بسبب عثمان كافالا.. أردوغان غاضب والتوتر يعود بين أنقرة والغرب

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

بالرغم من سجن عشرات آلاف من الأتراك منذ محاولة الانقلاب عام 2016، إلا أن قضية رجل الأعمال والناشط عثمان كافالا ما زالت مصدر التوتر في العلاقات بين تركيا والغرب.

استدعاء سفراء 10 دول

بسبب بيان يطالب بالإفراج العاجل عن كافالا المسجون في تركيا بتهمة الضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة والذي سبق أن برأته محكمة تركية دون إطلاق سراحه، استدعت وزارة الخارجية التركية سفراء عشر دول بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، وأبلغتهم بأن بيانات دولهم «غير مسؤولة ومرفوضة».

والتقى نائب وزير الخارجية التركي فاروق قايماقجي، سفراء كل من الولايات المتحدة وألمانيا والدنمارك وفنلندا وفرنسا وهولندا والسويد وكندا والنرويج ونيوزيلندا لدى تركيا، معربا عن انزعاج واستياء أنقرة جراء البيان.

وكانت سفارات بعض الدول قد أصدرت بيانا تدعو فيه إلى حلٍّ عاجل وسريع لقضية كافالا، بعد أربع سنوات من احتجازه، في قضية اعتبرها البيان المذكور بأنها «تلقي بظلال من الشك على احترام الديمقراطية وحكم القانون والشفافية في نظام القضاء التركي».

وشمل البيان توقيع خارجية كندا والدنمرك وهولندا والنرويج والسويد وفنلندا ونيوزيلندا.

أداء بيد أردوغان

سجن عثمان كافالا البالغ 64 عاما، منذ أربع سنوات دون صدور إدانة ضده، رغم مطالبات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بإطلاق سراحه، عقب تربئة ساحته من قبل محكمة تركية من اتهامات متعلقة باحتجاجات عام 2013،  لكن الحكم اُلغي هذا العام وتمّ دمج الاتهامات تلك مع أخرى واردة في قضية مرتبطة بمحاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.

الأسبوع الماضي، أعرب كافالا عن شعوره بأنه مجرد أداة بيد الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يحاول الصاق تهم التآمر مع جهات خارجية بمعارضي حكمه في الداخل.

وفي مواجهة سلسلة من التهم المتعاقبة، بينها التجسس ومحاولات الإطاحة بالدولة، لا يتوقع كافالا الخروج من السجن في أي وقت قريب، معتبرا أن اعتقاله يسمح لسلطة أردوغان بتبرير «نظرية المؤامرة»، وقال من سجنه عبر محاميه «اعتقد أن السبب الحقيقي وراء اعتقالي المستمر هو حاجة الحكومة إلى الابقاء على رواية ارتباط احتجاجات جيزي (2013) بمؤامرة اجنبية حية»، وفقا لوكالة «فرانس برس».

وقال: «بما أنني متهم بكوني جزءا من هذه المؤامرة المزعومة التي نظمتها قوى أجنبية، فإن إطلاق سراحي سيضعف هذه الرواية المشكوك فيها وهذا ليس شيئا توده الحكومة».

واحتجاجات جيزي، هي الاحتجاجات التي انطلقت بشكل عفوي ضد مخطط لازالة حديقة عامة صغيرة بالقرب من ميدان تقسيم في اسطنبول قبل ان تتحول إلى أول تحد خطير لحكم إردوغان.

ويرى مراقبين، أن احتجاجات عام 2013 التي تم قمعها بعنف هي التي أسست لنزعة إردوغان الاستبدادية.

في فبراير 2020، تمت تبرئة كافالا من تهم احتجاجات جيزي، ليتم اعتقاله مجددا قبل أن يصل إلى منزله ويعاد اقتياده إلى السجن بتهم وجود صلات مزعومة له مع مؤامرة الانقلاب عام 2016.

وستعقد الجلسة القادمة في قضية كافالا، الذي نفى جميع التهم عنه ويحاكَم مع آخرين، في 26 الشهر القادم، وفي حال إدانته يواجه كافالا عقوبة السجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط.

تحذير

حذر مجلس أوروبا لحقوق الإنسان الذي انضمت إليه تركيا عام 1950، من أنه قد يبدأ إجراءات ضد أنقرة في حال لم يتم الإفراج عن كافالا بحلول نهاية الشهر، وفي حال لم يتم الإفراج عنه، يتوقع البدء بإجراءات تأديبية بحق أنقرة تؤدي إلى تعليق حقها في التصويت في المجلس وربما عضويتها.

ومن الممكن أن تضر هذه الخطوة جهود تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوربي، لكن إردوغان لم يعط أي مؤشر على أي تغيير في نظرته لكافالا، فهو لا يزال يسميه «سوروس تركيا الأحمر»، مقارنة بالثري الأمريكي المجري المولد والناشط المؤيد للديموقراطية جورج سوروس.

لكن كافالا يعتبر أن مجلس أوروبا يمثل أفضل فرصة له للخروج من السجن، قائلا: «إذا بدأ المجلس إجراءات الانتهاك وكان الضرر الذي سيتسبب به ذلك يفوق الفوائد السياسية المتوقعة من استمرار احتجازي، عندها ربما يتم الإفراج عني».

قمع

ووصفت جماعات حقوقية محاكمات عثمان كافالا بأنها رمز لحملة قمع للمعارضة في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان.

من جانبه علق، وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، قائلا أن بلاده دولة قانون تنعم بالديمقراطية، وقيام سفراء بتقديم توصية واقتراح على القضاء في قضية قائمة أمر غير مقبول”.

من جهته، قال وزير العدل عبد الحميد غول، إن الدبلوماسيين بحاجة لاحترام القوانين وإن السفراء لا يمكنهم طرح اقتراحات على المحاكم.

من هو كافالا؟

تعود أصول الناشط الحقوقي ورجل الأعمال التركي عثمان كافالا، إلى اليونان حيث بلدة كافالا، والذي انتقلت عائلته إلى تركيا عام 1923، ضمن ما عرف باسم التبادل السكاني بين تركيا العثمانية واليونان.

درس كافالا الإدارة في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، والاقتصاد في جامعة مانشستر في المملكة المتحدة، ثم بدأ برنامج الدكتوراه في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك، لكنه عاد إلى اسطنبول عندما توفي والده عام 1982.

وفي العام نفسه، تولي كافالا إدارة شركات مجموعة كافالا، وفي عام 1983 انضم إلى تأسيس جمعية İletişim Yayınları وهي شركة نشر مستقلة مقرها اسطنبول، من أجل خدمة الديمقراطية في البلاد.

في عام 1999، تحول كافالا إلى ناشط في المجتمع المدني، وشارك في تشكيل وعمل العديد من المنظمات غير الحكومية المختلفة، منها مؤسسة مركز «ديار بكر» في عام 2002، والتي ساهمت في تنشيط البيئة الثقافية والفنية في ديار بكر، وجمعية الحفاظ على التراث الثقافي.

ومنذ أوائل التسعينيات، دعم كافالا العديد من منظمات المجتمع المدني وهو مؤسس ورئيس مجلس إدارة «Anadolu Kültür»، وهي منظمة غير ربحية للفنون والثقافة مقرها في اسطنبول، وهو حاصل على عدة جوائز في التراث الأثري وحرية الفكر والتعبير.

ربما يعجبك أيضا