وحدة الأشباح بالجيش الإسرائيلي.. «حزب الله» في بؤرة الاهتمام

محمد عبد الدايم

كتب – د. محمد عبدالدايم

دشن الجيش الإسرائيلي الأسبوع المنصرم مراسم تخريج الدفعة الأولى من وحدة 888، المعروفة باسم وحدة “الأشباح” (رفائيم)، حيث تقلد المجندون دبوس الوحدة، والذي جاء تصميمه مكونا من عدة عناصر، تعبر في زخارفها عن هوية وحدة النخبة الجديدة، ويتكون الدبوس من السيف، الذي يمثل القوة والفتك، وهو عنصر رائج في الشعارات العسكرية للجيش الإسرائيلي، ورقم 8 يلتف حول السيف، ويرمز إلى الحركة المستمرة، مع قاعدة للسيف منقوش عليها رقم الوحدة 888، وجناحين مفرودين يحاكيان أجنحة الوطاويط، بأسلوب شبح وتمثل صفة الوحدة، التي تتغير وتتكيف مع “العدو” المتخفي، ولديها معدل بقاء عالٍ، ولا يمكن التنبؤ بها وتعمل في جميع الأبعاد، حيث تتحرك في جميع الاتجاهات، وتعتمد على جميع قدرات الجيش والاستخبارات، وجاء الدبوس باللون الأبيض تعبيرا عن “التفرد”.

نتاج خطة كوخافي لتطوير الجيش

image 12

الوحدة الجديدة متعددة الأبعاد تمثل جزءا من خطة التطوير متعددة السنوات “تنوفا” التي قدمها رئيس الأركان أفيف كوخافي، بهدف رفع قدرات الجيش، وتطوير أساليب القتال، والحفاظ على تفوق إسرائيل عسكريا، على الجبهات المختلفة، الشمالية في مواجهة حزب الله اللبناني وقوات إيران في سوريا، والجنوبية في مواجهة حماس والفصائل الفلسطينية في غزة، وفيي الضفة الغربية، إضافة إلى تطوير قدرات الجيش مع الاستخبارات لمواجهة إيران خارجيا.

لاقت خطة كوخافي تأخيرا في تنفيذها، نتيجة عدم إقرار ميزانية إسرائيل في حكومة نتنياهو السابقة، وبعد موافقة الكنيست بالقراءة الأولى مؤخرا على تمرير الميزانية التي قدمتها حكومة بينط-لابيد، من المنتظر أن يتحرك رئيس الأركان لتنفيذ مزيد من خطوات تطوير جيش إسرائيل.

بدأ الجيش الإسرائيلي في بناء الوحدة عام 2019، بمبادرة من رئيس هيئة الأركان أفيفي كوخافي، كجزء من مفهومه لتطوير قدرات قتالية سرية للجيش، لذا تسمى الوحدة “طفل رئيس الأركان”، والهدف من تدشين هذه الوحدة هو إعدادها لخوض المعارك المستقبلية، عبر العمل في جميع ساحات القتال، المكشوفة والمستترة، حيث يقوم عملها على اكتشاف “العدو” ومهاجمته وتدميره في جميع مسارح العمليات، ولذلك تجمع الوحدة بين قدرات المشاة والهندسة والحرب المضادة للدبابات والجوية والاستخبارات.

image 13

تتمتع الوحدة بقدرات قوات مشاة وهندسة ومدفعية واستخبارات ومقاتلات جوية، وبحسب الجيش الإسرائيلي؛ من المفترض أن تكون “وحدة مناورة متعددة الأسلحة تعمل في جميع ساحات القتال”، لتكون “رائدة في المناورة للوحدات في ساحة المعركة المستقبلية ولتطوير أساليب القتال”.

اختار الجيش الإسرائيلي مجندي الوحدة قبل تدشينها بنحو عام ونصف، وبعد الموافقة على تأسيسها في فبراير 2020، والانتهاء من البنية التحتية لها، استقبل الجيش الإسرائيلي في يوليو الماضي المجندين الجدد الذين خضعوا لاختبارات نفسية وجسدية شاملة قبل بدء التدريبات المكثفة على تعلم فنون القتال في حالات تحمل جسدي وعقلي شديدة، واستكمل المجندون تدريباتهم على عمليات سرية من أنواع متعددة.

