المعركة ضد قاضي التحقيق بمرفأ بيروت تضع «حزب الله» في خانة المتهمين الرئيسيين

مي فارس

رؤية – مي فارس

 يخوض الثنائي الشيعي المتمثل بـ”حزب الله” وحركة “أمل” معركة شرسة ضد  المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، بعدما شملت استجواباته استدعاء مقربين من الجانبين، وصولاً إلى استصدار مذكرة توقيف في حق النائب والوزير السابق علي حسن خليل المنتمي إلى “أمل” بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري.

  ويتعرض بيطار لضغوط هائلة من الحزبين تحديداً، يتهمانه  بتسييس التحقيق ويشنان حملة للتشهير به. وذهب الأمين العام لحزب الله” السيد حسن نصرالله الإثنين إلى تهديده علناً، وخاطبه قائلاً “اتق الله”.

وقبل أسابيع، نسبت تقارير إلى مصدر أن المسؤول الأمني البارز في “حزب الله” وفيق صفا، هدد بيطار الشهر الماضي بأن الحزب سيزيحه عن التحقيق.

وانتقلت الأزمة أمس إلى مجلس الوزراء حيث طالب وزراء، ينتمي معظمهم لحزب الله وحركة أمل بتغيير البيطار في مناقشة ساخنة لم تتوصل إلى نتيجة حاسمة ويتوقع أن تستكمل اليوم.

 ويعود سبب الحملة على البيطار إلى سعيه لاستجواب مسؤولين كبار، بينهم مقربون من “حزب الله” و”حركة أمل” بشأن اتهامات جنائية بالإهمال لأنهم شغلوا مناصب كانوا خلالها في وضع يُمَكنهم من معرفة وضع نترات الأمونيوم المخزنة بشكل غير آمن في المرفأ على مدى سنوات والذي أدى انفجاره في الرابع من آب 2020 الى أحد أكبر  الانفجارات غير النووية في العالم واوقع أكثر من 20 قتيلًا ودمر جزءاً كبيراً من بيروت.

 وبلغت الحملة على القاضي اليوم بصحيفة “الأخبار” اللبنانية المقربة من “حزب الله” إلى مقارنته بالمحقق ديتليف ميليس الذي تسلم ملف اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وأمر باعتقال أربعة ضباط كبار مقربين من الحزب، وواجه حملة تشهير لا سابق لها أدت إلى إقصائه.

والبيطار هو ثاني قاضي تحقيق في الانفجار يواجه مشكلة، منذ تنحية القاضي فادي صوان عن القضية في  شباط عقب شكوى مماثلة قدمها سياسيون يطعنون الآن في حياد البيطار.

وقبل مذكرة التوقيف في حق حسن خليل، وجه البيطار استدعاء لوزير الأشغال العامة السابق غازي زعيتر، وهو أيضا حليف للحزب، وكان من المقرر استجوابه اليوم.

 وصدرت المذكرة الأولى في  أيلول بحق وزير الأشغال العامة السابق يوسف فينيانوس، وهو أيضا حليف للحزب، لكنه لم يمثل للاستجواب.

وبحملته الواسعة على القاضي، يضع “حزب الله” نفسه في قفص الاتهام بتفجير المرفأ، ولا شك في وقوفه حائط صد ضد استدعاء أي من المقربين منه للتحقيق، يثبت أنه يخشى كشف تورطه في “جريمة العصر” ويحاول قطع الطريق أمام كشف أي تورط له في الملف.

ومن المعروف على نطاق واسع أن “حزب الله” يسيطر على مرفأ بيروت وله نفوذ واسع، ولا يمكن أن تكون كمية من المواد الخطرة مخزنة فيه من دون علمه، إذا لم يكن متورطاً مباشرة في تخزينها.

وعلى  رغم الحملة الواسعة والاتهامات ب”التسييس” للبيطار، لم يحدد “حزب الله” بعد الجهة التي يحاول البيطار تسييس التحقيق لمصلحتها. فالقاضي ليس معروفاً بانتماء سياسي، ولا ينتمي إلى أي من ميليشيات هذا البلد.

وخلافاً لملف اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والذي اتهم الحزب المحقق ديتليف ميليس بتسييسه لمصلحة إسرائيل و”المتعاملين” معها، لا جهة حتى الآن يؤشر لها الحزب علناً.

حتى إن القاضي نفسه لا يجد من يدافع عنه علناً إلا ذوي ضحايا انفجار المرفأ المتلهفين لمعرفة  “المجرم الحقيقي” وراء الجريمة التي أودت بفلذات قلوبهم. ويتنقل هؤلاء منذ أكثر من سنة، من أمام منزل مسؤول إلى آخر، مطالبين بكشف الحقيقة كاملة.

وحتى الدول الغربية التي لا تنفك تطالب بكشف ملابسات التفجير كاملة، تمتنع عن انتقاد “حزب الله” لمحاولته تعطيل عمل القضاء في لبنان وتلويحه بشل الحكومة الوليدة في حال إبقاء القاضي في منصبه.

وتصل اليوم  وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند إلى بيروت لإجراء مزيد من المحادثات الثنائية “المهمة” مع السلطات اللبنانية، بحسب واشنطن.

وكان الناطق باسم وزارة الخارجية  نيد برايس اتهم “حزب الله” بتهديد وترهيب القضاء اللبناني وبممارسة “أنشطة إرهابية وغير مشروعة تهدد أمن لبنان واستقراره وسيادته”.

وقال برايس إن الولايات المتحدة تعتقد أن حزب الله “يهتم بمصالحه الخاصة ومصالح إيران الراعية له أكثر من اهتمامه بمصالح الشعب اللبناني”.

ربما يعجبك أيضا