قمة ثلاثية تاسعة.. مصر وقبرص واليونان يتفقون على ضرورة التصدي للتحديات المشتركة

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

تطوير العلاقة بين مصر واليونان وقبرص له مردود اقتصادي وسياسي كبير على المصالح المصرية لاسيما فيما يتعلق بالأمن القومي للبلاد، فدائرة شرق المتوسط لا تقل أهمية عن الدائرة العربية أو الإسلامية أو الإفريقية التي تتحرك فيها مصر.

وتعد هذه القمم المتعاقبة التي تجريها مصر مع قبرص واليونان استكمالًا لدعم الدور المصري على المستويين الإقليمي والدولي، فضلا عن المصالح الاقتصادية مثل استغلال ثروات مصر في غاز المتوسط واتفاقيات تصدير الكهرباء.

فمن شأن هذه الاستثمارات العائدة على مصر أن تنعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني ككل فكلما زادت علاقات مصر قوة، وأصبحت أكثر تفاعلا، انعكس ذلك إيجابا على المصالح والقضايا المصرية، وعلى رأسها قضية سد النهضة والأمن المائي المصري.

من جانبه قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي: إن التعاون الثلاثي مع اليونان وقبرص يشهد تطورا على كافة الأصعدة، مشيرًا إلى التنسيق مع اليونان وقبرص لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

وأعلن الرئيس المصري خلال كلمته في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء اليونان على هامش مشاركته في قمة ثلاثية بأثينا، اليوم الثلاثاء، توقيع اتفاق ثلاثي مع اليونان وقبرص في مجال الربط الكهربائي، مشيرًا إلى أنها خطوة تقربنا من الربط الكهربائي المشترك مع قارة أوروبا كلها، وفقا لما نقلت الفضائيات المصرية.

وفيما يخص القضية الفلسطينية، أكد الرئيس المصري: ندعم قيام دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، مضيفا: القضية الفلسطينية هي لب الصراع في الشرق الأوسط.

كما أشار السيسي إلى أنه تم التوافق على ضرورة التصدي للتنظيمات الإرهابية في سوريا، مؤكدًا أن مصر واليونان وقبرص يدعمون إجراء الانتخابات الليبية في ديسمبر المقبل، وخروج المرتزقة من الأراضي الليبية، كما أكد الرئيس السيسي، دعم مصر لقبرص لإيجاد حل شامل وعادل للقضية القبرصية.

من جانبه، رحب رئيس وزراء اليونان بالرئيس السيسي والرئيس القبرصي في زيارتهما اليوم لأثينا، مشيرًا إلى أن هذه هي القمة التاسعة بين البلدان الثلاث للتعاون بينهم.

 وأكد رئيس وزراء اليونان، أن مصر تستطيع القيام بدور محوري في موضوع أمن الطاقة لأوروبا، وهو أمر استراتيجي لنا، وهو ما يرتبط بتوقيع اتفاقية التعاون اليوم للربط الكهربائي.

وفيما يخص الوضع في ليبيا، قال رئيس الوزراء اليوناني، إن الوضع في ليبيا يؤثر على المنطقة ويجب إجراء الانتخابات في موعدها لتحقيق الاستقرار، مضيفا: نرفض التحركات الأحادية من أي طرف في منطقة شرقي المتوسط.

وأكد رئيس الوزراء اليوناني: يجب سحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا لإنجاح عملية التحول الديمقراطي.

من جانب آخر، قال الرئيس القبرصي نيكوس أنستاسيادس: إن التعاون مع مصر واليونان لا يستهدف تركيا التي عليها احترام القانون الدولي.

وأضاف الرئيس القبرصي: نسعى لتطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن قبرص، مشيرًا إلى أن تركيا لم تحترم قرارات مجلس الأمن بشأن القضية القبرصية.

وتابع: تركيا تسعى لإنشاء قاعدة عسكرية جوية على أراضي قبرص، مستطردًا: نتوافق مع اليونان ومصر في التصدي للتحديات المشتركة ومكافحة الإرهاب.

