مركز الإنذار المبكر: ما العلاقة بين الغواصات الأسترالية والانتخابات الليبية؟

يوسف بنده

رؤية

تناول تقرير نشره مركز الإنذار المبكر، تفسير العلاقة بين الغواصات الأسترالية والانتخابات الليبية، وربط ذلك بالتموضع الأمريكي وفرنسا في المنطقة. حيث عقب ساعات من إعلان الاتحاد الأوربي لحزمة استراتيجياته الدفاعية ما وراء البحار، وخاصة المتعلقة بالمحيط الهادئ والهندي، جاء إعلان كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا عن بروتوكول الشراكة الدفاعية (اوكوس) بينهم في نفس المدى الجغرافي، وهو ما أدى مباشرة لإلغاء أستراليا لصفقة غواصات فرنسية تقليدية من فئة باركودا كانت قد وقعتها 2016، واستبدالها بغواصات نووية أميركية من فئة فيرجينيا. وهو ما تبعه سلسلة من القرارات والتصريحات الفرنسية والأوربية التي كانت باكورتها استدعاء باريس لسفرائها من واشنطن وكانبرا.

وتأتي هذه التطورات في العلاقات بين الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوربي في عدة سياقات داخلية وإقليمية ودولية فاقمت من انعكاساتها، وفوتت إمكانية أن تدار أزمات تداعياتها في الغرف المغلقة، لا سيما وأن الرئيس الأميركي، جو بايدن، كان ولا يزال يعلن أن سياسات إدارته الخارجية وتحديداً المتعلقة بالاتحاد الأوربي و”حلفاء” بلاده، تقوم على مبادئ الشراكة والتعاون والتشاور المستمر خاصة إذا كانت متعلقة بالصين وروسيا، وهو عكس ما حدث فعلاً بتوقيع وإعلان اتفاقية “اوكوس” وتداعياتها التي كلفت فرنسا خسائر اقتصادية تجاوزت 90 مليار دولار، وخسائر سياسية -استراتيجية تمس دور ومكانة فرنسا على الساحة الدولية.

ويقول تقرير المركز: قد يكون من الخطأ حصر الأزمة الأخيرة بين باريس وواشنطن كنتيجة مباشرة اتفاقية اوكوس، حيث لم تعترض الأولى على مبدأ الاتفاقية من الأساس وانحازت لموقف بكين منها مثلاً، ولكن انطلاقاً من أرضية انحيازها لمصالحها والتي تتعلق في سياقنا هنا بمبيعات الأسلحة الفرنسية في السنوات الأخيرة، كأحد أعمدة تعزيز دور فرنسا كقوة كبرى تتكامل غالباً ولا تتصادم مع القوة الأكبر، الولايات المتحدة، وهو ما جعل من تداعيات اوكوس بمثابة قطع طريق أميركي على ما تعتبره أساس هام لسياساتها الخارجية في السنوات الأخيرة، وهو ما يجعل تراجع كانبرا عن صفقة الغواصات الفرنسية واستبدالها بالأميركية، بمثابة تهديد استراتيجي لفرنسا وليس مجرد تراجع اعتيادي عن صفقة أسلحة.

أيضاً يرتبط السابق بالعودة الحثيثة لبريطانيا للمنطقة، وإن كان يتم باستدعاء إقليمي فرضه الانكماش/الانسحاب الأميركي وحلقاته المتتابعة وصولاً لأفغانستان وربما سوريا والعراق قريباً، وهو ما وازنته باريس وبرلين بتحركات معتبرة على مستويات متعددة مرتبطة بملفات المنطقة كالأزمة الليبية، والاعتماد على شراكات إقليمية مع القاهرة على سبيل المثال، والتي لم تقتصر فقط على الساحة الليبية، بل تمتد لصراعات شرق وجنوب المتوسط وعلاقة أنقرة بذلك، ناهيك عن الدور الفرنسي-المصري المحوري في لبنان، وهو ما يرشحها بعد تداعيات اتفاقية اوكوس لأن ترقى لدرجة التحالف بمحددات استعادة توازن وتقاطع مصالح تجاه التموضعات الأميركية وتداعياتها الإقليمية، وخاصة إذا ما تقاطعت مع مقاربات مستقبلية لموسكو وبكين في الشرق الأوسط.

وإجمالاً، فإن هناك عدة أحداث قادمة في شمال أفريقيا والمنطقة بشكل عام، سيكون التعاطي الفرنسي تجاهها مؤشرا على مدى تمسك باريس بحرصها المعتاد أن تتكامل مصالحها مع مصالح واشنطن، وهو ما قد يتغير في أعقاب اتفاقية أوكوس، وانعكاس ذلك -كمثال وأقرب توقيت- على الانتخابات الليبية الوشيكة وحظوظ المرشحين وعلى رأسهم رجل واشنطن الأول، خليفة حفتر، الذي بات في نظر داعميه الإقليميين والأوربيين بمثابة عقبة أميركية تفخخ جهود التهدئة والسلام واستعادة الدولة في ليبيا، وهي الأهداف التي لم تلق اهتماماً في تحركات واشنطن خلال السنوات القليلة الماضية.

للاطلاع على التقرير الأصلي، اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا