نساء وأطفال داعش.. من التطرف إلى المجهول

أسماء حمدي

إعداد – أسماء حمدي

تكتظ المخيمات السورية، الخطيرة والفوضوية بزوجات وأطفال وأسر المقاتلين الأجانب التابعين لتنظيم «داعش»، الذين تم أسرهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد والمسؤولة عن إدارة المخيمات، ويحيط بالمخيمات حراس مسلحون وأبراج مراقبة وأسوار من الأسلاك الشائكة.

تضم المخيمات مخيم الهول الكبير ومخيم روج، وهو الأقل من حيث المساحة وعدد المحتجزين، يُحتجز داخل الهول حوالي 60 ألف شخص، بما في ذلك 2500 من أسر مقاتلي التنظيم الأجانب، وذلك بعد أن خسر التنظيم آخر أراضيه بعد سقوط الباغوز في محافظة دير الزور عام 2019.

مخيم الهول

ينتشر العنف والتطرف داخل مخيم الهول، ويواجه هؤلاء الأطفال والنساء ظروف ومخاطر ترقى إلى مستوى التعذيب، وفقا لمنظمة حقوق الإنسان.

 يقول عبدالكريم عمر، وهو مسؤول بقوات سوريا الديمقراطية، بأن تنظيم الدولة لا يزال يحكم في الهول، ويقول إن النساء المتشددات مسؤولات عن الكثير من أعمال العنف، مضيفا: «هناك عمليات قتل يومية، يحرقن الخيام عندما لا يتبع الناس أيديولوجية التنظيم، ويزرعن هذه الأفكار المتطرفة في عقول أطفالهن أيضاً».

يضيف عبدالكريم: «يوجد في المخيم أطفال من كل بقاع الأرض، جلبهم آباؤهم من آسيا وأفريقيا وأوروبا إلى سوريا، للعيش في ظل تنظيم «داعش»، لم يعرف الكثيرون منهم شيئاً سوى الحرب، ولم يجلسوا في المقاعد المدرسية قط، ويعاني البعض من إصابات واضحة».

مخيم روج

إلى الشمال من الهول يوجد مخيم «روج» المقسم بأسوار سلكية، هذا المخيم أصغر من الهول ويضم هو الآخر زوجات وأطفال مقاتلي التنظيم، لكن هنا تقل ووتيرة العنف.

تعيش داخل روج العديد من النساء البريطانيات، بما في ذلك شميما بيغوم ونيكول جاك وبناتها، ومجموعة من النساء من جزيرة ترينيداد وتوباغو الكاريبية، التي سجلت أعلى معدلات التجنيد في تنظيم «داعش» في نصف الكرة الغربي.

لا نهاية تلوح في الأفق

ذكر تقرير لمنظمة إنقاذ الطفولة، أن كل أسبوع في مخيم الهول، يموت طفلان هذا العام، بينما يعاني المعتقلون من الجوع والعطش وسوء الصرف الصحي والمأوى غير المناسب.

يُنظر إلى الأولاد الأكبر سناً على أنهم تهديد محتمل، لذا بمجرد بلوغهم سن المراهقة، يتم نقلهم إلى مراكز احتجاز آمنة بعيداً عن عائلاتهم.

في حين أن التهديد بالعنف أو الاستغلال موجود دائمًا بالنسبة للعديد من الأشخاص الموجودين بالداخل والذين حسب التقرير: «لا نهاية تلوح لهم في الأفق».

يقول عمر: «عندما يبلغون سناً معينة، يشكلون خطراً على أنفسهم والآخرين، لذلك لا خيار أمامنا سوى بناء مراكز إعادة تأهيل لهؤلاء الأطفال، لكنهم يبقون على اتصال بأمهاتهم من خلال الصليب الأحمر الدولي».

أشارت وزارة الداخلية في بعض الحالات إلى أنها ستسمح للأطفال بالعودة إلى المنزل إذا كانت والدتهم مستعدة للتخلي عنهم لأفراد الأسرة الآخرين، لكن فكرة الانفصال الأسري مثيرة للجدل ولا يعتقد أنها حدثت.

