حوار وطني مرتقب في تونس.. إقصاء الإسلام السياسي مطلب وطني

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

يتصاعد الحديث في تونس عن الحوار الوطني الذي تحدث عنه الرئيس قيس سعيد عدة مرات والذي سيضم مختلف القوى السياسية والمنظمات الوطنية الفاعلة في البلاد إضافة إلى الشباب الذين ساندوا الإجراءات الاستثنائية يوم 25 يوليو الماضي.

في المقابل يتوقع الكثير من المراقبين للمشهد السياسي في تونس إقصاء التيار الإسلامي وفي مقدمته حركة النهضة الإخوانية التي تتحمل تبعات وتداعيات عشر سنوات من الفشل في مختلف المجالات خاصة المجال الاقتصادي وفسح المجال للفساد كي يستشري في مؤسسات الدولة.

وسعت حركة النهضة بعد أن قرر الرئيس قيس سعيد إبعادها عن المشهد فتح منافذ لتواصل معه لكن دون جدوى حيث كانت لقيس سعيد مواقف مبدئية رافضة للتعامل مع التيار الإخواني داعيا القضاء لأخذ بزمام الأمور ومحاسبة القيادات التي أجرمت في حق الشعب والدولة.

لكن بعد الدعوة الأخيرة لقيس سعيد ولأطراف مقربة منه إلى حوار وطني جدي ينهي الأزمة السياسية في البلاد عادت قيادات الحركة الإسلامية للعمل على التواصل مع الرئيس في محاولة للمشاركة في النقاشات الوطنية للخروج من الأزمة.

حوار 2014 لن يتكرر

ويبدو أن التيارات الإسلامية تريد تكرار تجربة الحوار الوطني لسنة 2013 حينما التقى الرئيس الراحل وزعيم حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في باريس لرسم الخطوط العريضة للمسار السياسي في تونس.

وبعد ذلك اللقاء الذي أطلق عليه ” لقاء باريس” بتنظيم من رجل الأعمال سليم الرياحي تم إجراء حوار وطني برعاية المنظمات الراعية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل وتحصلت تونس بموجبه على جائزة نوبل للسلام.

في المقابل بدت تبعات ذلك الحوار كارثيا على الشعب التونسي حيث تم فيه تقاسم السلطة بين قائد السبسي والغنوشي دون الحديث عن الملفات الاقتصادية والتنموية ليتم التغاضي على تفشي الفساد الذي ضرب الدولة التونسية منذ ذلك الحين.

كما تمكنت حركة النهضة من العودة بقوة إلى الحكم رغم خسارتها للانتخابات في 2014 حيث عمدت إلى عزل قائد السبسي سياسيا عبر كسب ولاء رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد وبالتالي السيطرة على مفاصل الدولة مجددا.

ويقول قيس القروي المتطوع في الحملة التفسيرية للرئيس قيس سعيد الذي انتقد الحوار الوطني السابق إن الحوار الذي يعتزم رئيس الدولة تنظيمه سيكون مخالفا للحوارات السابقة.

وانتقد القروي الحوار الوطني برعاية الرباعي الذي انتُظم سنة 2013، معتبرا أنه لم يكن الحل في تلك الفترة التي عاشت فيها تونس أزمة سياسية كبرى قائلا أن جائزة نوبل للسلام التي تحصلت عليها المنظمات الراعية وفي مقدمتها اتحاد الشغل هي جائزة مُسيسة.

بدوره قال النائب في البرلمان المجمد عن حركة الشعب هيكل المكي إن الحوار الوطني المقبل سيكون مختلفا عن سابقيه مؤكدا أنهم مع حوار جدي مع المنظمات الوطنية وعلى رأسها اتحاد الشغل لكن باستثناء حركة النهضة وأخواتها والمتحالفين معها.

وطالب المكي بضرورة تشريك المنظمات الوطنية لأنه لا يمكن استثنائها من المشاركة في بناء تونس قائلا انه يجب أيضا تشريك عدد من الشخصيات الوطنية النزيهة وبعض الأحزاب التي لم تنخرط في منظومة الفساد والإفساد.

الملف الاقتصادي هو المهيمن

ويرى الكثير من المتابعين للشأن التونسي أن الحوار الوطني يجب أن يتناول الملف الاقتصادي باعتباره ملفا حارقا.

وفي هذا الصدد يقول عبيد البريكي الأمين العام لحزب تونس إلى الأمام أن الشعب التونسي ينتظر إخراجه من الأزمة الاقتصادية التي تصاعدت في السنوات الأخيرة مضيفا ” لن يكون الحديث عن الدستور والقانون الانتخابي وقانون الأحزاب مهما إذا تواصل الوضع الاقتصادي كما هو”.

هذا الموقف أيده هيكل المكي الذي قال إن الدستور والنظام السياسي والنظام الانتخابي ليست مشاكل التونسي، مشيرا إلى أن الشعب مازال شعاره “شغل، حرية، كرامة وطنية”.

بدورهم يؤكد المسؤولون في الاتحاد العام التونسي للشغل على ضرورة إيلاء الملفات الاجتماعية والاقتصادية مزيدا من الاهتمام في أي حوار مستقبلي خاصة مع التقارير السلبية للبنك المركزي ولوكالة التصنيف الائتماني “موديز”.

وفي هذا السياق طالب الاتحاد في بيان مكتبه التنفيذي نهاية الأسبوع الجاري بتوضيح الأهداف والآليات والتدابير المتعلّقة بالحوار الوطني الذي أعلن عنه الرئيس.

وتشير مصادر من داخل الاتحاد إلى أن المنظمة العمالية منكبّة على إعداد مشاريع لإصلاح الوضع الاقتصادي والنظام السياسي والقوانين المتعلّقة بالانتخابات والأحزاب والجمعيات والتمويل وسبر الآراء وغيرها.

لكن الجميع يؤكد في خضم هذه المشاورات والتصريحات بأن الإسلام السياسي أصبح خارج اللعبة السياسية ومنطق الحوار بسبب دوره في تخريب الوضع الداخلي وإيصال البلاد إلى حافة الهاوية.

ربما يعجبك أيضا