القمة تناولت أوجه التعاون بين الدول الثلاث

وصرح المتحدث باسم رئاسة الجمهورية بأن القمة تناولت أوجه التعاون بين الدول الثلاث في إطار آلية التعاون الثلاثي، حيث تم التأكيد على نجاحها في تكريس التشاور الدوري والتنسيق الوثيق حول الملفات الإقليمية والدولية التي تؤثر على كافة شعوب المنطقة، كما عكست كذلك التزاماً متبادلاً بترجمة التوافق السياسي إلى حزمة من المشروعات المثمرة على أرض الواقع في مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية، فضلاً عما شهدته من تعاون مشترك خلال الآونة الأخيرة للتصدي للتحديات والأزمات الطارئة مثل حرائق الغابات، ومواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية لجائحة كورونا.

وقد ثمن الرئيس المصري التقدم المحرز في إطار آلية التعاون الثلاثي مع اليونان وقبرص، مؤكداً سيادته أهمية الانطلاق بالآلية إلى آفاق أرحب في إطار الانفتاح والحرص المتبادل على تعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم بأسره، وبما يعكس الاهتمام بتحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات والموارد التي تؤهل الدول الثلاث نحو تلبية تطلعات شعوبها في المزيد من الرفاهية والرخاء.

كما تناول الزعماء الثلاثة المشروعات القائمة والمقترحة للتعاون في إطار آلية التعاون الثلاثي في قطاعات الطاقة، الغاز، الكهرباء، والسياحة والنقل والزراعة وغيرها، مع التأكيد على وجود آفاق واعدة لتعزيز روابط التعاون بين الدول الثلاث في عدد آخر من القطاعات الحيوية كالبيئة ومواجهة ظاهرة التغير المناخي.

وأضاف المتحدث الرسمي أن القمة تطرقت إلى جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب والفكر المتطرف، حيث أكد الزعماء الثلاثة أهمية مواصلة الجهود المبذولة نحو تحقيق المزيد من التعاون والتنسيق فيما بينهم في هذا الصدد.

 كما تم التباحث حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها ملف الاستقرار بمنطقة شرق المتوسط، بما يتطلبه تحقيقه من ضرورة احترام وحدة وسيادة دول المنطقة وعدم التدخل في شئونها الداخلية، فضلاً عن مراعاة مقتضيات الأمن البحري لكل دولة كونه جزءاً من الأمن الإقليمي. كما تم التأكيد على أهمية التبادل الدوري والمنتظم للرأي والتنسيق الوثيق للمواقف إزاء عدد من القضايا التي ترتبط باستقرار المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والملف الليبي والوضع في سوريا وسبل دعم لبنان الشقيق.

كما تم استعراض التطورات المتعلقة بسد النهضة حيث شدد السيد الرئيس على ما توليه مصر من أولوية قصوى لمسألة الأمن المائي وحقوق مصر في مياه نهر النيل، باعتبارها قضية مصيرية تستوجب بذل كافة الجهود الممكنة للتوصل لاتفاق قانوني مُلزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، خاصةً في ظل البيان الرئيسي الأخير الصادر في هذا الصدد عن مجلس الأمن الدولي.

قمة تاسعة تشاورية

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد توجه صباح الثلاثاء، إلى العاصمة اليونانية أثينا؛ للمشاركة في فعاليات القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص في جولتها التاسعة، وذلك في إطار آلية التعاون الثلاثي بين الدول الثلاث التي انطلقت عام 2014.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر بسام راضي، في بيان، بأن قمة “أثينا” تهدف إلى البناء على ما تحقق خلال القمم الثماني السابقة وتقييم التطور في مختلف مجالات التعاون ومتابعة المشروعات الجاري تنفيذها في إطار الآلية، وذلك في إطار تعزيز العلاقات المتميزة بين الدول الثلاث، بالإضافة إلى دعم وتعميق التشاور السياسي بينهم حول سبل التصدي للتحديات التي تواجه منطقتي الشرق الأوسط وشرق المتوسط.

