حكومة نجلاء بودن.. دعم داخلي وخارجي غير مسبوق لإخراج تونس من أزمتها

كريم بن صالح
رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن

رؤية – كريم بن صالح

مع إعلان تشكيلة الحكومة التونسية الجديدة بقيادة نجلاء بودن وتأديتها لليمين الدستورية عبرت العديد من القوى الداخلية والخارجية عن دعمها للمسار الجديد من أجل القيام بإصلاحات حقيقية وإخراج تونس من أزماتها المتعددة.

وبدأت نجلاء بودن بأولى أنشطتها الوزارية وذلك من خلال الاجتماع بعدد من الوزراء وبمحافظ البنك المركزي مروان العباسي للاطلاع على الوضع الاقتصادي والمالي في تونس والعمل من أجل تجاوز عشرية حكم الإسلاميين التي تسببت في الانهيار الاقتصادي غير المسبوق.

وأعلنت بودن وفق بيان لرئاسة الحكومة الثلاثاء على أن أولوية حكومتها تتمثل في خلق توازنات للمالية العمومية والمضي في الإصلاحات الاقتصادية الضرورية والتي تهدف لتحسين مستوى عيش التونسيين وتحسين القدرة الشرائية.

لكن الملاحظ أن الحكومة التونسية الجديدة تحظى بتأييد كبير من الداخل والخارج رغم ما تروجه أحزاب الإسلام السياسي عبر اذرعها الإعلامية من أن افتقاد الحكومة للشرعية سيكون عائقا أمام نجاحها.

ورغم تطلع التيار الإسلامي إلى فشل حكومة بودن لإحراج الرئيس قيس سعيد دون اهتمام بالمصلحة الوطنية الجامعة تؤكد بودن على سعيها لإنجاح المسار مهما كان الثمن وان ذلك لن يتم إلا عبر التعاون مع المنظمات الوطنية وقوى المجتمع المدني.

دعم داخلي

وحظيت الحكومة الجديدة باستبشار شعبي كبير كما دعمت العديد من القوى السياسي والوطنية المسار الجديد متمنية النجاح لنجلاء بودن في جهود إنقاذ البلاد.

وهنا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي نجلاء بودن بإعلان الحكومة الجديدة وتأديتها اليمين الدستورية أمام الرئيس قيس سعيد.

وأكد الطبوبي على استبشار الاتحاد بالخطوة الإيجابية المتمثلة في تشكيل الحكومة بما يمكن من مجابهة الملفات والمشاكل المتراكمة والتي ازدادت تعقيدا خلال الفترة الاستثنائية.

وقال الطبوبي: إن الاتحاد حريص على استمرارية الدولة والدعوة لمتابعة كل التعهدات والالتزامات مع الاتحاد العام التونسي للشغل مشددا على أن الاتحاد لا يمكن إلا أن يكون إيجابيا كلما كانت الحكومة منسجمة مع وعودها وتعهداتها.

بدورها عبرت رئيسة الحكومة عن سعادتها بالاتصال مؤكدة قناعاتها الراسخة بأهمية الاتحاد ودوره وخاصة فيما يتعلق بدفع العمل الحكومي نحو تحقيق نتائج إيجابية في مجمل الملفات المطروحة.

وشدد الطرفان في محادثتهما على أن التواصل بين الحكومة والاتحاد مستمرا خلال الفترة المقبلة.

بدوره أكد اتحاد الصناعة والتجارة عن استبشاره بالحكومة الجديدة داعيا إلى المضي قدما في تسوية الكثير من الملفات والعمل على دفع الاقتصاد ومواجهة الأزمات.

وعبرت العديد من الأحزاب كذلك عن تأييدها للحكومة الجديدة في مواجهة الإسلام السياسي حيث أفاد حزب التحالف من أجل تونس، أن الحكومة الجديدة “جاءت لتؤكّد القطع مع كل التقاليد المعهودة في التسميات والتعيينات، التي كانت خاضعة للولاءات الضيقة ولبعض القوى السياسية والعائلية واللوبيات المهيمنة على مفاصل الاقتصاد والمال”.

