حيث حصلت عمّان، على دعم واشنطن مد خط الغاز العربي عبر الأراضي السورية من مصر والأردن إلى لبنان، ووعدت بتقديم ضمانات خطية بعدم شموله بـعقوبات «قانون قيصر» المفروض على دمشق، وتقديم البنك الدولي الدعم المالي لإصلاح الخط جنوب سوريا، حسبما أوردت صحيفة «الشرق الأوسط».

وعلى هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ارتفع مستوى الاتصالات مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، وشمل لقاءات مع نظرائه المصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي والتونسي عثمان الجرندي، مقابل تدني أو انعدام لقاءات وفد هيئة التفاوض السورية المعارضة في نيويورك.

وتقترب أفكار الوثيقة من اقتراح المبعوث الأممي بيدرسن لاتباع مقاربة «خطوة مقابل خطوة»، حيث البداية بتفاهم «أمريكي – روسي»، وتعريف هذه الخطوات وتحديدها، والحصول على دعم إقليمي وعربي وأوروبي لها، ثم تشكيل آلية واضحة لـ«انخراط النظام» قبل البدء بتنفيذها.

الأزمة الســورية

وبحسب الوثيقة فإن مقاربة الأزمة السورية خلال العشر سنوات الأخيرة باءت بالفشل، وبحسب الإحصاءات فإن هناك 6.7 مليون سوري لاجئ و6.6 مليون نازح و13 مليوناً بحاجة لمساعدات إنسانية، كما أن 80% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.

وفيما يتعلق بتنظيم داعش الإرهابي، فإنه هزم جغرافيًا في مارس من العام 2019، لكنه «ينبعث من جديد» في مناطق مختلفة من سوريا، بما فيها البادية وجنوب شرقي البلاد المحاذية لحدود الأردن.

الوجود الإيراني

الوثيقة الأردنية، سلطت كذلك الضوء على الوجود الإيراني، وانتهت إلى الاستنتاج بأن طهران تتمتع بنفوذ عسكري واقتصادي متزايد على النظام ومناطق مختلفة من البلاد، وخصوصاً جنوب غربي سوريا، حيث تزدهر تجارة المخدرات التي تشكل مصدر تمويل رئيسي لميليشيات إيران، ما يشكل تهديدا للمنطقة وما وراءها.

ووفقا لمراقبين فإن الإجماع العربي غير متوفر لعودة دمشق إلى الجامعة العربية بعد تجميد عضويتها في نهاية 2012، حيث تربط دول عربية ذلك بتوفر الإجماع واتخاذ دمشق خطوات لتطبيق حل سياسي يحافظ على وحدتها وخروج الميلشيات الأجنبية منها.

الحل الســـياسي

وتقترح الوثيقة مقاربة جديدة مؤثرة بما يؤدي إلى إعادة التركيز على الحل السياسي في سوريا وفق القرار الدولي 2254، ومعالجة الأزمة الإنسانية ومنعكساتها الأمنية في سوريا وجوارها.

وتركز الوثيقة على محاربة الإرهاب واحتواء النفوذ المتصاعد لإيران، على أن يكون هدف هذه المقاربة «تغيير تدرجي لسلوك النظام»، مقابل حوافز تنعكس إيجابا على الشعب السوري وعودة اللاجئين والنازحين.

التــأييد الروسي

يقول المسؤول الغربي رفيع المستوى: إن كسب تأييد موسكو لهذه المقاربة أمر جوهري، إضافة إلى الاعتراف بالمصالح الشرعية لروسيا، ثم التعاون معها لتحديد نقاط مشتركة على أمل المضي قدما نحو الحل السياسي.

وكان هناك رهان على أن يفضي الحوار بين مبعوثي الرئيسين بايدن وبوتين في جنيف إلى توفير مظلة لـمقاربة «خطوة مقابل خطوة»، بعد تفاهم الطرفين على صوغ مسودة مشتركة لقرار دولي يمدد المساعدات الإنسانية عبر الحدود وعبر الخطوط.

حواجز وعقبات

ومن العقبات التي تعترض هذه المقاربة الانقسام إزاء «الانخراط مع النظام»، وعدم وجود إجماع عربي على عودة دمشق إلى الجامعة العربية وعدم حصول تقدم بالحل السياسي وفق القرار 2254.

إضافة إلى تمسك واشنطن ودول أوروبية بثلاث أدوات ضغط رئيسية تتمثل في: «العقوبات، العزلة، وتمويل الإعمار»، ووجود كذلك عقبة قانونية أمريكية تتمثل بـ«قانون قيصر» الذي أقره الكونجرس بموافقة الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

خريــطة تنفيذية

القائمون على الوثيقة عكفوا على صياغة خريطة تنفيذية لمقاربة «خطوة مقابل خطوة»، تتضمن الملفات المطروحة والموقف المطلوب من دمشق بشأن «تغيير سلوك النظام» والعرض المقدم من الأطراف الأخرى فيما يتعلق بالانخراط السياسي والدبلوماسي.

وبين الاقتراحات أن يكون الطلب الأولي «انسحاب كل العناصر غير السورية من خطوط التماس»، ثم «انسحاب جميع القوات الأجنبية التي دخلت بعد العام 2011»، مقابل انسحاب القوات الأمريكية وتفكيك قاعدة التنف على الحدود السورية – الأردنية – العراقية.

إضافة إلى فتح قنوات للتنسيق بين الجيش السوري والقوات الأمنية من جهة، ونظيراتها في الدول المجاورة لضمان أمن الحدود.

ولم تتضمن هذه الخريطة جدولاً زمنياً واضحاً للتنفيذ، ولا تحديداً للموقف من وجود روسيا العسكري في سوريا الذي بدأ في نهاية 2015، وإن كانت تحدثت عن «المصالح الشرعية» لها في سوريا.

ربما يعجبك أيضا