«ثورة البنزين».. قلق طهران من عودة الاضطرابات في الداخل

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

أمس الثلاثاء في إيران، أصاب نظام توزيع البنزين في محطات الوقود في أنحاء البلاد توقف بسبب ما وصفته الحكومة بـ”خلل” في نظام الوقود الذكي.

لكن الحقيقة، أن وراء هذا الخلل، هو وقوع هجوم إلكتروني على محطات الوقود الإيرانية.

ونُشرت صور للوحات إعلانية رقمية مثبتة في طهران، على شبكات التواصل الاجتماعي، وقد ظهر عليها سؤال: “أين البنزين يا خامنئي؟”.

كما أكد موقع “نور نيوز”، المقرب من مجلس الأمن القومي الإيراني، أن تعطل محطات الوقود الإيرانية نجم عن “هجوم سيبراني”.

ورفض الموقع، الذي ينقل عادة عن “مصادر مطلعة” بشأن الحوادث الأمنية في إيران، رفض تقديم تفاصيل حول الهجوم السيبراني ومصدر الهجوم.

وبعد ساعات، انتشرت قوات الأمن الإيرانية في بعض هذه المحطات، فيما أكد المركز الوطني للفضاء الافتراضي وقوع هجوم سيبراني.

في ذكرى احتجاجات نوفمبر

ويأتي هذا الهجوم مع اقتراب ذكرى احتجاجات نوفمبر 2019 في إيران، التي بدأت ردًا على زيادة أسعار البنزين بنسبة 200 في المائة، وسرعان ما تحولت إلى احتجاجات مناهضة للنظام، وقد واجه المحتجون قمعًا عنيفًا وغير مسبوق من قبل قوات الأمن والاستخبارات.

ووفقًا لما قاله وزير الداخلية الإيراني آنذاك، قُتل ما بين 200 و225 شخصًا في الاحتجاجات، لكن منظمة العفو الدولية حددت عدد القتلى بـ 307 أشخاص، وشددت على أن عدد القتلى قد يكون أعلى من ذلك بكثير. وذكرت “رويترز” أن عدد القتلى بلغ حوالي 1500 شخص.

والأسبوع الماضي، عقب نشر أنباء عن زيادة أسعار الوقود على مواقع التواصل الاجتماعي، نفى المتحدث باسم الشركة الوطنية الإيرانية لتوزيع المنتجات البترولية أنباء ارتفاع سعر البنزين إلى 14 ألف تومان.

وتقوم إيران بتصدير البنزين عبر شركات القطاع الخاص إلى سوريا ولبنان وفنزويلا.

والعام الماضي، قد بدأت الاحتجاجات على زيادة سعر البنزين، في مساء يوم 15 نوفمبر 2019، في الأحواز، بعد أن أعلنت الحكومة زيادة سعر البنزين بنسبة 300٪. ثم انطلقت بعد إذ في مختلف أرجاء إيران بما فيها العاصمة الإيرانية طهران، وعلى رأسها المدن الكبرى.

وقد وصل عدد القتلى بين المتظاهرين في الأيام التالية إلى أكثر من 1000 قتيل، إضافة إلى جرح عشرات الآلاف واعتقال ما يزيد عن سبعة آلاف متظاهر، في حين قُتِل ثلاثة أفراد من الأمن، وأُحرِق 731 فرعًا بنكيًّا و140 مبنى حكومي حسبما نشرت بيانات حكومية إيرانية.

الخوف من عودة الاضطرابات

وقد اتهم أمين المجلس الأعلى للفضاء الافتراضي في إيران أبو الحسن فيروز آبادي دولةً أجنبية -لم يسمها- بالوقوف وراء الهجوم السيبراني الواسع النطاق الذي استهدف محطات التزود بالوقود المدعوم، مما تسبب في طوابير طويلة في المحطات، وأضاف فيروز آبادي أنه من السابق لأوانه تحديد هذه الدولة والطريقة التي استخدمت في الهجوم.

وقد ألمحت وكالة أنباء فارس الإيرانية إلى أن توقيت الهجوم السيبراني مرتبط باقتراب ذكرى احتجاجات واسعة اندلعت في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، كانت بسبب قرار زيادة أسعار الوقود

وتقول إيران إنها في حالة تأهب قصوى ضد أي هجمات إلكترونية كانت قد اتهمت في الماضي الولايات المتحدة وإسرائيل بشنها، بينما اتهمت أميركا وقوى غربية أخرى إيران بمحاولة تعطيل شبكاتها الإلكترونية واختراقها.

وقد اعترفت صحيفة “جوان”، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، بوجود تخبط في أزمة توقف محطات الوقود بعد الحديث عن هجوم سيبراني.

 وقالت: “انتهت المؤامرة على وقود البلاد، لكن لا تزال هناك أسئلة كثيرة لم تتم الإجابة عليها، والإجابة على هذه الأسئلة أهم من أصل القضية ويجب تقديم إيضاحات صريحة في هذا الخصوص”.

وذكرت الصحيفة أن حدوث هذه الهجمات بالتزامن مع اقتراب موعود المفاوضات المحتملة بين إيران والغرب، وكذلك تزامن هذه الأحداث مع اقتراب الذكرى السنوية لاحتجاجات الوقود في شهر نوفمبر من عام 2019 له دلالة خاصة، مضيفة: “لماذا لا توجد استعدادات استثنائية لمثل هذه الأيام الخاصة.. لماذا نسمح بهذه البنية التحتية غير الفاعلة، والتي يعترف الجميع باستهلاكها، أن تحمل البلاد والعباد تكاليف وخسائر؟!”.

وكتبت وكالة مهر المقربة من الحرس الثوري: ” تعتبر عملية الأمس السيبرانية ضد إيران بالتركيز على محطات الوقود إحدى الحقائق التي حدثت ويجب تحليلها بشكل واقعي. يبدو أن هذه العملية تعتبر عملية إلكترونية ناجحة لتحقيق أهدافها لعدة ساعات، لكنها فشلت تمامًا في تحقيق أهدافها الرئيسية. وعليه غرد عاموس يادلين، الرئيس السابق لجهاز المخابرات العسكرية للكيان الصهيوني، عن نتائج الهجوم السيبراني على محطة الوقود وقال هل هذه الضربة غيرت سلوك إيران الإقليمي أم أدت إلى أعمال شغب؟!”.

وأضافت: “حاولوا نشر شائعات عن موجة تصاعد لأسعار البنزين تحصل في البلاد أمس، وذلك بالتزامن مع تعطل محطات الوقود، ولكن مع الإجراءات الإعلامية المناسبة، لم تحقق هذه العملية النفسية أي من أهدافها”.

والواضح أن طهران كانت مستعدة لمثل هذه الهجمات تزامنًا مع اقتراب ذكرى انتفاضة البنزين عام 2019؛ حيث حرصت الحكومة على نفي أي أخبار تحدثت عن زيادة أسعار المحروقات خشية من وقوع اضطرابات في الشارع الإيراني.

ربما يعجبك أيضا