لإرباك الحوار الوطني.. النهضة تسعى لتوتير العلاقة بين الرئيس التونسي واتحاد الشغل

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

تسعى حركة النهضة الإسلامية التونسية لإرباك جهود الرئيس قيس سعيد لتنظيم حوار وطني يضع الملامح العامة للفترة السياسية المقبلة.

وحاول الإسلاميون استغلال بعض تخوفات وتحفظات الاتحاد العام التونسي للشغل وهو اكبر منظمة عمالية في البلاد وذلك لإرباك جهود الرئيس وإفشال الحوار الوطني قبل حتى أن يبدأ.

ومن المعروف الدور الكبير الذي يقوم بها اتحاد الشغل من الناحية السياسية والاجتماعية إضافة إلى دوره في الحفاظ على حقوق العمال والطبقات الفقيرة والمتوسطة.

ويعود هذا الدور إلى فترة ما قبل الاستقلال حيث شارك الاتحاد في النضال الوطني من اجل طرد الاستعمار الفرنسي ما أدى إلى اغتيال زعيمه ومؤسسه فرحات حشاد على يد مجموعة تابعة للمستعمر أطلق عليها ” اليد الحمراء”.

وفي دولة الاستقلال شارك اتحاد الشغل في بناء الدولة الوطنية لكنه دخل في خلافات مع نظامي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي لكي يكون له دور فعال في ثورة 2011 عبر تزعم بعض نقابييه الاحتجاجات في الجهات.

ولعب اتحاد الشغل دورا بارزا في الحوار الوطني لسنة 2013 وأدى هذا الدور إلى حصوله إلى جانب 3 منظمات وطنية على جائزة نوبل للسلام.

وواجه اتحاد الشغل خلال عشرية الحكم الماضية منظومة الإخوان المسلمين ونظم عددا من الإضرابات العامة الناجحة رفضا لسياسات الإسلاميين ما دفع بالمتشددين إلى مهاجمة الكثير من مقاره وسط دعوات للتحقيق في الاعتداءات التي تعرضت لها المنظمة العمالية.

وثمن الاتحاد العام التونسي للشغل الإجراءات الاستثنائية التي أعلن الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو الماضي والمتعلقة بحل الحكومة السابقة وإقالة رئيسها هشام المشيشي وتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه.

وقد قال الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي حينها أن الوضع لا يمكن أن يستمر في ظل المنظومة السابقة التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار وان التغيير كان سيحصل سواء عبر 25 يوليو أو غيرها مشيرا إلى حجم الاحتقان الشعبي.

الإسلاميون يوترون الأجواء لإفشال الحوار

ورغم أن الاتحاد العام التونسي للشغل يؤيد الحوارات الوطنية للخروج من الوضع الحالي إلى وضع أكثر استقرار لكن الإسلاميين يستغلون خطابات الطبوبي الحادة في بعض الأحيان للترويج لخلافات بين الاتحاد والرئيس.

وعمدت وسائل إعلام مقربة من التيار الإسلامي على غرار قناة الزيتونة وقناة الجزيرة لاستضافة قيادات حركة النهضة لانتقاد الرئيس والزعم بأنه في عزلة داخلية وخارجية باستغلال خطاب الطبوبي.

ورغم أن نور الدين الطبوبي أكد مرارا أن الاتحاد ليس في خلاف مع مؤسسة الرئاسة وانه يريد بعض الإيضاحات حول طريقة تسيير الحوار الوطني وتشريك اكبر قدر ممكن من القوى السياسية التي لا تتعلق بها شبهات فساد وليست خاضعة لقوى أجنبية لكن الإسلام السياسي بدا وكأنه يغالط الرأي العام من اجل الترويج لتلك الخلافات الوهمية.

وككل مرة يسعى الإسلاميون لاستغلال كل الملفات لإرباك الوضع العام في البلاد لكن هذا الأمر لا ينفي وجود بعض الاحترازات التي أوضحها الطبوبي في خطابه الأخير داعيا مؤسسة الرئاسية للتواصل مع منظمته وبقية قوى المجتمع المدني.

لكن الاتحاد يعي في نفس الوقت مخططات الإخوان لإرباك الوضع خدمة لمصالحهم حيث رفضت المنظمة سابقا حوارات وطنية دعت إليها حركة النهضة.

وقال الأمين العام المساعد للاتحاد سمير الشفي في سبتمبر: “أن الاتحاد رفض دعوة حركة النهضة تنظيم حوار وطني، بعد إجهاضها وتعطيلها لمبادرته السابقة لحلّ وإنهاء الأزمة في تونس.

وأضاف أن “حركة النهضة كانت أول من ناور من أجل معارضة دعوة المنظمة العمالية إلى حوار شامل مضيفا “إن الحوار بعد 25 يوليو “بصيغته القديمة وبالأطراف التي كانت مشاركة فيه أصبح عبئاً ولم يعد له معنى”.

وقال أن “الاتحاد يتطلع إلى حوار مع القوى المؤمنة بتصحيح المسار وإعادة الاعتبار لاستحقاقات الثورة” وأن “الاتحاد مع الحركة الإصلاحية وإعادة صياغة المشروع الوطني بما يخدم مصالح كل التونسيين”.

وهذا الخطاب قطع تماما مع محاولات النهضة إرباك الحوار الوطني بعد فشل جهودها للمشاركة فيه اذ اعتبرت جزءا من الأزمة وانه لا يمكن أن تكون جزءا من الحل.

قنوات حوار بين الاتحاد وحكومة بودن

في المقابل يسعى اتحاد الشغل لفتح قنوات جديدة مع حكومة نجلاء بودن حيث أكد الأمين العام المساعد في الاتحاد سامي الطاهري عن تنظيم لقاء هذا الأسبوع بين رئيسة الحكومة والطبوبي، وهو أول لقاء يعقد بين الطرفين منذ تكليف بودن.

وكانت قيادات الاتحاد اجتمعت قبل ذلك مع مسؤولين في وزارتي الاقتصاد والشؤون الاجتماعية حيث طالبت المنظمة العمالية من الحكومة إطلاعها على مشروع الميزانية التكميلية للسنة الحالية وميزانية السنة القادمة.

ويؤكد اتحاد الشغل مرارا رفضه أن تتحمل الطبقات الفقيرة مسؤولية السياسات الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة للحكومات السابقة ويدعو دائما إلى التنسيق في العديد من القرارات التي تهم العمال والموظفين.

ويبدو جليا أن اتحاد الشغل يتعامل بمنطق وطني ومسؤول مع الحكومة ومع مؤسسة الرئاسة لتفويت الفرصة على مخططات الإسلام السياسي.

ربما يعجبك أيضا