وأكد الحزب، في بيان مساندته لكل قرارات رئيس الدولة، مشيرا إلى دعمه لحكومة نجلاء بودنّ التي يُنتظر منها تسريع البت في كل ملفّات الفساد الإداري والمالي والسياسي، وضمان محاكمة عادلة لكل الذين أجرموا في حق البلاد والشعب، وتحقيق إنجازات سريعة في الملفين الاقتصادي والاجتماعي خاصة.

وأيد الحزب التمثيلية الواسعة للمرأة في المناصب الحكومية، في سابقة إيجابية تجسدت لأول مرة في تاريخ تسيير الشأن العام في تونس والعالم العربي معربا عن ارتياحه لما جاء في كلمة الرئيس قيس سعيد خلال موكب أداء الحكومة لليمين، من تأكيد على محاربة الفاسدين والمضيّ في إصلاح مؤسسات الدولة وعلى رأسها مرفق القضاء، والشروع في إصلاح شامل لمسار الثورة بما يكرس سيادة القرار الوطني المستمدّ من سيادة وإرادة الشعب.

بدوره قال حزب التيار الشعبي، في بيان أن الإعلان عن تركيبة الحكومة الجديدة، يعد خطوة مهمة في مسار 25 يوليو واستكمالا له، مؤكدا أنه لأول مرة يتم تشكيل حكومة بعيدا عن قبضة منظومة الفساد والإرهاب، ولا تخضع للصفقات والمحاصصات والبيع والشراء الذي طبع كل الحكومات السابقة.

وقال أن تركيبة الحكومة تعتبر مقبولة، لأن أغلب أعضائها من الكفاءات العلمية المرموقة ولا تحوم حولهم شبهات، وهو ما يمثل تحولا نوعيا مهما سيعطيها أريحية لكي تضطلع بالمهام الجسيمة التي تنتظرها.

وأفاد أن الإعلان عن الحكومة فيه رسالة مهمة للرأي العام بأن هناك بوادر تحول إيجابي سياسي واقتصادي واجتماعي، ورسالة لبقايا المنظومة البائدة مفادها بأن رهانهم على الفشل سيسقط عاجلا أم آجلا، ورسالة لبعض القوى الوطنية الرافضة لمسار 25 يوليو بأن التخوفات المبالغ فيها لا مبرر لها، وكذلك للشركاء في الخارج بأن حالة الفراغ لم تعد قائمة.

وعبر الحزب عن أمله في أن تتسلح الحكومة ببرنامج اقتصادي واجتماعي يمنح للتونسيين الأمل، وينقذ تونس من محنتها ويمكنها من الانتقال إلى مرحلة البناء والتنمية المستقلة، وان تكون في مستوى انتظارات الشعب في مجال مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين والإرهابيين الذين أجرموا في حقه.

واعتبر الحزب أن كلمة الرئيس تتميز عن سابقاتها بوضع النقاط على الحروف، وإفصاحه عن رؤية للإصلاح السياسي من خلال حوار مجتمعي كان الحزب قد طالب به كبديل عن صيغة الحوارات السابقة، بما يجعل الشعب شريكا في صياغة الإصلاحات السياسية القادمة التي ستعرض على الاستفتاء قبل المرور إلى الانتخابات، لتخرج البلاد بذلك من مرحلة الاستثناء بمشروع وطني عنوانه السيادة الوطنية والكرامة الإنسانية.

كما عبر الحزب الوطني التونسي عن ارتياحه للإعلان عن تركيبة الحكومة الجديدة، برئاسة نجلاء بودن.

