حركة البعث التونسية: لا نعتقد أن الرئيس سيشرك الإسلام السياسي بالحوار الوطني

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

تعيش تونس على وقع تصاعد الحديث عن الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيد لتجاوز الأزمة السياسية التي خلفها الإسلاميون بسبب 10 سنوات من الحكم وصف بأنه فاشل وتسبب في مشاكل عديدة.

وكان لحركة البعث التونسي مواقف واضحة رافضة للمنظومة السياسية التي حكمت البلاد بعد الثورة وداعمة لكل جهود التغيير للوصول بتونس إلى بر الأمان والعمل على معالجة الملفات الهامة في أي حوار وطني مرتقب.

وللحديث عن مواقف حركة البعث من الحوار الوطني كان لـ”رؤية” لقاء مع نائب الأمين العام يوسف الشارني:

بداية ما هي أهم الملفات التي يجب أن يتناوله الحوار الوطني المرتقب؟

خلفت حقبة العشرية السوداء في ظل حكم النهضة الإسلامية وحلفائها  ملفات عديدة ومعقدة ولذلك فهي تحتاج إلى معالجة طبقا لمقاربة تشاركية وتفعيل لمؤسسات الدولة ولا يمكن أن يضطلع بهذا الدور شخص واحد أو فئة واحدة.

وأول الملفات هو تطهير القضاء بكل هيئاته وإعادة هيكلته بما يوفر قضاء مستقلا نزيها وشفافا لا يخضع للابتزاز السياسي والمالي وبوصلته الوحيدة هي تطبيق القانون على الجميع دون انتقائية ودون محاباة.

من الضروري كذلك مكافحة الفساد الذي استشرى بشكل مخيف خلال هذه العشرية السوداء نظرا لتغييب الرقابة والمحاسبة من طرف الأطراف الحاكمة وخاصة في ظل تحالف النهضة – نداء تونس ومقاومة الفساد لا بد أن يشترك فيها الجميع مؤسسات ومنظمات ومجتمع مدني والقضاء كل من موقعه وحسب دوره .

ندعو كذلك إلى تعديل الدستور خاصة في ما يتعلق بباب السلطة التنفيذية وفقا لمقاربة تشاركية باعتبار أن الدستور كرس نظام سياسي هجين ما يسمى بنظام (شبه شبه) أي لا هو نظام رئاسي ولا نظام برلماني بل قسم السلطات التنفيذية بين رأسي حكم مما خلق حالة من الصدام والتناحر المستمر أوصل البلاد إلى وضع كارثي وهذا التعديل يجب أن تشارك فيه النخب التونسية بكل مكوناتها ويعرض على استفتاء شعبي.

نطالب بتعديل القانون الانتخابي كون أن القانون الانتخابي الحالي مفخخ ولا يسمح بمحاسبة من تجاوز خلال الانتخابات وقبل الإعلان عن النتائج وأيضا غياب الجانب الرقابي تماما ولا يسمح للمواطن أن يميز بين الصالح والطالح وعليه لا بد أن يخضع هذا القانون لدراسة معمقة لإزالة كل النقائص وكل الشوائب وكل الأفخاخ ووضع آليات واضحة وقادرة على تحقيق انتخابات شفافة ونزيهة وديمقراطية بعيدا عن استغلال المواطن واستعماله بالمال الفاسد وأيضا منع تدفق المال الأجنبي والمال السياسي الفاسد مع ضرورة إيجاد حلول جذرية لإخراج تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من دائرة تكوينها بالمحاصصة الحزبية مما يؤثر على حياديتها.

ومن الضروري كذلك البحث في خطة إنعاش اقتصادي عاجلة تمكن من إعادة نسق التنمية في البلاد من اجل تحسين نسبة النمو وخلق الثروة وتوفير مواطن الشغل وتحسين ظروف عيش المواطنين وهذا يحتاج إلى تشريك القطاعات والكفاءات والمنظمات والشخصيات وقد ينتهي إلى وضع عقد اجتماعي يمكن من عودة الاستقرار للبلاد وأيضا يخرج المواطن من دائرة الخصاصة والاحتياج والفقر

كما ندعو إلى إعادة هيكلة المؤسسات العمومية دون التفريط فيها  بما يضفي عليها نجاعة وفاعلية في تحقيق نمو حقيقي وإنقاذها من حالة العطالة والإفلاس.

