بعد هزيمة حلفائها.. إيران تواجه تحديًا في العراق

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

أفادت وكالة “أسوشيتد برس” بأن تحالفا للمرشحين العراقيين يمثل جماعة مدعومة من إيران خرج كأكبر خاسر في الانتخابات الوطنية العراقية، وفقا للنتائج الأولية.

وقد أظهرت النتائج احتفاظ كتلة الزعيم العراقي مقتدى الصدر بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان، لتتقدم في عدد من المحافظات العراقية منها العاصمة بغداد.

وقد فازت «الكتلة الصدرية» برصيد غير مسبوق من المقاعد يزيد ربما على 73 مقعداً لتحتل صدارة القوى الفائزة ولتمثل أولى المفاجآت في هذه الدورة. ولعل المفاجأة الكبرى تتعلق بالهزيمة القاسية التي تعرض لها تحالف «الفتح» الذي يضم جميع القوى والميليشيات الحليفة والموالية لطهران، وتشير الأرقام المعلنة إلى حصوله على نحو 14 مقعداً، بعد أن كان يملك 47 مقعداً في الدورة الماضية.

وسيتمكن تيار الصدر من تولي دور قيادي في العملية السياسية لإيجاد مرشح وسط ووضع أجندة سياسية للأعوام الأربعة المقبلة.

وتغلب مرشحو الصدر على مرشحي ائتلاف “الفتح” المدعوم من إيران، وفقا للنتائج الأولية، ويتكون ائتلاف الفتح الذي يرأسه هادي العمري من عدة أحزاب وهو على صلة بقوات “الحشد الشعبي”.

وبرز التحالف خلال الحرب ضد تنظيم “داعش”، ويتضمن التحالف بعض أكثر الفصائل المدعومة من إيران تشددا، مثل “عصائب أهل الحق”.

رفض الهزيمة

يبدو أن إيران ستستخدم سلاح المشاغبين للضغط لتأخير نتائج هذه الانتخابات، وهي تشكيل الحكومة الجديدة.فقد

رفضت قوى عراقية متحالفة مع إيران الإقرار بهزيمتها القاسية في الانتخابات، التي جرت الأحد الماضي، وأطلقت تهديدات بـ «تصحيح المسار»، مشيرة إلى عملية تزوير واسعة.

وغداة تأكيد النتائج الأولية الرسمية لحلول التيار الصدري في المرتبة الأولى، يليه تحالف «التقدم» السني بزعامة محمد الحلبوسي، وتقدُّم جماعات من الحراك الشعبي والمستقلين، أصدرت الهيئة التنسيقية لقوى المقاومة، التي تضم قوى متحالفة مع إيران، بينها تحالف «الفتح» بقيادة هادي العامري و«عصائب أهل الحق» وكتائب «حزب الله»، بياناً ندّد بحصول «تلاعب» و«احتيال تاريخي». وأكد موقعو البيان أنهم سيلجأون إلى الطعن بالنتائج.

وحسب تقرير لصحيفة الجريدة الكويتية، اعتبرت كتائب «حزب الله»، الأكثر موالاة لإيران، أن «الانتخابات أكبر عملية احتيال والتفاف في التاريخ الحديث»، مهددة بأنها «ستقف بكل حزم لإعادة الأمور إلى نصابها»، ومعتبرة أن «الحشد الشعبي هو المستهدف الأساسي».

وعلى عكس الفصائل المقربة من طهران، أقرت بنزاهة العملية قوى عراقية تكبّدت خسائر انتخابية ثقيلة، مثل تحالف عمار الحكيم ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي حصل فقط على 4 مقاعد.

وقالت مصادر إن أمام بغداد أياماً صعبة، لأن الفصائل ستقوم بالتصعيد متبعة أساليب مختلفة، كلامية وغيرها.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حذر، أمس الأول، من التدخل بعمل مفوضية الانتخابات أو الضغط عليها من الداخل أو الخارج، موجهاً تحذيراً إلى «السلاح المنفلت»، في حين توقع محللون أن تطول فترة تشكيل حكومة إلى 8 أشهر.