جندت الوحدة مقاتلين إسرائيليين وضباط بارزين من ذوي الخبرة العملية الذين خدموا في الدوريات ووحدات النخبة الأخرى بالجيش، وقد تم اختيار هؤلاء بعناية لتسريع عمليات تطوير القدرات التكنولوجية التي تدمجها الوحدة بشكل روتيني.

رغم أن العمل القتالي للوحدة يتبع سلاح المشاة في المقام الأول؛ فإن أفرادها قد تلقوا تدريبات لتشغيل كاشطات وطائرات مصغرة، واستخدام قدرات اتصالات سرية فائقة التطور، إلى جانب أنظمة قيادة وتحكم، كما تدرب المرشحون على القيام بطلعات جوية خاصة.

image 14

على خطى وحدة الكوماندوز 101

جاءت خطة رئاسة أركان الجيش لتكوين هذه الوحدة النخبوية بعد سنوات من تدشين وحدة الكوماندوز 101، التي تأسست عام 1953، بهدف التسلل إلى الأراضي العربية، لتنفيذ أعمال عسكرية انتقامية ردا على عمليات التسلل من المقاومين الفلسطينيين والعرب، الذين قاموا بعمليات فدائية ضد الإسرائيليين.

نفذت وحدة 101 عمليات عسكرية إرهابية عديدة ضد الفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة، شملت القتل وتدمير منازل المدنيين على ساكنيها، ووُجهت لها اتهامات دولية بارتكاب جرائم حرب، تنصل من مسئوليتها كل من دافيد بن جوريون، وأريئيل شارون مؤسس الوحدة وقائدها.

أعلن أفيف كوخافي، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، البدء في تأسيس الوحدة 888 لتكون أكثر تطورا من وحدة 101 كوماندوز، وسيتم تكليف فرق الوحدة بعمليات التعرض للعدو في المناطق المبنية وبين المدنيين، ورغم أن مهامها تتركز على مناطق الضفة الغربية، فإنه من المتوقع لاحقا أن تقوم بمهمات عسكرية في القطاعين الشمالي والجنوبي، لتواجه حزب الله اللبناني والفصائل الفلسطينية في غزة.

إلى جانب القدرات القتالية؛ يتمتع مقاتلو وحدة “الأشباح” أيضًا بالقدرة على اكتشاف المخابئ والألغام والكمائن من خلال المباني والنباتات والعقبات المدنية والظروف الطبوغرافية المعقدة وحتى المخابئ تحت الأرض، ثم يقوم المقاتلون بجمع المعلومات الاستخبارية، وفي حالات الطوارئ أو الحرب يكونون على استعداد للهجوم.

في أوقات الحرب، ستتولى الوحدة مهام معقدة لتحديد مواقع “العدو” وكشفه، مع التركيز على مقاتلي النخبة من حزب الله في ظروف ميدانية معقدة في عمق الأراضي اللبنانية، وذلك بهدف عدم تكرار الإخفاقات السابقة التي تعرض لها الجيش خلال عملياته العسكرية ضد حزب الله في لبنان.

يعاني الجيش الإسرائيلي، في أوقات العمليات، من تشتت على مستوى توزيع المهام، والتواصل السريع بين أسلحة الجيش، وبناء عليه، يتحرك كوخافي، منذ بدء ولايته في العمل على تطوير قدرات الوحدة الجديدة لتكون بمثابة “جيش” مصغر متطور، يجمع كوادر عسكرية نخبوية، لا تعوزها سرعة الاستجابة، أو التمويل اللوجستي، ولا تتحرك مغمضة الأعين، بل وفقا لمعلومات استخباراتية دقيقة، مع غطاء عسكري ذكي، وذلك بهدف تنفيذ العمليات العسكرية بسرعة بدقة وبخفاء، دون تعريض الجنود لخطر القتل أو الأسر، ولا يكون عمل هذه الوحدة قائما على رد الفعل، بل المبادرة بالهجوم السريع، حيث يضع جيش إسرائيل خطر حزب الله وحماس في بؤرة تركيزه، ويشدد على توجيه ضربات استباقية سريعة، ورغم الهدوء الراهن شمالا مع انشغال حزب الله بالأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، ورغم سريان الهدنة في غزة؛ فإن الوحدة 888 تأسست لتكون مؤهلة لتنفيذ ما كانت تقوم به وحدة الكوماندوز 101.

ربما يعجبك أيضا