عفو ملكي خاص عن «إطالة اللسان» يلقى ترحيبًا وآمالًا بتعزيز منظومة الحريات في الأردن ‎‎

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق  

عمّان – تكتمل في الأردن قبل نهاية الشهر الجاري، الإجراءات المتعلقة بالعفو الملكي الخاص عن المحكومين بجريمة إطالة اللسان، في خطوة لاقت ترحيبا واسعا، واعتبرها المركز الوطني لحقوق الإنسان ” لبنة إضافية في طريق تعزيز منظومة الحريات”. 

واليوم الإثنين، قال وزير الدولة للشؤون القانونية محمود الخرابشة، إن العفو الملكي الخاص عن قضايا إطالة اللسان “قيد التنفيذ، وكافة الإجراءات المتعلقة بها ستكتمل قبل نهاية شهر تشرين الأول أكتوبر الحالي”. 

ولفت الوزير الخرابشة إلى أنه “جرى حصر أعداد متواضعة من المشمولين بالعفو الخاص”، موضحا أن  “اللجنة التي شكلت لا تزال قيد العمل، وتدرس الملفات بعناية؛ لكي تنسجم مع أحكام القانون”. 

ولفت الخرابشة في تصريحات تلفزيونية لقناة المملكة الإخبارية إلى أن “العفو الملكي الخاص يهدف إلى إغلاق الملفات المتعلقة بإطالة اللسان الصادرة بحقها أحكام قضائية قطعية استنادا إلى قانون العقوبات”. 

وتنص المادة 195 من قانون العقوبات على عقوبة تتراوح بين السجن سنة واحدة الى السجن ثلاث سنوات لمن يدان بإطالة اللسان على مقام الملك شفويا أو خطيا أو إلكترونيا أو أرسل صورة أو رسم هزلي بأي شكل يمس كرامته. 

وجاء في المادة 38 من الدستور الأردني أن “للملك حق العفو الخاص وتخفيض العقوبة، وأما العفو العام فيقرر بقانون خاص”. 

العفو الملكي في القانون  

وفيما يتعلق بالعفو الملكي الخاص وما تضمنه القانون حياله، قال وزير العدل السابق بسام التلهوني، إن منح عفو خاص للمحكوم عليهم في قضايا إطالة اللسان سيؤدي إلى تخفيض العقوبة أو جبها بالكامل. 

ولفت الوزير السابق، إلى أن الفرق بين العفوين العام والخاص، أن العفو العام يصدر بقانون يجب العقوبة والفعل معا، لكن العفو الخاص يكون عبر تنسيب وتوجيه الملك للحكومة بدراسة مثل هذه القضايا لمن يثبت ارتكابهم لهذه الأفعال، ويجب أن يكون هناك ثبوت لمن ارتكب هذا الفعل بالمساس بمقام الملك بالقول أو إتيان الفعل التي من شأنها الإساءة له. 

بيد أن العفو الخاص هو عفو محدد للأشخاص الذين شملهم العفو، والعفو سيؤدي إلى تخفيض العقوبة أو جبها بالكامل للأشخاص الذين قد يكونون داخل السجون أو خارجه شريطة أن يكون صدر بحقهم أحكام قطعية، وفق التلهوني. 

وستقوم النيابة العامة بناء على التوجيه بدراسة القضايا ومن ارتكب هذه الأفعال وفرز الملفات وتقديمها إلى الحكومة، ثم الحكومة بعد أن تتثبت من أن الأفعال أو القضايا مرت بطرق الطعن كافة وأصبحت الأحكام فيها مبرمة، سيتم التنسيب بها إلى الملك ويصدر إرادته الملكية بأسماء الأشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط ويشملهم هذا العفو الخاص، بحسب التلهوني. 

وتبدأ إجراءات العفو، من النيابة العامة أو المجلس القضائي حيث يُعد كشف بأسماء الأشخاص الذين ارتكبوا هذا الجرم وتاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية، ثم يُرسل إلى وزير العدل الذي بدوره يرسله إلى مجلس الوزراء ثم يُرسله مجلس الوزراء إلى الملك. 

وقال رئيس ديوان الرأي والتشريع السابق نوفان العجارمة في وقت سابق، إن العفو يشمل فقط العقوبة سواء بإسقاطها كليا أو جزئيا أو بتخفيضها. 

ولفت ‘إلى أن “العفو الخاص المنصوص عليه في قانون العقوبات وبالدستور لا يشمل الجريمة بل يشمل العقوبة فقط”، موضحا أن العفو الخاص السابق والذي قبله شملا إسقاط العقوبة بكاملها بدون أن يكون العفو جزئيا. 

فرصة لمراجعة التشريعات  

من جانبه، قال المركز الوطني لحقوق الإنسان، إنه تابع التوجيه الملكي بالسير في إجراءات إصدار عفو خاص عن المحكومين بجريمة إطالة اللسان، خلافًا لأحكام المادة 195 من قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960م وتعديلاته. 

وأكد المركز في بيان له حصلت “رؤية” على نسخة منه، أن هذا التوجيه يشكل لبنة إضافية في طريق تعزيز منظومة الحريات في الأردن خصوصًا مع دخول الدولة الأردنية مئويتها الثانية. 

ورأى المركز أن هذا التوجيه الملكي يعد فرصة مواتية لمراجعة مصفوفة التشريعات ذات العلاقة بالحريات العامة في الأردن، والتي طالما أكد الملك على محوريتها في عملية الإصلاح، بما يضمن ان تكون القيود على هذه الحرية في أضيق الحدود، وأن تتوافق مع الدستور الأردني الذي نص في المادة 128 منه على ضرورة ألا تمس التشريعات المنظمة جوهر الحقوق وأساسياتها، وفي الوقت ذاته أن تتواءم هذه القيود مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. 

وخلال تسلمه تقرير لجنة تحديث المنظومة السياسية في البلاد، يوم أمس الأحد، أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أن النموذج الديمقراطي الذي نسعى إليه جميعا يعبر عن إرادة سياسية ومصلحة وطنية.  

وأوضح الملك، أن هذه المنظومة تشكل مرحلة جديدة ومفصلية ضمن مسارات تحديث الدولة في مطلع مئويتها الثانية. 

آخر قضية “إطالة لسان”  

وكانت آخر قضية “إطالة لسان” قد أثارت جدلا واسعا في الأردن وأدت لتدخل مباشر من الملك عبدالله الثاني. 

ووقعت القضية في نيسان أبريل الماضي، عندما أدّى تلاسن بين امرأتين حول قيادة السيارات الى الحكم على إحداهما بالسجن لمدة عام بتهمة “إطالة اللسان على الملك”. 

وتحدث الشابة الأردنية آثار الدباس في حينه عن أن خلافا نشب بينها وبين سيدة أخرى حول أسلوب قيادة مركبتها، وأنها انتقدت السيدة وخاطبتها قائلة “قودي جيدا”، فردّت الشاكية قائلة “انا أقود أفضل منك ومن أبيك”. 

فردت الدباس عليها قائلة “أبي عندي أحسن من الملك”، لتفاجأ لاحقا بشكوى قانونية أقيمت ضدها.  

 ودانت محكمة صلح عمان في 29 آذارمارس الماضي الدباس، وحكمت عليها بالسجن عامًا واحدًا مع وقف التنفيذ. 

لكن إثارة القضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع في الأردن، أدى لاستئناف الحكم ضد الشابة، ولفتة مكلية باتصال الملك عليها وطمأنته أنها مثل ابنته ولن تتعرض لأي مساءلة. 

ربما يعجبك أيضا