مؤتمر حول مستقبل أفغانستان.. طهران تسعى للاعتراف بحركة طالبان

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

تقود إيران جهود إقليمية من أجل ضمان الاستقرار في أفغانستان بما يضمن مصالحها هناك. ومن ذلك، الاعتراف الضمني بحكومة طالبان التي استولت على الحكم بقوة السلاح وبذريعة تحرير البلاد من القوات الأمريكية.

وتروج طهران لسياسة الأمر الواقع لتبرير الاعتراف بحكومة طالبان؛ مع اعتبار هذه الخطوة مرحلة أولى ومؤقتة حتى تشكيل حكومة جديدة عبر صناديق الانتخاب ومشاركة الأطياف السياسية المختلفة في أفغانستان. وذلك، تجنباً لوقوع فراغ أمني وسياسي في أفغانستان، في ظل تنامي تنظيم داعش داخل البلاد.

فقد اعتبر الممثل الخاص لللرئيس الإيراني، حسن كاظمي قمي، أن التوصل إلى اتفاق مع طالبان في بعض القضايا ممكنا، وفي الوقت نفسه قال عضو بالبرلمان إن التعامل مع هذه الجماعة يصب في مصلحة إيران الوطنية.

وقال قمي، الممثل الخاص للرئيس الإيراني في شؤون أفغانستان، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، من الممكن التوصل إلى اتفاق مع طالبان بشأن قضايا مثل حق مياه نهر هيرمند ومنع عبور المخدرات.

وأضاف في الوقت نفسه: “أفغانستان تواجه الآن اضطرابات أمنية ويجب أن نأخذ الأولويات والظروف بعين الاعتبار”.

وتابع كاظمي قمي “بسبب مؤامرة الأجانب لإشراك دول المنطقة، يجب أن تعمل إيران للخروج من هذا الوضع”.

وأدى عدم دعم إيران لأحمد مسعود وجبهة المقاومة في بنجشير، وكذلك محادثات طهران مع طالبان، إلى احتجاجات داخل إيران.

ومع ذلك، يستشهد مسؤولو النظام الإيراني بحركة طالبان كحقيقة في أفغانستان.

وقال حسن همتي عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني: “إذا قامت طالبان بتأمين أفغانستان ودعمت الجماعة كل المذاهب فستكون هناك إمكانية للتفاعل وهذا التفاعل سيكون في المصلحة الوطنية”.

وأكد في حديث لموقع “شفقنا” أنه إذا أجرت طالبان “انتخابات شعبية، فإنها ستساعد في زيادة الأمن في أفغانستان”.

مؤتمر حول أفغانستان

وتعمل إيران إلى جانب روسيا وباكستان من أجل رسم مستقبل أفغانستان؛ فقد أعلنت السفارة الإيرانية في كابول عن انعقاد مؤتمر جوار أفغانستان وروسيا في نسخته الثانية يوم الأربعاء المقبل.

وورد في تغريدة كتبتها السفارة الإيرانية في موقع تويتر حول هذا الموضوع: إن المؤتمر الثاني لبلدان جوار أفغانستان + روسيا سينعقد في طهران باستضافة إيران يوم الأربعاء 28 تشرين الأول/ أكتوبر.

وكان المؤتمر الأول قد انعقد باستضافة باكستان في آب/ أغسطس الماضي كما أن جدول أعمال مؤتمر طهران يركز على استمرار المفاوضات والحوارات حول مستقبل أفغانستان.

استثمارات إيرانية

كتب المتحدث باسم وزارة خارجية طالبان، عبدالقهار بلخي، في تغريدة على تويتر أن سفير إيران في كابل بهادر أمينيان، التقى وزير خارجية طالبان أمير خان متقي.

ونقل بلخي عن السفير الإيراني قوله: إن “المشاكل الاقتصادية هي العدو المشترك للبلدين وإيران مستعدة للاستثمار في قطاعات الطاقة والنقل والتعدين والتجارة والصحة في أفغانستان”.

وأضاف المتحدث في نهاية التغريدة، أن متقي، أعرب عن ترحيب طالبان (لمشاركة إيران) في القطاعات المذكورة، ودعا إلى اهتمام خاص بمعالجة مشاكل اللاجئين الأفغان في إيران واتخاذ خطوات لتسهيل حركة الأفغان عبر الحدود.

مستقبل غير مستقر

ويبدو أن المساعي الإيرانية إلى جانب روسيا هي من أجل ضمان استقرار أفغانستان في المرحلة المقبلة؛ فقد أكد المتحدث باسم الحكومة المؤقتة في أفغانستان ذبيح الله مجاهد أن حركة طالبان تستعد للرد على أي تهديد من سياسيين أفغان ومسؤولين سابقين، شكلوا مجلسا “للمقاومة الوطنية” معارضا للحركة.

وقال: “لا أحد يجرؤ بحجة المواجهة أو لأي سبب آخر، على تهديد شعب أفغانستان.. من غرق في الفساد لمدة 20 عاما لم يعد له مكان في قيادة البلاد، وإذا أرادوا الحرب فليكن”.

وأضاف: “لم تعد هناك حاجة لفتح جبهات، ومن يحاول إطلاق العنان للأعمال العدائية لن يحقق أي نتيجة”.

وقد نشر أحد قياديي الجمعية الإسلامية الأفغانية عطا محمد نور، ورئيس حزب “الدعوة الإسلامية” عبد الرب رسول سياف على فيسبوك إعلانا، عن تشكيل “المجلس الأعلى للمقاومة الوطنية في أفغانستان”، الذي ضم عددا من السياسيين والمسؤولين السابقين في حكومة الرئيس المخلوع أشرف غني.

ومن داخل إيران، انتقدت صحيفة “جمهوري إسلامي” التحركات المبذولة بمشاركة إيران في روسيا للاعتراف بحركة طالبان الأفغانية، مؤكدة أن الاعتراف بطالبان سيكون “خطأ استراتيجيا”، وأنه سوف يخلق مشاكل أمنية لكافة دول المنطقة.

وبالنسبة لإيران فإن هذا الاعتراف بحركة طالبان حسب الصحيفة يعتبر “أكبر” من الخطأ الاستراتيجي وأنه سيكون وصمة عار في جبين الجمهورية الإسلامية ولا يمكن بأي شكل من الأشكال تطهيره وإزالته.

ونوهت الصحيفة بأن إيران لا ينبغي لها أن تقارن نفسها مع النظام الروسي لأن النظام الروسي هو نظام فاقد لقيم الإنسانية حيث ينظم علاقاته وفق مصالحه المادية حصرا، مضيفة “لا يجب على إيران أن ترهن سياساتها باستراتيجية روسيا وأن تكون تابعة لها ومتغيرا من متغيرات السياسة الروسية”.

ربما يعجبك أيضا