تحدي صعب

حسب تقرير لمركز الروابط للدراسات السياسية، تدرك إيران أهمية الحفاظ على الإيقاع السياسي الحالي في العراق، وتحديداً عندما يتعلق الأمر بمدى تأثير حلفائها في مسارات العملية السياسية، وامتصاص الحالة الشعبية الرافضة للدور الإيراني، وعلى هذا الأساس فإن مجيء مجلس نواب جديد لا يخضع للتأثير الإيراني، أو على الأقل غير منساق مع السياسات الإيرانية في العراق، قد يجعل إيران وحلفائها أمام حرج كبير، سواءً تعلق الأمر بالوجود الأمريكي في العراق، أو الموقف من الاتفاقية الصينية، أو حتى بالتفاعل العراقي العربي المتصاعد في الآونة الأخيرة.

لذلك يرى بعض المتابعين للشأن العراقي أن إيران تواجه تحديا كبيرا في المرحلة المقبلة، بعدما تم توجيه اتهامات مباشرة لها بالمسؤولية عن أخطاء ومشاكل النظام السياسي خلال احتجاجات تشرين الأول 2019 التي تسببت في تنظيم انتخابات مبكرة، لكن المتابعون يؤكدون أن طهران تعتمد على دورها في إعادة تنظيم التحالفات بعد الانتخابات ومفاوضات تشكيل الحكومة لتثبيت مصالحها.

إذ تعد التحدي الأكبر بعد الانتخابات هو تسمية رئيس للوزراء في عملية ستكون خاضعة لمفاوضات معقدة، ويصعب تحديد من هم المرشحون المحتملون لهذا المنصب. وعادة ما تفرض القوى الشيعية في العراق شروطا مشددة في مفاوضات تشكيل الحكومات المتعاقبة، ضمانا لمصالح إيران، وقد كانت حجر عثرة أمام تشكيل رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي حكومة جديدة العام الماضي، رغم تردي الأوضاع الاقتصادية وتصاعد السخط الشعبي من الطبقة السياسية الحاكمة.

وقد رأت صحيفة “آفتاب يزد” الإيرانية، أن تقدم التيار الصدري قوائم الانتخابات البرلمانية في العراق قد يمهّد الطريق لوصول رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي إلى رئاسة الوزراء مرة أخرى، معتقدة أن التيار الصدري، ومن خلال نجاحه في تشكيل “تحالف ذكي”، يستطيع أن يمسك بزمام البرلمان ويشكل الحكومة.

وقال المحلل السياسي العراقي، مصيب النعيمي، للصحيفة إن قضية الطعون التي وجهت للانتخابات لن تكون ذات تأثير وسوف تتجاوز العملية الانتخابية هذه المرحلة، معتقدا أن مصطفى الكاظمي يعد الأوفر حظا بالفوز نظرا لأدائه خلال السنة التي ترأس الحكومة فيها.

رسالة إنذار

قال المحلل السياسي جلال خوش تشهره، في مقاله الافتتاحي بصحيفة “ابتكار” إن عزوف العراقيين عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة يعطي رسالة إنذار لإيران مفادها أن الأوضاع لدى الجارة الغربية ستكون أكثر اضطرابا.

وذكر الكاتب أن هزيمة الأحزاب التقليدية في العراق، وانفعال شخصيات مثل العامري ونوري المالكي وصالح الفياض وغيرهم يحمل معنيين اثنين: الأول هو أن المشهد السياسي في العراق قد تغير، وهذا التغيير سوف يحمل مصيرا محتوما لهذه التيارات والشخصيات السياسية، والثاني أنه لا يمكن بعد الآن اعتبار هذه الشخصيات بأنها ذات نفوذ وتأثير في العملية السياسية العراقية.

ربما يعجبك أيضا