«دبلوماسية الميدان».. لم تنجح في حل أزمة إيران مع آذربيجان

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

أكدت حكومة الرئيس الإيراني المحافظ، إبراهيم رئيسي، على “دبلوماسية الميدان”؛ وتجلى ذلك بتعيين أمير عبد اللهيان وزيرًا للخارجية، وهو يتمتع بعلاقة قوية مع الحرس الثوري وجناحه فيلق القدس، المتورط في الأزمات الخارجية التي سببتها إيران.

وحسب تقرير لموقع إندبندنت، فكان المؤشر الأكثر وضوحاً إلى عودة الدبلوماسية الأمنية والحوار في ظل استعراض القدرات القتالية والنفوذ الإقليمي حملته الطائرات المسيرة والصواريخ البحرية “مجهولة المصدر” التي سيطرت على أجواء مياه بحر عمان والخليج بالتزامن مع انطلاقة عهد رئيسي، وما نتج منها من رفع مستوى التوتر في الإقليم، خصوصاً بين طهران وتل أبيب، وشكلت رسالة إيرانية واضحة بتمسك النظام بدبلوماسية الميدان التي ترسم قواعد الاشتباك والتفاوض خلال المرحلة المقبلة، في مقابل أمن المنطقة واستقرارها والعودة إلى الاتفاق النووي من دون شروط أو نقص.

أزمة مع آذربيجان

ووسط تصاعد التوترات بين طهران وباكو والتي بلغت ذورتها في الأيام الأخيرة، أجرى الجيش الإيراني الجمعة الماضية، مناوراته البرية على حدود إيران في شمال غربي البلاد مع جمهورية أذربيجان.

وكثرت تصريحات المسؤولين الإيرانيين التي لم تفرغ من التحذير تارة والتهديد تارة أخرى ضد أذربيجان وإسرائيل بشأن الأزمة مع باكو من جهة وعلاقاتها مع تل أبيب.

وبالتزامن مع المناورات صرح قائد القوة البرية لجيش إيران، العميد كيومرث حيدري مشيرا بشكل تلويحي إلى العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل وقال “منذ مجيء إسرائيل، زادت حساسيتنا تجاه هذه الحدود ويتم مراقبة أنشطته فيها بشكل كامل”، في إشارة إلى حدود بلاده مع أذربيجان، التي تجري إيران مناورة عسكرية بالقرب منها.

وقد وصف وزير خارجية إيران التوترات الأخيرة بين إيران وجمهورية أذربيجان بأنها بسبب “سعي إسرائيل والإرهابيين لتدمير العلاقات بين إيران وأذربيجان”، مضيفاً: “نحن نراقب القضايا ونتابعها بحساسية وحزم، وكذلك بموقف ودي تجاه جيراننا، بما في ذلك أذربيجان”.

وقال أمير عبد اللهيان: “إن جمهورية إيران الإسلامية جارة كبيرة لأذربيجان وقد تبادلنا الرسائل بين البلدين من خلال القنوات الدبلوماسية ونحن متفائلون”.

ووصف وزير الخارجية المناورة الإيرانية على الحدود مع أذربيجان بأنها “رسالة إلى إسرائيل والإرهابيين”، مشددا على أنه “لن نتسامح أبدا مع وجود إسرائيل والأعمال الاستفزازية بالقرب من الحدود مع جمهورية إيران الإسلامية والتغيير الجيوسياسي في المنطقة والحدود، ولدينا تحفظات جدية على ذلك”.

وأشار أمير عبد اللهيان إلى أنه “بعد تحرير أراضي ناغورنو كاراباخ المحتلة، أيدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضا تحرير هذه الأراضي المحتلة على أعلى مستوى”، مضيفا أنه “خلال تحرير ناغورنو كاراباخ، كانت هناك أحداث مؤسفة أيضاً، وقد انتقلت الحركات الإرهابية إلى هذه المنطقة المتأزمة، وأخذت هذه الجماعات تنتظر وتبحث عن الفرص لأعمالها الإرهابية”.

وقال وزير الخارجية الإيراني أيضا إن إسرائيل حاولت أيضا الاستفادة القصوى من هذه الفرصة وكانت حاضرة في أجزاء من أذربيجان في محاولة فاشلة للاقتراب من حدود إيران.

تصاعد الأزمة

ورغم أن إيران بمناورتها على حدود أذربيجان، ورسائل وزير خارجيتها الناعمة والمهدئة؛ فقد استخدمت دبلوماسية الميدان بين التهديد والطمأنة؛ لكن هذه السياسة لم تفلح في بعث رسائل طمأنة لأذربيجان؛ فقد

فقد هدد رئيس أذربيجان، إلهام حيدر أوغلو علييف، بإشراك قوى دولية وإقليمية في حال تمادت إيران في المناورات العسكرية التي تجريها قرب الحدود، ما رفع حدة التوتر بين البلدين.

كما أعلنت تركيا تخطيطها لإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع أذربيجان هذا الأسبوع في منطقة على الحدود مع إيران بعد أن انتقدت الحكومة في باكو طهران لإجراء مناورات عسكرية بالقرب من حدودها، وفقا لوكالة بلومبيرج الأمريكية.

وقالت الميجور بينار كارا، المتحدثة باسم وزارة الدفاع الوطني التركية في إعلان تلفزيوني، إن “المناورة ستجرى بمشاركة تركيا وأذربيجان في ناختشفان بأذربيجان في الفترة من 5 إلى 8 أكتوبر”.

سياسة فاشلة

قال المحلل السياسي، صلاح الدين هرسني، في مقال له بصحيفة “جهان صنعت” إن مواقف وتصريحات المسؤولين الإيرانيين منذ الإعلان عن مناورات “فاتحو خيبر” لن تكون قادرة على إحداث تغيير في المعادلة لصالح إيران، مضيفا أن هذه المواقف التي غالبا ما تكون ذات استهلاك داخلي قد تعزز العلاقة بين أذربيجان وإسرائيل من جهة وإسرائيل وتركيا من جهة أخرى.

كما انتقد المحلل السياسي والبرلماني السابق، حشمت فلاحت بيشه، سياسة إيران تجاه قضية أذربيجان، وشدد على ضرورة أن تعيد إيران النظر في سياستها تجاه قضية أذربيجان وتعطيها قدرا أكبر من الاهتمام الدبلوماسي.

وأضاف حشمت بيشه في مقابلته مع صحيفة “جهان صنعت” أن إيران اعتمدت في العقود الثلاثة الماضية سياسة “جزمية”، وهو ما خلق أكبر نسبة من الأعداء لإيران، خلال هذه الفترة، موضحا أن “السياسة الخارجية لإيران تحتاج إلى إعادة نظر بشكل أساسي”، فهي لا تزال تعتمد نفس الأساليب التي اعتمدتها خلال الثلاثين سنة الماضية، في ملف أذربيجان، في حين أن ظروفا جديدة طرأت على المشهد في العالم والمنطقة وأن أذربيجان لم تعد كما كانت عليه في السابق.

ربما يعجبك أيضا