لا مكان فيها للانتهازيين أو الإسلاميين.. الرئيس التونسي يريد حكومة تعتمد نهج الإصلاح

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

تحدث الرئيس التونسي قيس سعيد، إثر لقائه برئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن، أمس الإثنين، عن تطلعاته بشأن الحكومة المقبلة.

وقال قيس سعيد إنه سيتم تشكيل الحكومة المقبلة بعيدا عن الانتهازيين والطامعين دون ذكرهم لكن المراقبين للشأن التونسي يعتقدون بأن الرئيس يقصد التيار الإسلامي وحلفاءه من الفاسدين.

كما تحدث الرئيس أن بعض الأطراف السياسية لم يعد لها أي مكان في تونس بعد أن رفضهم الشعب بسبب سياساتهم العقيمة مشيرا بأنه ينصت لنبض الشارع الذي خرج الأحد الماضي.

ويظهر جليا أن الرئيس التونسي مصمم على نهجه الإصلاحي وإنقاذ البلاد من عشرية سوداء كانت لها تداعيات كارثية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد حيث تصاعد التضخم وانهارت العملية وتضاعف عجز الميزانية وتفشى الفقر والبطالة والتهميش في المجتمع في حين استفادت طبقة سياسية من الوضع وراكمت ثروات بذريعة الديمقراطية.

وبالتالي يسعى الرئيس التونسي إلى إنهاء تلك المنظومة والتأسيس لمنظومة جديدة تقطع بداية مع منظومة الإسلام السياسي وتشرك الشباب في الجهات في الحكم عبر إنهاء الديمقراطية التمثيلية نحو الديمقراطية المباشرة.

وبدأت حركة النهضة فعليا في مواجهة جهود الرئيس في الإصلاح سواء بنشر الشائعات حول شخصية نجلاء بودن واعتبارها مجرد أداة في يد الرئيس أو من خلال استغلال جهاز البلديات لعرقلة بعض الخطوات الإصلاحية في الجهات حيث يسيطر الإخوان وحلفاؤهم على عدد من البلديات الهامة القادرة على عرقلة جهود نجلاء بودن.

ورغم أن الرئيس قيس سعيد تحدث في اتصاله بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت عن فتح حوار وطني لكن كثيرا من المراقبين أكدوا بان هذا الحوار سيقصي الإسلاميين والفاسدين.

حوار وطني بلا إسلام سياسي

وفي هذا الصدد يقول الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي أن حركة النهضة لن تكون طرفا في الحوار الذي يعتزم الرئيس إطلاقه في وقت لاحق.

وأكد مغزاوي أنه التقى الرئيس في عدة مناسبات وأعلمه أنه سيدعو إلى حوار إثر إعلان تركيبة الحكومة التي ستكون حاضرة خلال الأيام المقبلة.

وكان المغزاوي أكد في حوار لشبكة رؤية بأنه لا مجال إلى العودة إلى ما قبل 25 يوليو متهما الإسلام السياسي بالتسبب في الأزمة التي تعيشها البلاد طيلة عشر سنوات من حكمهم.

كما اتهم المغزاوي راشد الغنوشي بالانفصام عن الواقع بسبب تمسكه برئاسة البرلمان المجمد قائلا بأنه حزبه أصبح منقسما بسبب سياساته العقيمة في إشارة إلى استقالة عدد من القيادات الهامة.

بدوره أكد النائب المستقيل من البرلمان محمد عمار أنه لا مكان للنهضة في المستقبل السياسي للبلاد موضحا في تصريح لإذاعة ” آي إف إم” الخاصة أن هنالك مساع لحل حركة النهضة وحليفها قلب تونس بسبب تورطهما في ملفات فساد وتمويل أجنبي وفق تقارير محكمة المحاسبات.

وبالتالي فإنه من الواضح أن الحكومة المقبلة ستقطع تماما مع الإسلاميين والفاسدين حيث استبقت حركة النهضة هذا الأمر بالطعن في شرعية الحكومة وتمسكها بنظرية ما تراه ” انقلابا” في محاولة لتبرير فشلها.

التأييد الشعبي حافز لنجلاء بودن

ويرى مراقبون أن حكومة نجلاء بودن ستعمل على مواجهة عدة ملفات حارقة لكنها ستنطلق في المقابل بتأييد شعبي ظهر جليا في مسيرات يوم الأحد الداعمة للإجراءات الاستثنائية والتي أكد قيس سعيد أنها فاقت مليون و800 ألف شخص.

وهذا التأييد الشعبي الهائل سيمنح نجلاء بودن فرصة حقيقية  لتفعيل جهود الإصلاح والتي ستتناول خاصة الملف الاقتصادي.

وأكد الأمين العام لحزب حركة تونس إلى الإمام عبيد البريكي في تصريح لرؤية أن الملفات الاقتصادية والاجتماعية هي من الملفات الحارقة التي يجب البت فيها إضافة إلى الملف الصحي وجهود الدولة في مكافحة وباء كورونا.

ولا يمكن أبدا الاستهانة بالملفات التي ستواجه رئيسة الحكومة فتونس تعاني من عجز بلغ 9 آلاف مليار دينار في الميزانية ويجب إيجاد طريقة لسد ذلك العجز وإصدار موازنة قادرة على تحقيق متطلبات الشعب التونسي في الفترة المقبلة.

كما ستعمل رئيسة الحكومة المكلفة على إقناع صندوق النقد الدولي بمساعدة تونس لتجاوز الأزمة الاقتصادية بعد سنوات من غياب الثقة بسبب سياسات الإسلام السياسي.

كما أن من أبرز الملفات التي يجب على حكومة بودن الخوض فيها هو ملف مكافحة الفساد الذي تغلغل في أجهزة الدولة وإنهاء تحكم الأحزاب في الوزارات والإدارات الحكومية.

وعموما يتطلع الشعب التونسي بكثير من الأمل إلى إصلاح أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية عبر حكومة لا يتلاعب بها الإسلاميون لأول مرة منذ 2011.

ربما يعجبك أيضا