تقارير دولية: القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص تؤكد التعاون الوثيق بينهم

في هذا الصدد، تصدرت فعاليات القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص، التي تشهدها العاصمة اليونانية أثينا، اليوم الثلاثاء، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، اهتمامات العديد من الصحف اليونانية والقبرصية وثمَّنت أهميتها، مؤكدة أن الحدث يبرز التعاون الوثيق والتاريخي بين الدول الثلاث، ويعكس سعي حكومات تلك الدول على تعزيز تحالفها الإقليمي المميز على مختلف الأصعدة، سواء الدبلوماسية أو الاقتصادية أو العسكرية، مما يدعم المشروعات المشتركة التي تم الشروع فيها جنبًا إلى جنب مع المشروعات المستقبلية.

وسلطت وكالة أنباء البلقان المستقلة “IBNA” الضوء، على القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص، قائلة إن القمة تؤكد التقدم المحرز في التعاون بين الدول الثلاث، وحرصها على تعزيز هذا التعاون بشكل أكبر.

وأوضحت الوكالة في تقريرٍ عبر موقعها الإلكتروني، أنه من بين الملفات التي تُناقش في القمة التاسعة لقادة الدول الثلاث، مناقشة التطورات في قطاع الطاقة مثل الربط الكهربائي ومشاريع نقل الغاز، إلى جانب مناقشة التطورات على المستوى الإقليمي والقضايا المتعلقة بالهجرة، والإجراءات المشتركة لمواجهة فيروس كورونا، وآثار تغير المناخ، فضلاً عن مواصلة التشاور المكثف حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وذكرت الوكالة أنه في إطار هذه القمة، سيتم توقيع مذكرة تعاون في مجال الربط الكهربائي ومذكرة تعاون جديدة حول قضايا المغتربين على مستوى الدول الثلاث، مما سيؤسس إطار عمل مشترك مع برامج لزيادة التنسيق بين منظمات الشتات في المجالات الرئيسية، مضيفة أن القمة يحضرها العديد من الوزراء والمسؤولين في مجال الطاقة والتجارة والصناعة.

ونقلت صحيفة “ايكاثميريني” اليونانية عن مصادر حكومية قولهم: إن القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص، تركز على سبل توسيع التعاون المشترك في مشروعات الطاقة، مشيرة إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، اتفق مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، على أن مناقشة التطورات في المنطقة الأوسع، يتطلب ترسيخ العلاقة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي وتعميق الشراكة المصرية الأوروبية.

من جانبها، ثمنت صحيفة “جريك سيتي تايمز” اليونانية، أهمية القمة الثلاثية في تعزيز التعاون بين مصر واليونان وقبرص، لافتة إلى أن القمة تأتي بعد أيامٍ قليلة فقط من توقيع مذكرة التفاهم الخاصة بربط الطاقة بين مصر واليونان، ما يؤكد حرص البلدان على تعزيز العلاقات الاستراتيجية بينهما.

وأضافت الصحيفة، أن القمة تعمل على إضفاء الطابع الرسمي على اتفاقية التعاون ذات الصلة للربط البيني لشبكات الكهرباء بين مصر واليونان وجمهورية قبرص، بتوقيع مذكرة تفاهم من قِبَل الوزراء المختصين، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس.

وذكرت الصحيفة، نقلاً عن مصادر حكومية، أن الاتفاقية تؤكد العلاقة الاستراتيجية بين أثينا والقاهرة، موضحة أن اتفاقية الربط الكهربائي بين البلدين تمثل أول اتصال وتعاون في مجال الطاقة بين أوروبا وأفريقيا، حيث سيتم تنفيذ مشروع سيمر عبر المناطق الاقتصادية الحصرية المحددة رسميًا بين مصر واليونان حيث سيتم نقل الطاقة إلى أوروبا.

ولفتت إلى أن تعزيز التعاون في مجال الطاقة ومناقشة مسائل إمدادات الطاقة وتوجيهها من خلال المصادر البديلة، ستقع في قلب النقاش على المستوى الأوروبي خلال الفترة الحالية بسبب أزمة الطاقة التي تمر بها العالم.

وتابعت، أنه بالتوازي مع أعمال القمة الثلاثية بين اليونان وقبرص ومصر، سيُعقد مؤتمر أعمال يركز على قطاعي الطاقة والشحن في فندق مركزي من أجل تعزيز تنمية التعاون المستدام بين الدول الثلاث.

ربما يعجبك أيضا