تراشق سياسي إسرائيلي إيراني على أرض لبنان.. متى تنتهي التدخلات الأجنبية؟

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تتصاعد حدة التوتر بين إيران والكيان الصهيوني، على أراضي لبنان، مما يزيد من أوجاع “بلاد الأرز” والشعب اللبناني الذي تعاني بلاده من التدخلات الأجنبية والاحتراب الداخلي. السنوات الماضية شهدت مواجهات بين الكيان الصهيوني وإيران بشكل مباشر أو غير مباشر في كل من لبنان وسوريا وقطاع غزة، إذ يخوض الجانبان “حربًا بالوكالة” منذ فترة ليست بالقصيرة في منطقة الشرق الأوسط، إذ يتقاتل “حزب الله” اللبناني المدعوم من إيران مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأول أمس الجمعة، أفادت صحيفة معاريف الإسرائيلية، بأن الجيش الإسرائيلي وضع عدة سيناريوهات لاحتمال الحرب مع “حزب الله” اللبناني، والأهداف المحتمل استهدافها من قبل الحزب، وعلى رأسها ميناء حيفا والخزانات الموجودة في مدينة حيفا. وقال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، الجمعة الماضي، إن المقاومة أعدت للدفاع عن لبنان ونفطه وغازه من الأطماع الإسرائيلية، وأكدت قناة الميادين، أن تصريحات نصر الله جاءت خلال حديثه في ذكرى المولد النبوي وأسبوع الوحدة الإسلامية، والتي أكد خلاله أن حزبه اللبناني لا يريد التدخل في ملف الترسيم مع إسرائيل، ولا يريد التعبير عن موقف في هذا الشأن.

ويعمل حزب الله بالتنسيق مع إيران في الشرق الأوسط منذ تأسيسه في عام 1982، لتصدير أفكار وأطماع ثورة إيران الإسلامية ومحاربة القوات الإسرائيلية التي غزت لبنان في العام نفسه.

حزب الله وإيران

تعد علاقة الحزب بإيران واحدة من أهم العلاقات في الشرق الأوسط، إذ يمتلك جهاز استخبارات على درجة كبيرة من الكفاءة، وتقوم بمهام حفظ الأمن في مناطقها الخاصة في جنوب بيروت وجنوب لبنان، فضلًا عن المناطق الحدودية مع سوريا، حتى أصبح الحزب أقوى من الدولة اللبنانية على مدى العقود الأربعة الماضية، واقترن اسمه إلى حد كبير بالصراع مع دول الاحتلال الإسرائيلي.

ويساعد الحزب إيران على تعزيز نفوذها في جميع أنحاء المنطقة، ويعتبر أمينها العام، حسن نصر الله، شخصية بارزة فيما يسمى بـ”محور المقاومة” الذي تقوده إيران، والذي يهدف إلى مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها العرب، وبرزت صلة الحزب الوثيقة بإيران بوضوح عند ما انضم إليها في عام 2013 في الحرب في سوريا دفاعًا عن حليفهما المشترك بشار الأسد، وفي العراق، أقر الحزب علنًا بأنه يدعم المليشيات المسلحة الموالية لإيران.

أقدام “الملالي”

رسخ حزب الله مكانة إيران كلاعب رئيسي في لبنان، البلد الذي تتنازع فيه على النفوذ الولايات المتحدة وروسيا وسوريا والسعودية ودول أخرى كثيرة منذ سنوات. لذلك أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، عن أمله بأن يتحرر الشعبان اللبناني من قبضة الحرس الثوري الإيراني، قائلًا: “لقد سئمت من السيطرة الإيرانية التي تتمثل بحزب الله في لبنان، لأن كل مكان يدخله الإيرانيون يدخل في دوامة من العنف والفقر وعدم الاستقرار والفشل”.

يأتي ذلك في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بوساطة أمريكية، وكان من المفترض أن تقتصر المفاوضات على مساحة بحرية تقدر بنحو 860 كيلومترًا مربعًا، بناءً على خريطة أرسلت في 2011 إلى الأمم المتحدة، لكن لبنان اعتبر لاحقًا أن الخريطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومترًا مربعًا، وتشمل أجزاء من حقل “كاريش” الذي تعمل فيه شركة يونانية لصالح إسرائيل.

مخاطر الحرب الأهلية

وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية، والتدخل العسكرية من كل حدب وصوب يواجه لبنان شبح العودة للحرب الأهلية مجددًا، بعد الاشتباكات المسلحة التي شهدتها بيروت، وخلفت عددًا من القتلى والجرحى.

وأفادت وسائل الإعلام بأن التوتر يسود حي الطيونة في بيروت إثر إطلاق نار ووقوع إصابات، وذلك بالقرب من وقفة احتجاجية نظمها أنصار حزب الله وحركة أمل للمطالبة بكف يد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت.

فيما أعلن الجيش اللبناني، منتصف شهر أكتوبر الجاري، عن القبض على 9 أشخاص، بينهم سوري، على خلفية الاشتباكات العنيفة التي شهدتها العاصمة بيروت.

فاتورة المطامع

اتهمت قيادتا “حزب الله” و”حركة أمل”، مجموعات من حزب “القوات اللبنانية” بممارسة عمليات القنص المباشر بهدف القتل المتعمد، في أحداث منطقة الطيونة في بيروت، الأمر الذي نفاه غسان يارد، الأمين العام لحزب القوات اللبنانية، مؤكدًا أن اتهامات حزب الله وحركة أمل بشأن تورط حزب القوات في أحداث إطلاق النار بمنطقة عين الرمانة والطيونة في بيروت، مجرد مغالطات، وتظاهراتهم لم تكن سلمية، وبعض المشاركين في التظاهرات دخلوا إلى الأحياء الداخلية لمنطقة عين الرمانة وعمدوا إلى تكسير السيارات والممتلكات الخاصة للبنانيين.

وأكد قاسم هاشم عضو مجلس النواب اللبناني، أن هناك من يتربص بلبنان واستقراره، فكان جاهزًا لهذا الاعتداء الذي يستهدف استقرار الوطن، ويفتح الباب على فتنة قد تذهب بالأخضر واليابس إذا لم يتدارك المعنيون خطورة ما حدث، مطالبًا بضرورة تغليب لغة العقل والحكمة على مفردات التقسيم والشرذمة، لتجنيب الوطن المزيد من التوتر والشحن، وبعث مناخًا هادئًا يوفر على لبنان واللبنانيين الكثير. بينما يرى مراقبون أن الشعب اللبناني يدفع فاتورة التدخلات الأجنبية وأن ما يحدث من انفلات أمني واشتباكات أمر متوقع في ظل الانهيار الذي يعيشه لبنان على كافة المستويات.

ربما يعجبك أيضا