أحداث دامية.. مسلسل تفجير المساجد الأفغانية عرض مستمر!

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

مشاهد دموية، وأشلاء لضحايا تناثرت دمائهم في كل زاوية من زوايا المكان، على الأرض التي سجدوا عليها، على ملابس مسعفيهم، وعلى الجدران التي سمعت صوت تردديهم للآذان، لتكون صلاة الجمعة التي جمعتهم اليوم، هي وداعهم الأخير لهذه الحياة.

حلقة جديدة، استكملت بها الجماعات الإرهابية، صباح اليوم الجمعة، مسلسل استهدافها للمساجد الأفغانية، وذلك بعد أن هز انفجار عنيف مسجدًا في مدينة قندهار بجنوب البلاد، ليخلف عشرات الضحايا ونحو مائة مصاب.

هكذا يستهدف الإرهاب ضحاياه!

FBw8Gs6XIAYFSbp

يد الإرهاب كعادتها، تُحدد بعناية شديدة التجمعات التي تريد استهدافها، ولا سيما الدينية منها، سواء لمسلمين كانت أو لمسحيين، لتقوم بتنفيذ عملياتها الإرهابية وتفجيراتها الوحشية متجردة من كل معاني الإنسانية، لاستهداف أرواح برئية تمزق أجسادها انفجارات التطرف الدامية.

صباح اليوم، وعلى هذا النهج، تم استهداف مسجد بالحسينية وهي أكبر مسجد للشيعة في قندهار وتعرف باسم مسجد بيبي فاطمة أو مسجد إمام بارغاه.

وفي هذا الصدد، أفادت وسائل إعلام محلية ودولية بأن الانفجار وقع وسط حشد من المصليين داخل المسجد، مثلما حدث قبل أسبوع في حسينية أخرى في مدينة خان آباد بولاية قندوز شمال البلاد.

وفور الحادث، سارعت القوات التابعة لحركة طالبان الأفغانية، إلى إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى المسجد عقب التفجير، فيما أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية في الحكومة الجديدة التي شكلتها حركة “طالبان”، سعيد خوستي، على حسابه في “تويتر”، سقوط قتلى وجرحى جراء الانفجار، مشيرًا إلى أن عناصر للقوات الخاصة التابعة للحركة وصلت إلى موقع الحادث بهدف “تحديد طبيعة الحادث وتقديم المسؤولين إلى العدالة”.

تطورات الأحداث

FBvcvFEXIAA7cYT

وفي تطورات الأحداث، أفادت وكالة “Bakhtar” الأفغانية بأن حصيلة ضحايا الهجوم الانتحاري، الذي نُفذ في حوالي الساعة 13:30 بالتوقيت المحلي خلال تجمع الناس لأداء صلاة الجمعة، بلغت 62 قتيلًا، بينما أصيب 68 آخرون على الأقل.

وتضاربت الروايات، فبحسب مسؤول المسجد مرتضى ظريفي، فجر انتحاريان نفسيهما بالمسجد، فيما نقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن أحد شهود العيان، قوله إن “أربعة هاجموا المسجد، وفجر انتحاريان اثنان عبوات ناسفة عند بوابة أمنية؛ ما سمح للاثنين الآخرين بالركض إلى الداخل وضرب المصلين”.

وأظهرت لقطات مصورة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي من مكان الحادث جثثًا مبعثرة على سجاد ملطخ بالدماء وناجين يتجولون في حالة ذهول أو يصرخون من الألم.

ومن جانبها، أشارت حركة طالبان الأفغانية إلى أن التحقيق لا يزال جاريًا في الحادث، دون مزيد من التفاصيل.

إدانات عربية ودولية

2 8

فور الحادث الأليم، عبَّرت العديد من الدول العربية والإسلامية عن عزمها مواصلة التصدي للإرهاب، مؤكدة على أن تفجير قندهار لن يثني العزيمة العربية والإسلامية على مواجهة الإرهاب أيًا كان مصدره.

وتوالت الإدانات العربية والدولية على نطاق واسع، إذ تواصلت التنديدات للانفجار الدموي، مؤكدين على نبذ كافة أشكال العنف والإرهاب، خاصة وأن استهداف المساجد الأفغانية أصبح في تزايد مستمر.

وفي رفض تام للهجوم الإرهاب، أدانت دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة، تفجير المسجد الذي أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى.

إذ أكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان له، أن “دولة الإمارات تعرب عن إدانتها الشديدة لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لكافة أشكال العنف والإرهاب التي تتعارض مع القيم والمبادئ الإنسانية”.

وأعربت الوزارة عن خالص تعازيها ومواساتها لذوي الضحايا جراء هذه الجريمة النكراء، وتمنياتها بالشفاء العاجل لجميع المصابين.