بريطانيا «تتواطأ»

تتهم منظمة حقوقية، بريطانيا بالتغاضي عن المعاملة المهينة لأولئك الذين عاشوا في ظل تنظيم داعش، وذلك برفضها إعادة النساء والأطفال المحتجزين إلى أجل غير مسمى في معسكرات الاعتقال السورية.

يتهم التقييم الذي أجرته منظمة Rights and Security International (RSI) المملكة المتحدة وآخرين بغض الطرف عن الظروف الخارجة عن القانون في معسكرين يضم 60 ألف امرأة وطفل، كثير منهم محتجز منذ انهيار التنظيم.

من بين المحتجزين في شمال شرق سوريا ما يقدر بـ 15 إلى 20 فردًا وعائلة من أصل بريطاني، بما في ذلك شميمة بيغوم وآخرين ممن انتزعت جنسيتهم.

وقالت سارة سانت فينسنت، المديرة التنفيذية لمؤسسة RSI: «برفضها إعادة هؤلاء الأطفال والنساء إلى المملكة المتحدة عندما يكون بإمكانها ذلك، تتخلى الحكومة البريطانية عن الناس بما في ذلك مواطنيها  للتعذيب والموت».

تضيف سارة: «هذا الرفض يتجاهل بشكل صارخ حقوق الإنسان الأساسية التي تروج لها الحكومة البريطانية على المسرح الدولي، ويعامل هؤلاء النساء والأطفال المسلمين على أنهم أقل من البشر».

تستمر بريطانيا في القول بأن النساء يشكلن تهديدًا للأمن القومي، وفي حالة بيغوم وآخرين، أزالت جنسيتهم البريطانية، ومن المحتمل أن يواجه أي بريطاني بالغ يُسمح له بالعودة تهماً بالإرهاب ، على الرغم من عدم وضوح الأدلة التي يمتلكها المدعون.

في الأسبوع الماضي قالت نيكول جاك 34 عاما، وهي أم محتجزة في مخيم الروج، في مقابلة مع «بي بي سي»، بأنها ليست مخاطرة أمنية ويجب على السياسيين “فتح عقولهم” للسماح لنا بالعودة، وأضافت: «لا تمسّونا تحت البساط».

كما يريد القادة الأكراد السوريون من المملكة المتحدة وغيرها أن تعيد 12 ألف امرأة من خارج سوريا والعراق الموجودين في المخيمات، في الوقت الذي يكافحون فيه لإعادة إعمار شمال شرق البلاد، خارج سيطرة نظام بشار الأسد في سوريا. دمشق.

وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، دعا آلهان أحمد، الرئيس المشارك لمجلس سوريا الديمقراطية، خلال زيارة إلى بريطانيا الأسبوع الماضي، المملكة المتحدة إلى «تقديم الدعم لهم وتأهيل الجميع وإعادتهم إلى وطنهم».

وبدأت بلدان أخرى في إعادة النساء والأطفال تدريجيا إلى أوطانهم، وقالت ألمانيا الأسبوع الماضي، إنها أعادت إلى الوطن ثماني نساء و 23 طفلا في عملية مشتركة مع الدنمارك أعادت ثلاث نساء و 14 طفلا.

قالت مايا فوا، مديرة مجموعة «ريبريف» لحقوق الإنسان: «بدأت المملكة المتحدة تبدو وكأنها دولة شاذة لأنها ببساطة ليس لديها سياسة، إن الفكرة القائلة بأن بريطانيا غير قادرة على التعامل مع 15 إلى 20 عائلة عاشت في ظل داعش ستكون مضحكة إذا لم تكن مأساوية».

وقالت وزارة الخارجية إنها شجعت سلطات المخيم على ضمان تلبية الظروف للمعايير الدولية، وقالوا: «من المهم ألا نحكم على مخاطر الأمن القومي التي يشكلها شخص ما بناءً على جنسه أو عمره وحده، ولكن التهديد الذي يشكله بناءً على أفعاله والدور الذي لعبه في دعم داعش».

ربما يعجبك أيضا