الانتخابات البرلمانية العراقية.. انطلاق التصويت الخاص بالجيش والشرطة والنازحين

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

قبل يومين من التصويت العام، تجري اليوم الجمعة، عملية التصويت الخاص في الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة، وسط إجراءات أمنية مشددة، ويحق لنحو مليون و200 ألف ناخب من أفراد الجيش والأمن والنازحين ونزلاء السجون المشاركة في التصويت الخاص في مستهل الانتخابات التي ستبلغ ذروتها في البلاد يوم الأحد المقبل.

وفي الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي، فتحت المراكز الانتخابية في أرجاء البلاد أبوابها، حيث توافدت مجاميع من القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم يتقدمهم كبار القادة والضباط، كما سيصوت النازحون وعناصر من وزارة الداخلية في إقليم كردستان وقوات البيشمركة الكردية، في حين يتوقع مراقبون أن تكون نسبة مشاركة العراقيين ضئيلة.

وقالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، فإن مليون و75 ألفاً و 727 من أبناء الجيش العراقي وقوات الشرطة والأجهزة الأمنية سيدلون بأصواتهم  في عملية التصويت الخاص في 595 مركزاً انتخابياً تضم 2584 محطة اقتراع.

وبحسب المفوضية، فإن 120 ألفاً و126 من النازحين سيدلي بأصواتهم في 86 مركزاً انتخابياً تضم 309 محطات اقتراع، وسيدلي 671 من السجناء المودعين في الدوائر الإصلاحية بأصواتهم في  6 محطات انتخابية موزعة على محافظات بغداد والسليمانية وميسان وواسط والبصرة.

ومن المقرر أن تنتهي عملية التصويت الخاص في الساعة السادسة من مساء اليوم، حيث ستغلق صناديق الاقتراع إلكترونياً ما يعني عدم السماح بتمديد التصويت لوقت إضافي.

وتأتي الانتخابات نتيجة انتفاضة شعبية هائلة قام بها العراقيون قبل عامين، لكن لا يتوقع أن ينتج هذا الاستحقاق التغيير الذي حلم به كثيرون قبل سنتين في بلد غارق بالأزمات.

تعزيز أمني

ولتأمين سير العملية الانتخابية، تم نشر أكثر من 250 ألف فرد من القوات العراقية في أرجاء البلاد وتوزيع  القوات على شكل أطواق أمنية في محيط المراكز الانتخابية والشوارع فضلا عن الاستعانة بقوات احتياطية لمواجهة أي طارئ، بالإضافة إلى تحليق عددا من مقاتلات سلاح الجو العراقي في سماء بغداد وعدد من المدن العراقية.

وهناك مخاوف من احتمال حصول عنف انتخابي في حال لم تتوافق النتائج مع طموحات الأطراف المشاركة.

ويتيح النظام الانتخابي للتصويت الخاص السماح للناخبين بانتخاب مرشحيهم بحسب مدنهم ومحافظاتهم على الرغم من انتشارهم في محافظات أخرى.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أنها أنجزت جميع استعداداتها ومهامها لإجراء الانتخابات البرلمانية وحماية أصوات الناخبين حيث تم توزيع صناديق الإقتراع والأوراق الانتخابية على المراكز الانتخابية تحت حراسة القوات الأمنية.

وستشهد الانتخابات مشاركة أكثر من 1000 مراقب دولي من 85 دولة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والممثليات الدبلوماسية العربية والأجنبية العاملة في العراق، ومنظمات دولية مهتمة بالشأن الانتخابي لمراقبة سير العملية الانتخابية فضلاً عن  وصول 491 إعلامي عربي وأجنبي لتغطية وقائع الانتخابات العراقية.

وتجري الانتخابات وفق قانون انتخابي جديد يرفع عدد الدوائر وينص على تصويت أحادي، ما يفترض أن يشجع المستقلين والمرشحين المحليين، كما يوجد أكثر من 3240 مرشحاً في هذه الانتخابات على مقاعد البرلمان الـ329.