ومن جانبها، أعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديد أيضًا للهجوم الإرهابي، معربة عن أمل المملكة في استقرار الأوضاع في أفغانستان في أسرع وقت ممكن، ومؤكدة في الوقت ذاته عن دعمها الدائم للشعب الأفغاني.

كذلك أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، عن تعازيها في ضحايا التفجير الإرهابي، إذ عبّر الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير هيثم أبو الفول، عن إدانة واستنكار المملكة الشديدين لكافة أشكال الإرهاب، متمنيًا الشفاء العاجل للمصابين.

ومن جانبها، أعربت قطر، أيضًا عن إدانتها واستنكارها الشديدين للتفجير، حيث جددت وزارة الخارجية القطرية، في بيان لها، التأكيد على “موقف قطر الثابت من رفض العنف والإرهاب، مهما كانت الدوافع والأسباب”، كما شددت على رفضها التام لاستهداف دور العبادة وترويع الآمنين.

وفي بيان مماثل، أعربت وزارة الخارجية الكويتية، عن إدانتها واستنكارها لحادث التفجير، مؤكدة على موقف دولة الكويت المبدئي والثابت المناهض للعنف والإرهاب بكافة أشكاله وصوره.

واختتمت الوزارة بيانها بالإعراب عن خالص التعازي وصادق المواساة إلى أسر الضحايا وتمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل.

كذلك دعت الأمم المتحدة إلى محاسبة المسؤولين عن هذا الهجوم الدامي، وأدانت بشدة مثل هذه الأعمال الوحشية.

ومن تركيا، أدانت وزارة الخارجية التركية بشدة الهجمات الإرهابية المنافية للقيم الإنسانية التي تستهدف المساجد على وجه الخصوص في أفغانستان.

ليس الأول

1 1

هجوم اليوم، لم يكن الأول من نوعه، إذ وقعت عدة هجمات مماثلة في الأسابيع الأخيرة، من بينها هجوم على مسجد في كابول، وحتى الآن لم يتبن أي جهة مسؤولة عن الهجوم الجديد، لكن من المرجح وقوف تنظيم “داعش” وراءه، خاصة وأنه أعلن مسؤوليته عن تفجير مماثل قبل أسبوع.

وكان التنظيم الإرهابي، قد تبنى الأسبوع الماضي، التفجير الانتحاري الذي وقع في مسجد بولاية قندوز الأفغانية، وأسفر عن مقتل وإصابة 100 شخص على الأقل، وذلك بعد أن قام انتحاري بتفجير نفسه، داخل مسجد شيعي كان به مصلون من الأقلية شيعية أثناء تأديتهم صلاة الجمعة أيضًا.

وفي بداية الشهر الجاري، أسفر هجوم مماثل بقنبلة في كابول عن مصرع خمسة أشخاص على الأقل وإصابة 11 آخرين قرب مسجد عيد كاه.

وحدث التفجير أثناء مجلس عزاء والدة المتحدث باسم حكومة طالبان والقيادي في الحركة ذبيح الله مجاهد، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، فيما أصيب 11 آخرين إثر هجوم بقنبلة.

وفي يوم الجمعة الموافق الرابع عشر من شهر مايو الماضي، وقع انفجار آخر داخل مسجد في منطقة شاكاردارا بالعاصمة الأفغانية كابول.

وأفاد مصدر أمني أن عبوات ناسفة كانت مزروعة في حرم المسجد انفجرت خلال صلاة الجمعة، مما أدى إلى مقتل إمام المسجد المفتي النعمان.

ومن جانبها، أعلنت قوات الشرطة مقتل 12 شخصًا بينهم إمام المسجد، وجرح أكثر من 15 آخرين، في انتهاك صارخ لوقف إطلاق النار.

وبشأنها، سلطت تلك الهجمات المتتالية، الضوء على التحديات الأمنية التي تواجه حركة طالبان، التي سيطرت على البلاد في أغسطس الماضي وشنت منذ ذلك الحين عمليات ضد خلايا “داعش” في كابول.

ولحركة طالبان، التي سيطرت على أفغانستان في منتصف أغسطس عقب الإطاحة بالحكومة المدعومة من الغرب، تاريخها أيضًا في اضطهاد الشيعة -التي تشكل 10% تقريبًا من السكان الأفغان- لكن الحكومة الجديدة بقيادة طالبان تعهّدت بإعادة الاستقرار إلى البلاد، غداة اعتداء قندوز، كما تعهّدت بحماية الأقلية الشيعية التي تعيش اليوم في ظل حكمها.

ربما يعجبك أيضا