بعد شائعة «الغازات السامة».. هل تصبح مصر ضحية جديدة لـ«بركان لابالما»؟

حسام السبكي

حسام السبكي

سادت حالة من الجدل الممزوجة بالفزع، أمس السبت، أوساط مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والمنطقة العربية، بعد تداول أنباء عن وصول شحنة من “الغازات السامة”، المنبعثة من ثوران بركان جزيرة “لابالما” في إندونيسيا، مما قد ينذر بتحول القاهرة إلى ضحية جديدة من ضحايا الظاهرة البيئية الكارثية والتي تسببت في تدمير مئات المنازل وإغلاق العديد من الأحياء، ولا يزال وفق متابعين بغير مؤشر على تحسن الوضع العام للبركان حتى كتابة السطور التالية، والذي يمضي على ثورانه أكثر من شهر.

غازات بركان لابالما السامة

205467983 134289112125927 8776499464714226389 n
الدكتور عباس شراقي أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة

فجر الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، إن أعمدة كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكبريت المتصاعدة من فوهات بركان لابالما الثائر في المحيط الأطلنطي ستصل إلى مصر، اليوم الأحد، على أن يكون تركيزها على مدينة الإسكندرية بشكل كبير.

وبركان “لا بالما” كان قد تكون منذ 1.8 مليون سنة، وهو يرتفع 2500 متر فوق سطح البحر، ويحتوي على مئات الفتحات البركانية التي تنشط بين الحين والأخر، وآخر نشاط بركاني شهدته الجزيرة كان عام 1971، في مكان مختلف عن المكان الحالي.

وتحدث شراقي عن إمكانية تأثر مصر بالغازات الصادرة عن بركان «لابالما» النشط منذ 19 سبتمبر الماضي، بإحدى الجزر الإسبانية، مشيرًا أنه واحد من ضمن البراكين النشطة على وجه الأرض والتي تعد على أصابع اليد.

وأضاف في تصريحات أوردتها صحيفة الوطن، أن أدخنة اللافا المتصاعدة عبارة عن أحماض قوية تصاعدية من البركان وحدث لها تفاعل مع مياه البحر واتجهت مع الرياح شمالًا نحو أوروبا، كما وصل الغاز إلى شمال إفريقيا ومن المتوقع وصول تركيزات خفيفة إلى مصر بنسبة «mg/cm2 10 – 20»، مشيرًا إلى أنها لا تشكل خطورة كبيرة.

وأوضح الدكتور في جامعة القاهرة، أن السبب في تدني خطورة الغازات السامة المذكورة على مصر يعود لعدة أسباب أهمها أن الغازات انتشرت في طبقات عليا من الغلاف الجوي بين 3-5 كم، كما أن القاهرة تبعد عن بركان لابالما بأكثر من 4700 كم، كما أن هذه تركيزات ضعيفة وتعتبر الأقل مقارنة بالدول الأوروبية التي تصل فيها نسبة التركيز إلى 100 mg/cm2.

وتابع أن الرياح وزعت الغازات على أوروبا والقليل جنوباً إلى السواحل الإفريقية عدا المغرب التي تقع في مواجهة البركان وأقرب لها من أسبانيا صاحبة الجزيرة.

لافتًا إلى أن ثورة البركان تشتد بعد مرور 33 يوماً على نشاطه وقد يستمر عدة أشهر، إذ أنه لم يصل العلماء بعد إلى موعد لعودته إلى وضعه الطبيعي.

كما أوضح أن آثاره البيئية بدأت تظهر على معظم سطح الكرة الأرضية، وربما هناك ارتباط جيولوجي في حوض البحر المتوسط بين البركان والزلازل التي تحدث جزيرة كريت.

مجلس الوزراء المصري والأرصاد الجوية

5927

ساعات قليلة فصلت إطلاق الأنباء حول الغازات السامة القادمة من بركان لابالما، وبين الرد الرسمي من السلطات المصرية، والتي نفت جملة وتفصيلة إمكانية تعرض مصر لهذا النوع من الأوبئة الطبيعية، واصفة تلك الأنباء بـ”الشائعة”.

وعبر حسابها الرسمي على “فيس بوك”، قالت رئاسة مجلس الوزراء المصري: انتشر في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء بشأن تأثر مصر بغازات وانبعاثات بركان “لابالما” السامة، وقد قام المركز الإعلامي لمجلس الوزراء بالتواصل مع وزارة البيئة، والتي نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لا صحة لتأثر مصر بغازات وانبعاثات بركان “لابالما” السامة.

