مع الانزلاق إلى عصر التضخم الأبدي.. هل يتحوط العالم بـ«بيتكوين»؟

كتب – حسام عيد

يبدو أن التضخم لن يبرح الأسواق قريبًا، كما يخيف حتى البنوك المركزية في سياساتها وصنع قرارها خلال الفترة المقبلة. ووفق خبراء اقتصاد كثيرين، ربما يمضي العالم بوتيرة متسارعة جراء تداعيات فرضتها أزمات ولدها ولا يزال سلوك بشري خاطئ، كالتغيرات المناخية، وأخرى ناجمة عن متغيرات طبيعية كالجائحة الوبائية “كوفيد-19” والتي بدورها أحدثت اضطرابات هائلة في سلاسل الإمداد والتوريد، وتقود بدورها أسعار السلع الأولية والأساسية لجموح غير مسبوق، إلى عصر التضخم الأبدي.

وهنا يتسابق المستثمرون والأفراد وكبار البنوك والمؤسسات الاقتصادية والمالية، في مختلف ربوع المعمورة إلى البحث عن ملاجئ إنقاذ وطوق نجاة للتحوط ضد مخاطر التضخم المتسارع، وربما تصبح العملة الرقمية الأكثر شهرة في العالم “بيتكوين” هي الملاذ الآمن.

الآن تبرز بيتكوين كأبرز وسيلة للتحوط في وجه التضخم، كان يقال ذلك من قبل حول الذهب، لكن اليوم دور العملة الرقمية آخذ في التصاعد أكثر وأكثر في الاقتصاد العالمي من المعدن الأصفر.

هل يدخل العالم حقبة التضخم الأبدي؟

كانت هنالك مساع لوضع أسعار المستهلكين “التضخم” عالميًا عند نطاق الـ2%، وهو مستهدف كبار البنوك المركزي، كالفيدرالي الأمريكي والمركزي الأوروبي، لكن ما نشهده فعليًا على أرض الواقع هو تسارع وتيرة الارتفاعات القياسية للأسعار فوق معدلات التضخم المستهدفة؛ وذلك بسبب خطط وبرامج التحفيزات الضخمة التي أقرتها الاقتصادات العالمية من أجل التعافي من تداعيات الجائحة الوبائية، وهو الأمر الذي ساهم في تفشي التضخم وتشعبه.

وتعود الأسباب إلى الاختلال في التوازن بين العرض والطلب للسلع والخدمات، وبطبيعة الحال يأتي التفاوت من دولة إلى أخرى، وكذلك نجده على سلع أو خدمات دون الأخرى.

أيضًا، يتكون لدينا هذا المسمى والمشهد، عندما تحدث أزمة واسعة النطاق في سلاسل التوريد العالمية، فنجد طلبات قوية جدًا لشراء سلع أولية، ولكن المعروض منها يكون شحيح أو غير متوفر في المخزونات بسبب إما تكلفة مرتفعة في الشحن أو عدم المقدرة على إيصال هذه المواد بسبب جائحة كوفيد-19 كما يحدث الآن.

تطور مشهد التضخم السنوي العالمي، كان يتجه بين حالات من الانكماش وبين الارتفاعات الملحوظة، ولكن في الآونة الأخيرة كان متزن في معدلات تصبو البنوك المركزية العالمية أن تصل به نطاق المستويات المستهدفة عند 2%، وبين عشية وضحاها حالت خطط التحفيز التي أحدثتها أزمة كورونا أصبحت معدلات التضخم تفوق مستويات الـ2% ويصعب إجبارها على اتخاذ مسار هابط، ما يعني أن التضخم سيشكل كارثة على الاقتصاد، وربما يصبح تضخمًا أبديًا غير منتهي.

“بيتكوين” ملاذ تحوط عصري ضد الأزمات

عندما يتعلق الأمر بالتحوط ضد التضخم، فإن “بيتكوين” تبدو أكثر فأكثر مثل الذهب الجديد، وفقًا لتقرير صادر عن “جي بي مورجان” في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر الجاري.

وشهدت العملة المشفرة الأكثر شهرة في العالم؛ تقلبات كبيرة هذا العام، ولكن لا يبدو أن هذا يزعج المستثمرين. وبحسب “جي بي مورجان يبدو أن المستثمرين المؤسسيين يعودون إلى “بيتكوين”، ربما ينظرون إليها على أنها أفضل وسيلة للتحوط من التضخم من الذهب.

لم تكن المذكرة مفاجأة لأولئك الذين يتابعون الاستثمارات في “بيتكوين” في عام 2021. في أبريل، أشارت منصة “كوين باس” للتبادل المشفر في تقريرها للربع الأول إلى أنه من بين 335 مليار دولار في التداولات التي استضافتها الشركة في ذلك الربع، جاء 215 مليار دولار من أكثر من 8 آلاف مستثمر مؤسسي. جزء من الدافع لهؤلاء المستثمرين الأثرياء للاستثمار في “بيتكوين” وغيرها من العملات المشفرة المماثلة هو الحماية المضمنة ضد التضخم.

وقال التقرير: “عودة ظهور مخاوف التضخم بين المستثمرين جدد الاهتمام باستخدام البيتكوين كوسيلة للتحوط من التضخم”.

في الآونة الأخيرة، أعطى بعض المستثمرين المعروفين للعملات المشفرة إيماءة بالموافقة. كشفت “دون فيتزباتريك”، رئيسة صندوق التحوط الخاص بجورج سوروس، “سوروس فاند مانجمنت”، في حديث لـ”بلومبيرج” أن الصندوق يمتلك بعض العملات المعدنية، لكن “ليس كثيرًا”، على حد قولها.

وكان “جي بي مورجان” قد قال في في تقرير صدر مايو الماضي، إن المستثمرين المؤسسيين يتحولون من “بيتكوين” إلى الذهب، لكنهم ما زالوا يؤكدون أن العملة المشفرة يمكن أن تصل إلى مستويات تداول 140 ألف دولار على المدى الطويل.

وفي الأسبوع الثاني من أكتوبر 2021، صدَّق المسؤولون الماليون في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى على 13 مبدأ للسياسة العامة بخصوص العملات الرقمية التي يمكن للبنوك المركزية إصدارها، منوهين إلى أن الابتكار في مجال النقود والمدفوعات الرقمية يمكنه تحقيق فوائد جمة.

وبنهاية ذلك الأسبوع، وتحديدًا في تعاملات الجمعة 15 أكتوبر، واصلت عملة البيتكوين المشفرة مكاسبها؛ لتتجاوز 62 ألف دولار لأول مرة منذ ستة أشهر مع توقعات بموافقة السلطات التنظيمية الأمريكية على أول صندوق متداول للعملة.

ومن شأن الصندوق المتوقع الموافقة عليه الثلاثاء 26 أكتوبر الجاري، أن يمنح المستثمرين تعرضًا للبيتكوين في الولايات المتحدة عبر صناديق الاستثمار المتداولة لأول مرة على الإطلاق.

ربما يعجبك أيضا