وقال الحزب -في بيان أصدره مجلسه الوطني المضيّق- أن هذا الإعلان “إيجابي”، بالنظر لتقلد المرأة العديد من الوزارات، بالإضافة إلى التقليص في عدد الحقائب الوزارية، داعمة قرار إعادة إنشاء وزارة الاقتصاد والتخطيط “التي تم إلغاؤها سنة 2011، بما من شأنه أن يجعل من هذه الوزارة قاطرة الإصلاح الاقتصادي العميق والطريق المؤدية للنمو الشامل”.

وشدد الحزب على ضرورة “الخروج من حالة العجز الاقتصادي والمرور إلى دفع النمو والتنمية وخلق الثروة الوطنية”، داعيا إلى “تشجيع الاستثمار وتسريع إنجاز المشاريع المعطلة، عبر وضع إستراتيجية واضحة المعالم وإجراءات حازمة وإصلاحات اقتصادية براغماتية”.

كما دعا الحزب “وضع حد للبيروقراطية المجحفة وعلى مراجعة المنظومة القانونية التي تثقل كاهل الدولة التونسية والمنتجين والمستثمرين وتعطّل مسالك الإنتاج وخلق الثروة الوطنية”، مطالبا الحكومة بتخفيف وتبسيط الإجراءات والقوانين، ليتقبّلها المواطن ويطبّقها بكل أريحية.

الدعم الخارجي

وحظيت حكومة بودن بدعم العديد من الدول العربية والغربية حيث اتصل الوزير الأول ووزير المالية الجزائري أيمن بن عبد الرحمان الثلاثاء بنجلاء بودن لتهنئتها بمناسبة تنصيب الحكومة الجديدة، معرباً لها عن تمنياته بالنجاح والسداد في أداء مهامها.

وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عن تأييده لاستقرار الوضع في تونس مشيرا إلى أنه ينتظر تشكيل الحكومة لتفعيل الكثير من الاتفاقيات الاقتصادية.

ورحبت الخارجية الإماراتية كذلك بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة حيث صرح وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن بلاده تتوق لتوسيع نطاق مجالات التعاون الثنائي بين دولته والحكومة التونسية الجديدة، متمنيا مزيد من التقدم والازدهار لحكومة وشعب تونس العريق .

وثمن الوزير الإماراتي بالجهود المبذولة من قبل الرئيس قيس سعيد في إعادة هيكله المؤسسات والهيئات الحكومية في تونس، متمنيا أن ينعم الشعب التونسي بالأمن والاستقرار خلال الفترات القادمة .

بدورها أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بتشكيل الحكومة التونسية، وعن أملها في أن تحقق هذه الحكومة تطلعات الشعب التونسي الشقيق في كل ما يحقق له الرفاه والتقدم.

كما أكدت المملكة حرصها على كل ما من شأنه تحقيق دعائم الاستقرار والتنمية في الجمهورية التونسية.

كما رحبت مصر  بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة مؤكدة أنها ستظل داعمة ومُساندة لجهود القيادة التونسية في مساعيها نحو ترسيخ ركائز الاستقرار في تونس.

وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها ” تُرحب جمهورية مصر العربية بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة، اليوم، برئاسة السيدة نجلاء بودن، مُثمنة الجهود الوطنية المُخلصة التي تبذلها الدولة التونسية للاستجابة لتطلعات الشعب التونسي الشقيق نحو الازدهار والنماء”.

 بدورها أشادت الولايات المتحدة الثلاثاء بتشكيل الحكومة وشجّعت على القيام بخطوات إضافية حيث قال الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس: إن تشكيل “الحكومة الجديدة التي تضم 10 وزيرات خطوة مرحّب بها نحو التعامل مع التحديات الاقتصادية والصحية والاجتماعية الكبيرة التي تواجهها البلاد”.

وتنتظر الحكومة التونسية أن يترجم هذا الترحيب إلى دعم حقيقي للتعاون الاقتصادي مساعدة تونس على الخروج من محنتها الاقتصادية والمالية.

ربما يعجبك أيضا