الاستثمار في مخاوف الغرب.. إيران وسياسة المكاسب قبل التفاوض!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

ما زالت إيران تماطل في العودة إلى طاولة المفاوضات في فيينا، بعد ست جولات لم تنجح في إعادة إيران إلى اتفاق 2015؛ والسبب، أن إيران في عهد حكومة الرئيس المحافظ، إبراهيم رئيسي، تسعى إلى جني المكاسب قبل الدخول في عملية التفاوض. حتى أنها وصفت المحادثات في عهد الحكومة السابقة برئاسة الرئيس حسن روحاني، بالمضيعة للوقت.

وأمام الضغوط الغربية لعودة إيران إلى طاولة التفاوض بعدما بدأت الولايات المتحدة تحذر من الفرصة الأخيرة لإيران، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الخميس الماضي، أن الحكومة الجديدة ستعود إلى طاولة المفاوضات النووية في فيينا “في غضون أسابيع قليلة”.

كما شدد خلال مداخلة بشأن الوضع الإيراني على أنه “لن نضيع دقيقة للعودة إلى فيينا” في جولة سابعة من المفاوضات بمجرد أن تحلل الحكومة بالتفصيل الجولات الست السابقة، بحسب ما نقلت عنه فرانس برس. وأضاف أن هذا العمل التحليلي سيكتمل “ربما في غضون أيام قليلة، أقل من بضعة أسابيع”.

وتهدف مفاوضات فيينا التي تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، إلى عودة واشنطن في الاتفاق وضمان احترام إيران لالتزاماتها الرامية إلى منعها من الحصول على أسلحة نووية.

إصرار غربي

وقد تصاعدت دعوات كثيرة من أطراف غربية وأمريكية تؤكد على الرغبة في استئناف مفاوضات فيينا حول الاتفاق النووي مع إيران. وقد وكالة فارس الإيرانية، عدة أسباب رأت فيها دوافع قوية للغرب لإبداء رغبته في استئناف هذه المفاوضات.

وعزت الوكالة الإيرانية شبه الرسمية هذه الدعوات إلى الوضع الاقتصادي في الغرب، وتحديدا في سوق الطاقة، الذي كان مثاليا في الفترة بين عامي 2010 و 2012، وهو ما شجع الساسة الغربيين إلى تشديد الحصار على إيران، حيث لم يؤثر وقتها حذف ما لا يقل عن مليون برميل من النفط الإيراني بهذه الطريقة من السوق العالمية.

ولفتت إلى أن هذه الأجواء هي أيضا ما كانت في عهد ترامب، حيث “كان إنتاج النفط الصخري الأمريكي في ازدهار”، متساءلة: “ما الذي يمكن أن يكون أفضل من الإلغاء الكامل لصادرات النفط من إيران وليبيا وفنزويلا؟”، وأجابت، “فمع نمو 4 ملايين برميل من إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، تمت كذلك حذف 4 ملايين برميل من جانب الإنتاج في هذه البلدان الثلاثة”.

وربطت بين ما حدث بعد جائحة كورونا، من تغيرات على المستوى العالمي في سوق الطاقة، وبين محاولة الإسراع بتلك المفاوضات، ليكون النفط الإيراني جزء من حل تلك الأزمة حسب ما أوردت.

وأكدت أنه “يمكن رؤية علامات الأزمة في سوق الطاقة في أجزاء مختلفة من العالم”، حيث “زادت تكاليف الغاز بشكل كبير في أوروبا، بل إن البعض يتحدث عن إمكانية زيادة أسعار الغاز بنسبة 300%”.

وتحدثت الوكالة الإيرانية عن سبب آخر كذلك يتمثل ربما في تحرك السياسة الخارجية الإيرانية نحو الشرق، حيث انضمام إيران مثلا إلى منظمة شنغهاي للتعاون، وتوطيد علاقاتها بجيرانها الشرقيين، إضافة إلى اهتمامها ببعض المشاريع في المنطقة مثل ممر “سي- بك” بين الصين وباكستان، لافتة إلى أن مثل هذا الانعطاف في السياسة الخارجية الإيرانية ربما ساعد في تغيير الغربيين لمعادلة تعاملهم مع المفاوضات والاتفاق النووي برمته.

استثمار في المخاوف

ويبدو أن إيران تستثمر في مخاوف الغرب الاقتصادية؛ ولذلك تماطل في العودة لطاولة التفاوض من أجل الحصول على مكاسب خاصة قبل البدء في العودة للمفاوضات النووية.

فقد قال حسين أمير عبداللهيان، إن المفاوضات التي تنتهي بـ”شرب القهوة” لن تكون مجدية. وأن الولايات المتحدة حاولت خلال زيارته لنيويورك الاتصال به عبر قنوات مختلفة، وأنه طلب من الوسطاء الإفراج عن 10 مليارات دولار من الأموال المجمدة إذا كانوا جادين.

وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى أنه “في التفاوض يجب أن يكون هناك رصانة ومنطق وقوة، واتفاق والتزام متبادل، ووثيقة تتم مناقشتها”.

وأضاف أن “هناك إجماعا حول استمرار المفاوضات في فيينا ونريد مواصلة صيغة فيينا، وأننا بصدد الانتهاء من تشكيل الفريق”.

وتابع أمير عبد اللهيان أن وزارة الخارجية الإيرانية ستتابع المفاوضات وستواصل التفاوض في إطار المساعد السياسي لوزارة الخارجية، وستتم الموافقة على الأطراف المتفاوضة والاتفاق الذي سيتم التوصل إليه والانتهاء منه على مستوى وزراء خارجية الدول المتفاوضة، لكن وزارة الخارجية ستؤدي واجبها التفاوضي في إطار المؤسسات العليا للنظام.

وبعد تصريحات عبد اللهيان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ”صوت أميركا”، أمس الأحد 3 أكتوبر (تشرين الأول)، إن بلاده “تسعى إلى عودة متبادلة لمتابعة الاتفاق النووي”، لكنه شدد على أنه “إذا طلبت إيران المزيد أو عرضت الأقل، فلن تنجح المحادثات”.

وأعلنت الخارجية الأميركية أن “الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة باستئناف المحادثات واختتامها السريع قبل إغلاق نافذة فرصة العودة إلى الاتفاق النووي”.

يذكر أن العقوبات الأميركية على قطاعي البنوك والطاقة في إيران، تسببت في فشل إيران حتى الآن في الحصول على عشرات المليارات من الدولارات من أموالها في البنوك الأجنبية؛ والأموال التي تم الحصول عليها بشكل أساسي من خلال صادرات النفط والغاز.

وقد أشارت صحيفة “ستاره صبح” إلى أن وضع الشروط المسبقة للدخول في المفاوضات هو سياسة خاطئة من جانب إيران لأنها تضر الشعب والبلاد حسب تعبيره ومن شأنها أن تعقد الظروف مستقبلا منوها إلى أن الدول الغربية قد تغير من سياساتها إذا ما شعرت بأن إيران تحاول كسب الوقت ولا تظهر جدية في ملف المفاوضات.

وانتقد المحلل السياسي، علي بيكدلي تصريحات عبدالليهان، واصفًا إياها بـ “الخاطئة” و”غيرالواقعية” وأكد في المقابل أن حكومة رئيسي مجبرة على إحياء الاتفاق النووي لو أرادت حل المشاكل الاقتصادية.

ربما يعجبك أيضا