تشكيك

وبسبب معاناتهم من حروب متتالية وفساد مزمن وفقر، ينظر العراقيون ومن بينهم 25 مليون ناخب، بتشكيك ولا مبالاة إلى الانتخابات التي تجري وفق قانون انتخابي جديد.

وإثر القمع الشديد وقيود احتواء الوباء، تراجعت الحركة الاحتجاجية، التي كان يشارك بها عشرات الآلاف من الأشخاص احتجاجا على الفساد والتدهور الاقتصادي وتراجع الخدمات العامة.

من جانبه يقول الباحث رمزي مارديني المتخصص في الشأن العراقي في معهد «بيرسون» في جامعة شيكاغو، إنه لا يبدو أن الانتخابات ستكون عنصرا فاعلا في التغيير بعد عامين من الانتفاضة، وكان يفترض بهذه الانتخابات أن تكون رمزا للتغيير، لكن للمفارقة فإن من يدافعون عن هذا التغيير اختاروا المقاطعة احتجاجا على عدم تغير الوضع الراهن، وفقا لوكالة الأنباء «الألمانية».

ويذكر أن ناشطون ومتظاهرون، أعلنوا مقطاعتهم للانتخابات، بعد أن تعرض العشرات منهم خلال الأشهر الأخيرة للاغتيال أو محاولة الاغتيال، من دون أن يحاسب منفذو هذه العمليات، ما عزّز فكرة الإفلات من العقاب.

وتوقع الخبراء نسبة مقاطعة قياسية ما بين الـ25 مليون ناخباً، واختارت غالبية التيارات المنبثقة عن الاحتجاجات أو ناشطين مقاطعة الانتخابات، منددين بهيمنة مناخ غير ديموقراطي على العملية.

تحديات

في عملية قد تتطلب أشهرا، تبقى المفاوضات التي ستلي إعلان النتائج من أجل اختيار رئيس للوزراء يقضي العرف بأن يكون شيعيا، أبرز التحديات، في برلمان يتوقع أن يكون مشرذما، حيث تم اختيار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بعد خمسة أشهر من المفاوضات.

وفي بلد قائم على التسويات السياسية، ينبغي على القوى الأساسية وضع خلافاتها جانبا على ملفات عدة من الوجود الأمريكي إلى نفوذ الجارة إيران، للتفاوض على اسم جديد لرئاسة الحكومة.

ويسعى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذي يقدم نفسه على أنه المناهض الأول للسياسيين الفاسدين، لتحقيق نتائج تتيح له اختيار رئيس للحكومة من دون عوائق.

في المقابل تعزز نفوذ خصومه الأبرز المتمثلين بالفصائل الموالية لإيران الساعية إلى زيادة تمثيلها في البرلمان الذي دخلته للمرة الأولى في العام 2018 ضمن تحالف «الفتح» بـ48 نائبا، مدفوعة بانتصاراتها ضد تنظيم «داعش».

من جانبه يرى المحلل السياسي العراقي علي البيدر، أن القوى الموالية لطهران تحاول العمل بشكل واضح للحفاظ على المكتسبات التي حققتها في المراحل السابقة، في الأثناء، دخل تحالف “تقدّم” برئاسة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي المنافسة بقوة في المناطق السنية كالموصل ومحافظة الأنبار، ما يجعل منه لاعبا لا يمكن تفاديه، وفقا لـ«فرانس برس»

ويقول الباحث رمزي مارديني: «يحتمل أن تنشأ خلافات أولية بين القوى الشيعية، لكن ذلك ليس سوى تكتيكا للمساومة بين أطراف النخبة التي ستفضي بالنهاية إلى توافق، ويبقى تشكيل الحكومة بيد الأحزاب السياسية وقادتها. لا يمكن للمستقلين إلا أن يكونوا مجرد ملحق سطحي في العملية»

ويشير إلى أن ذلك قد يزيد من حظوظ الكاظمي الذي نجح في الحفاظ على علاقات جيدة مع لاعبين داخليين وخارجيين أساسيين، بالرغم من أن الكتل الموالية لإيران لا تفضله، لكنها ستقبل به مقابل خيار آخر قد يكون أشد وطأة على العلاقة مع طهران.  

ربما يعجبك أيضا