كما نطالب بتشجيع رأس المال الوطني على العمل وخلق الثروة وإيجاد محفزات لذلك والضرب على يد المتلاعبين بالاقتصاد الوطني وبمقدرات التونسيين والمحتكرين

ما هي القوى التي تعتقدون أنها معنية بالحوار والتي تؤيدون إقصاءها بمعنى غير المرغوب فيها بالنسبة لكم؟

نعتقد أن كل القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية التي لم تشترك في الحكم خلال العشرية السوداء وكل المنظمات الاجتماعية والهيئات المجتمعية يجب أن تكون معنية بالحوار لأن بناء حاضر البلاد ومستقبلها ليست مسؤولية فرد أو مجموعة أو فئة وإنما حق وواجب كل أبناء هذا الوطن حتى يشارك الجميع في إنقاذ البلاد

أما عن القوى التي لا نرى ضرورة في تشريكها هي القوى التي منحها الشعب التونسي خلال العشرية الماضية ثقته ولم تكن أمينة على هذه الثقة ولم تحسن إدارة البلاد وتعاملت معها كغنيمة من أجل تحقيق مصالح حزبية وشخصية ضيقة وساهمت في وصول البلاد إلى هذا الوضع الكارثي على جميع المستويات  وهذه القوى معروفة للتونسيين وشخصوا أهدافها جيدا…

ما هو رأيكم حول ما يتردد من إمكانية تشريك الإسلام السياسي في الحوار المرتقب؟

لا أعتقد أنه سيتم تشريك الأطراف التي ساهمت بشكل مباشر في تعفين الوضع السياسي وتدمير الوضع الاقتصادي وتركت الشعب التونسي يعاني الخصاصة والفقر والتسول وخاصة منها الإسلام السياسي بكل مكوناته الذي نعرف تاريخه ودوره في تدمير الأوطان وارتباطاته الخارجية المشبوهة وأجنداته المختلفة، غير ذلك فإن الجميع معني بالحوار وضرورة أن يشارك الجميع في الحوار ولكن ما يقلق هو عدم انفتاح رئيس الجمهورية على القوى الوطنية الحقيقية وخاصة السياسية منها ومحاولة إقصائها ووضعها في نفس السلة مع الأطراف التي ساهمت بشكل مباشر في الوصول إلى هذه الوضعية الكارثية.

نؤكد مجددا أن الشعب التونسي لا يتشكل من المواطن العادي الذي يتحرك بالعاطفة ويبحث عن حاجياته اليومية والذي يتوجه له دائما رئيس الجمهورية مع تغييب باقي المكونات ولكن نقول: إن الشعب التونسي يضم المواطن العادي وتقوده نخب سياسية وثقافية وفكرية وحقوقية وأكاديمية ومنظمات اجتماعية وجمعيات مدنية فيها من الصدق والاستقامة الشيء الكثير ولا تحكمها مصالح فئوية أو حزبية وتضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار وكل هذه المكونات معنية بشكل مباشر بحاضر بلادها ومستقبلها، ولذلك فإن رئيس الجمهورية مطالب ومن واجبه أن ينفتح عليها لتحقيق الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي وينخرط الجميع في العمل من اجل بناء هذا الوطن.

ما هي مخاوفكم من الحوار وهل يمكن أن يكون تكرار لحوار 2014؟

نعتقد أن العودة إلى حوار وطني على شاكلة 2013 مرفوض ومستبعد ولا يمكن أن يحصل كما أنه لن يكون مفيدا لأنه لم ينتج سوى رسكلة المنظومة الفاشلة وتثبيتها في الحكم.

من الأجدر أن نفكر في حوار وطني يهتم أساسا بمشاكل المواطن التونسي وبتصحيح المسار السياسي كما ذكرت سابقا.

ما رأيكم في مواقف اتحاد الشغل من الوضع السياسي ومن قرارات الرئيس؟

اتحاد الشغل هو منظمة عريقة لعبت دورا كبيرا في تحرير تونس ولعبت دورا في استقرار البلاد وهي منظمة تلعب أدوارا اجتماعية وأدوارا سياسية في بعض الأحيان وبوصلتها دائما مصلحة البلاد وتشخيص الوضع السياسي من طرف الاتحاد لا يختلف كثيرا عن تشخيص الأطراف الوطنية التي تعنيهم مصلحة الوطن والشعب واعتبر حسب بياناته أن حركة 25 يوليو كانت ضرورية ويساندها ويطالب كسائر القوى الوطنية بتوضيح الرؤية ووضع تسقيف زمني لهذه الإجراءات وتشريك كل القوى الوطنية الفاعلة في البلاد في رسم استراتيجيا وطنية من خلال حوار وطني يتناول كل الملفات المطروحة من اجل إنقاذ البلاد مع مطالبته بضرورة أن تتداعى الحكومة للتحاور مع المنظمة العمالية لدراسة الأوضاع الاجتماعية للمواطنين وأيضا النظر في وضعية المؤسسات العمومية التي كانت تدار بالمحسوبية ومما ساهم في فشلها.

في كل الأحوال يبقى الاتحاد القوة الأساسية الجامعة لكل مكونات الشعب التونسي والتي يسعى إلى تحقيق وضع أفضل لهذه البلاد رغم  الانتقادات التي تتوجه إليه في بعض ممارسات منتسبيه.

ربما يعجبك أيضا