إيران تعتزم العودة إلى المفاوضات النووية نهاية «نوفمبر» أم تناور؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يبدو أن حكومة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بدأت تواجه ضغوطا من الداخل ومن الخارج؛ حيث تعصف الأزمة الاقتصادية والعقوبات بالواقع المعيشي للإيرانيين، وسط مخاوف من تجدد الاحتجاجات. وروسيا الحليف المساند لإيران سئمت من عود إيران بالعودة إلى المفاوضات النووية “قريبًا”.

وأصبح الرئيس الإيراني في مفترق طرق كبير، حيث إن مناقشة ملف الانضمام لمعاهدة مكافحة غسيل الأموال (فاتف) في مجمع تشخيص مصلحة النظام واقف على طلبه، وإذا لم يطلب ذلك من المجمع فإن الوضع سيستمر على ما هو عليه، وهو ما يتعارض مع وعود رئيس الجمهورية أثناء حملته الانتخابية، حيث وعد بحل المشاكل الاقتصادية للبلاد. فضلًا، عن حالة من التردد وعدم الحسم في الملفات والتحديات الدولية، ومنها ملف الاتفاق النووي.

وعجز إيران عن تطوير مصافيها النفطية ومنصاتها الغازية، والعجز الذي تواجهه في توفير الكهرباء والغاز؛ دليل على أن الخزانة الإيرانية قد استنفدت، ولا حل إلا العودة للمحادثات النووية، على أمل فك الحصار عن بعض أموال إيران المجمدة في الخارج.

وكان المسؤولون الإيرانيون أعلنوا أكثر من مرة خلال الأسابيع الماضية أنهم سيعودون إلى طاولة التفاوض “قريبا”، إلا أنهم لم يحددوا تاريخا لتلك العودة، ما دفع الخارجية الأميركية للتأكيد على أنها قد تبحث سبلا أخرى في حال استمرت طهران في مماطلتها.

وقد انطلقت المفاوضات بفيينا في أبريل الماضي، متوقفة منذ يونيو، وسط دعوات حثيثة لاستئنافها، وتحذيرات من أن التأخر سيفتح المجال أمام واشنطن للنظر في خيارات أخرى.

ومن داخل إيران، دعا المحلل السياسي والمختص في العلاقات الدولية، يوسف مولايي، المسؤولين في بلاده إلى التوقف عن إضاعة الوقت بنسبة للمفاوضات النووية، وذكر أن التكتيك الحالي الذي تعتمده إيران في إطالة أمد العودة إلى طاولة التفاوض يضر بإيران ولا يحقق ما يأمله المسؤولون الإيرانيون، مضيفا أن جميع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن أصبحت منزعجة، وتريد من طهران أن تعود بسرعة إلى المفاوضات.

ونوه الكاتب إلى أن الدول الغربية تريد استئناف المفاوضات من حيث توقفت في عهد حكومة روحاني، لأن نتائج قد تحققت بين الأطراف المتفاوضة وينبغي البناء عليها، في حين أن حكومة رئيسي تريد إيجاد تغيير في التفاهمات التي حصلت بين المفاوضين.

وتابع الكاتب قائلا: “لقد تجاوزت إيران الوقت المتعارف عليه للعودة إلى طاولة المفاوضات، ودخلت الآن في الوقت بدل الضائع ولم يعد لديها وقت طويل للحصول على نتائج”.

إلى بروكسل

اجتمع نائب وزير الخارجية الإيراني، علي باقري،  مساء أمس الأربعاء، مع وسطاء من الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وأعلن موافقة بلاده على استئناف المفاوضات حول ملفها النووي أواخر الشهر المقبل، دون أن يحدد “اليوم أو التاريخ”.

وكان وفد إيراني وصل إلى بروكسل برئاسة باقري، ليل الثلاثاء، تمهيدا لبدء مفاوضات ثنائية بين إيران ودول أوروبية حول قضايا الملف النووي الإيراني.

وتشير المصادر الإعلامية، أنه تم الاتفاق على استئناف المفاوضات النووية قبل انتهاء شهر نوفمبر المقبل.

نقطة الانسداد

أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أمس الأربعاء، أن طهران لا ترغب في استئناف المفاوضات النووية مع القوى الدولية الكبرى “من حيث انسد مسارها؛ لكننا نقبل الصيغة التي تم الوصول إليها في محادثات فيينا.

ودعا الولايات المتحدة إلى الإفراج عن 10 مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية المجمّدة لديها بسبب العقوبات الأمريكية، لإظهار حسن نواياها لاستئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي، قائلا “إذا كان لدى الرئيس الأمريكي جو بايدن نوايا حسنة فليطلق سراح عشرة مليارات دولار أموال إيرانية مجمدة في الولايات المتحدة”.

وشدد عبداللهيان “سنحدد مكان المفاوضات النووية في فيينا أو في مكان آخر ومستعدون للعودة إلى مفاوضات 1+4 بشأن الاتفاق النووي قريبا”.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية، اليوم الأربعاء، أن طهران مستعدة لإجراء محادثات “مباشرة” مع مجموعة الدول الأوروبية الثلاث المعنية بالاتفاق النووي، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وكان المسؤولون الأمريكيون قد أعلنوا في وقت سابق أن طهران تصر على إلغاء جميع العقوبات، وقد يؤدي ذلك إلى وصول المفاوضات إلى طريق مسدود.

وقال أمير عبد اللهيان إن “مجرد عودة أميركا إلى المفاوضات لا تعني شيئا، المهم أن تكون نتيجة العودة لصالح إيران”.

رد واشنطن

قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، “نحن مستعدون للعودة إلى فيينا ونعتقد أنه لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق سريع وتنفيذه لإعادة الأطراف إلى الامتثال الكامل لالتزاماتهم”.

وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية على أن المحادثات النووية يجب أن تركز على حل “عدد صغير” من القضايا التي ظلت غير منتهية خلال الجولة السادسة من المحادثات في يونيو.

وأعرب برايس عن أمله في أن يتوجه المسؤولون الإيرانيون إلى فيينا بحسن نية لإجراء المحادثات بسرعة، مشيرًا إلى أن فرصة مثل هذه المحادثات ليست دائمة.

ومن جانب آخر، قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، إنَّ الحكومة الأمريكية تسعى للتنسيق مع الدول الأوروبية الثلاث لتشكيل “جبهة موحدة” ضد إيران.

ربما يعجبك أيضا