وأوضحت وزارة البيئة أن مصر لن تتأثر بأية غازات أو انبعاثات من بركان “لابالما”، وذلك نظراً لبعدها الجغرافي عن مجال تأثيره، كما أن هذه الغازات تنتشر في طبقات عليا من الغلاف الجوي مما يصعب وصولها إلى الغلاف الجوي المصري.

وشددت الوزارة على أنه لم يتم رصد أي ملوثات أو انبعاثات بيئية لهذا البركان ذات تأثير مباشر على الصحة العامة أو المنشآت، وأكدت أن تبعاته لن تصل إلى مصر، وإن وصلت ستكون في الطبقات العليا بنسب ضعيفة جداً لن يشعر بها الإنسان ولا تؤثر عليه بأي شكل، كما نؤكد أن محطات الرصد البيئي المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية تعمل بشكل لحظي لرصد أي معدلات تلوث على مدار اليوم من خلال فرق متخصصة.

وناشدت رئاسة مجلس الوزراء المصري، مختلف وسائل الإعلام المختلفة ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي تحري الدقة والموضوعية في نشر الأخبار، والتواصل مع الجهات المعنية للتأكد قبل نشر معلومات لا تستند إلى أي حقائق، وتؤدي إلى إثارة بلبلة الرأي العام.

وأرفقت رئاسة مجلس الوزراء المصري بعضًا من العناوين والأرقام الهاتفية التي يتسنى من خلالها التأكد من أي معلومات، من بينها الدخول على الموقع الرسمي لوزارة البيئة المصرية eeaa.gov.eg))، كما يمكن الإبلاغ عن أي شائعات أو معلومات مغلوطة يرجى وذلك عبر الإرسال على أرقام الواتس آب التابعة للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء (01155508688 -01155508851) على مدى 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، أو عبر البريد الإلكتروني (rumors@idsc.net.eg).

بدوره، قال الدكتور محمود شاهين، مدير عام التنبؤات والإنذار المبكر بهيئة الأرصاد الجوية في تصريحات نقلتها صحيفة «الوطن»: «إن تأثير غازات البركان لن تمتد إلى مصر بأي شكل»، مضيفا: «نظرًا لخرائط توزيعات الضغط واتجاهات الرياح، إذ تعتبر إيطاليا أقل الدول تأثرًا بهذه الغازات على الرغم من كونها إحدى الدول المُقابلة لدولة ليبيا».

أما هيئة الأرصاد الجوية المصرية، فأشارت في بيان لها، أن بركان جزيرة لا بالما نشط منذ شهر و”لا يوجد أي علامات حتي الآن لتوقف هذا النشاط”، ولفتت إلى أنه خلال الأسبوع الماضي زادت حدة الزلازل الأرضية هناك وانبعاثات الرماد والغازات البركانية، والتي من ضمنها غاز ثاني أكسيد الكبريت (SO2) وهو غاز يتفاعل مع الأكسجين والرطوبة ليشكل ضباب بركاني رمادي يسمي (Vog).

وأكدت الهيئة أن الأقمار الصناعية رصدت في 18 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أثارا خافتة مرئية من “Vog” تتدفق باتجاه أوروبا، لافتة إلى أن هذا كان بسبب التحول في اتجاه الرياح.

وأضافت الهيئة أن العلماء أكدوا أن “الغاز المنتشر ومتبعثر بشكل كبير حيث يتوقع الحد الأدنى من التأثير على جودة الهواء السطحي والحد الأدنى من الأمطار الحمضية علي أوروبا والمناطق المحيطة”.

وطرحت الهيئة السؤال الذي شغل بال المصريين الساعات الماضية:

“هل تصل هذه الغازات إلى جمهورية مصر العربية؟”

وأجابت الهيئة، أنه “من خلال دراسة حركة الرياح القادمة من جزر الكناري حتى جمهورية مصر العربية يتضح أن مسار الهواء الناقل لـ vog بعيد تمام عن البلاد”.

مشددة على أنه “لا يوجد أي اتجاه للهواء يعمل على نقل الغاز وغير متوقع هطول أي أمطار غير الأمطار المحلية على السواحل الغربية بفرص ضعيفة”.

ربما يعجبك أيضا