في أعقاب تحقيقات فساد.. مستشار النمسا يرضخ لمطالب استقالته

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

عقب ضغوط داخلية، استجاب مستشار النمسا لمطالب استقالته على خلفية تحقيقات فساد تم توجيهها له مع مجموعة من المقربين له تتعلق بتأمين صعوده إلى قيادة الحزب الحاكم وحكم البلاد عبر تمويلات من الخزانة العامة للدولة قدمت إلى مراكز لنشر تقارير إيجابية ونتائج استطلاع رأي تم التلاعب بها ونشرها عبر وسائل الإعلام.

خيانة للأمانة

استقال المستشار النمساوي سيباستيان كورتس وسط تحقيقات في عمليات فساد،  وقال كورتس في تصريحات متلفزة مساء اليوم إن الحكومة وصلت إلى “وضع متأزم” مع موقف المعارضة ضده، بحسب ما نقلته وكالة بلومبيرغ للأنباء، مضيفاً أنه يريد “ترك مساحة” لضمان “حكومة مستقرة” في بلاده. وأضاف كورتس: “بلدي أكثر أهمية من نفسي”.

وأشار كورتس إلى أنه طلب من الرئيس النمساوي تسمية مستشار جديد، مضيفاً أنه اقترح أن يتولى وزير الخارجية ألكسندر شالنبيرغ منصب المستشار. وأكد كورتس أنه يعتزم الاستمرار زعيماً لحزبه المحافظ (حزب الشعب النمساوي) ورئيس كتلة الحزب في البرلمان أيضاً.

ويقوم مكتب المدعي العام بالتحقيق مع كورتس وأعضاء مقربين في فريقه الوزاري للاشتباه في عمليات فساد وخيانة للأمانة.

وكان محققون من مكتب المدعى العام لمكافحة الفساد داهموا مقرات كورتس وحزب الشعب النمساوي يوم الأربعاء الماضي، فضلاً عن وزارة المالية وشركة إعلامية، بحثاً عن مواد للتحقيق. ووفقاً للمحققين، هناك مؤشرات على أنه تم استخدام أموال من وزارة المالية في حملة لمساعدة كورتس ليصل إلى مقاليد السلطة.

وجاءت الاستقالة بعد أن فشل حزب الخضر النمساوي، الذي يشكل حالياً جزءاً من ائتلاف حاكم مع حزب الشعب النمساوي المحافظ (حزب كورتس) في محاولته تمرير الميزانية الوطنية، قبل أن يهدد اقتراح بحجب الثقة بانهيار الحكومة. 

تحقيقات فساد

وتتعلق مزاعم الفساد بالفترة بين عامي 2016 و2018، عندما تم الاشتباه في أن أموال وزارة المالية قد استخدمت للتلاعب باستطلاعات الرأي لصالح حزب الشعب النمساوي والتي نُشرت بعد ذلك في إحدى الصحف.

وفي حين لم يتم الكشف عن اسم أي صحيفة من قبل المدعي، أصدرت صحيفة “النمسا” اليومية بيانا يوم الأربعاء، نفت فيه تقارير وسائل الإعلام أنها قبضت أموال دافعي الضرائب مقابل نشر استطلاعات الرأي الإيجابية.

وتم وضع كورتس وتسعة أفراد آخرين وثلاث منظمات، قيد التحقيق “للاشتباه في خرق الأمانة… والفساد … والرشوة… جزئيا مع مستويات مختلفة من التورط”، بحسب بيان مكتب المدعي العام للشؤون الاقتصادية والفساد يوم الأربعاء.

وفي وقت سابق اليوم، نفذ المدعون مداهمات في المستشارية ووزارة المالية ومنازل ومكاتب كبار مساعدي المستشار.

ووصف كورتس المزاعم الموجهة إليه بأنها “لا أساس لها من الصحة”.

كما أنكر ارتكاب أي مخالفات في تحقيق منفصل خضع له في مايو/ أيار بسبب مزاعم أشارت إلى أنه أدلى بتصريحات كاذبة أمام لجنة برلمانية.

مستشار الظل  

على الرغم من أنه لم يعد مستشارا، إلا أن كورتس سيظل شخصية رئيسية في السياسة النمساوية، وسيكون حاضرا في اجتماعات مجلس الوزراء كقائد لحزبه. وقال رئيس حزب الديمقراطيين الاشتراكيين المعارض إنه سيحكم زمام الأمور بصفته مستشار الظل.

ويشير مراقبون إلى علاقته الوثيقة مع ألكسندر شالنبرغ، الدبلوماسي المحترف الذي عمل مع كورتس عندما دخل الحكومة للمرة الأولى كوزير للخارجية.

ويأمل بعض أعضاء حزب كورتس أن تكون استقالته مؤقتة وأن يتمكن من العودة إلى المنصب.

ويقول نمساويون آخرون إن تحقيقي الفساد، وانهيار حكومته الائتلافية الأخيرة مع حزب الحرية اليميني المتطرف في عام 2019، يعني أن الوقت قد حان كي يترك كورتس السياسة تماما.

وأصبح كورتس زعيم حزب الشعب النمساوي في مايو من عام 2017 وقاد حزبه للفوز في الانتخابات في وقت لاحق من ذلك العام ليصبح، في سن 31، أحد أصغر رؤساء الحكومات المنتخبة ديمقراطياً في العالم.

ربما يعجبك أيضا