من أجل المناخ والبشرية.. هل تتخلى دول «العشرين» عن الفحم؟

كتب – حسام عيد

بينما يجتمع قادة عشرات الدول في مدينة جلاسكو الاسكتلندية لحضور قمة الأمم المتحدة للمناخ “كوب 26″، والتي انطلقت اليوم الأحد 31 أكتوبر 2021، تركّزت الأنظار على روما حيث ستكون قمة مجموعة العشرين التي تختتم أعمالها في اليوم ذاته مؤشرًا إلى مدى التزام كبرى اقتصادات العالم بالحد من الاحترار العالمي.

ولم يسبق أن تصدّر تغيّر المناخ أعمال قمة مجموعة العشرين إلى هذا الحد، كما أنه لم يسبق للقادة أن توجّهوا مباشرة من قمة لمجموعة العشرين إلى أخرى للمناخ.

ولا تزال مسألة استخدام الفحم الأحفوري الذي تستخدمه الصين والكثير من الدول الناشئة في صناعاتها، موضع نقاش حتى الساعة.

وقد أفادت مسودة البيان الختامي لقمة قادة دول مجموعة العشرين بالتوصل إلى اتفاق على حصر الاحترار المناخي بـ1.5 درجة مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. ويكمن التحدي الرئيسي أمام هذا الاتفاق في معرفة الوسائل الملموسة التي ستستخدمها الدول لاحترام هذا الهدف.

وقف استثمارات الفحم

من بين الوسائل والإجراءات الداعمة لذلك؛ دعوة قادة قمة مجموعة العشرين في البيان الختامي إلى التوقف عن تمويل محطات جديدة تعمل بالفحم بحلول نهاية 2021، بهدف التوصل لنظام كهربائي خالٍ من الكربون، بحلول العقد المقبل.

وكانت الرئاسة الإيطالية تدفع باتجاه أهداف طموحة، لكن بعض أعضاء مجموعة العشرين -الدول الناشئة التي تعتمد على الفحم أو المنتجة للمحروقات- مترددون جدًا ويرغبون في عدم رؤية صيغ تقييدية ولا سيما الوسائل الملموسة لتحقيق الطموحات المعلنة.

ولم تحسم دول المجموعة موقف محطات الفحم بشكل نهائي، إذ تتجه لوقف استثماراتها بالخارج طبقًا لتوقعات مسؤولين، بينما يتم ضبط الشؤون الداخلية لكل دولة تعتمد على استخدام الفحم محليًا طبقا لرؤية حكوماتها.

وكانت دول مجموعة العشرين قد جددت التزامها بترشيد استهلاك الوقود الأحفوري والتخلي عنه تدريجيًا بحلول 2025، فضلًا عن الحدّ من توليد الكهرباء عبر المحطات العاملة بالفحم، كونها من العوامل الرئيسة المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري، عبر المسودة الأولية للبيان الختامي، التي صدرت قبل يومين.

وخلال المسودة الأولية، التزم قادة مجموعة العشرين ببذل قصارى جهدهم لمنع بناء محطات كهرباء جديدة عاملة بالفحم، مع مراعاة “الظروف الخاصة بكل دولة”.

مشهد مختلط

وعندما يتعلّق الأمر بالتخلي التدريجي عن الفحم، يبدو المشهد مختلطًا. في سبتمبر الماضي؛ قوبل إعلان الرئيس الصيني شي جين بينغ أن بلاده ستتوقف عن تمويل محطات الطاقة التي تعتمد على الفحم بترحيب واسع. كما ترسّخ الخطوة اتّجاهًا عالميًا يمكن لمجموعة العشرين دعمه.

لكن عندما يتعلّق الأمر بتخفيف الاستخدام المحلي للفحم، تسود انقسامات عميقة، ما يعني أن يكون هناك التزام قوي بعدم ضخ استثمارات جديدة في الفحم أو وقف الاعتماد عليه في محطات توليد الكهرباء.

وتفضّل الولايات المتحدة وكندا ودول الاتحاد الأوروبي تخليًا سريعًا عن الفحم. لكن كلًا من الصين والهند وإندونيسيا يواصلون توسيع إمكانات الطاقة المعتمدة على الفحم لديهم.

80 % من انبعاثات العالم بدول “العشرين”

وتساهم دول مجموعة العشرين -التي تشمل الصين والولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي وروسيا- بـ80% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي، وحوالى 80% أيضًا من انبعاثات الغازات المسببة للاحترار المناخي.

وخلال القمة الـ16 التي أسدل الستار عليها الأحد 31 أكتوبر 2021، أعلن قادة دول مجموعة العشرين عزمهم خفض انبعاثات غاز الميثان -الذي يعدّ من أكبر مسببات غازات الاحتباس الحراري، غير أنه أقلّ بقاءً من ثاني أكسيد الكربون- بحلول عام 2030.

وقالت هيلين ماونتفورد، المسؤولة عن المناخ والاقتصاد في “معهد موارد العالم”، “ستكون قمة مجموعة العشرين مهمة للغاية لكوب 26”.

لكن المقياس الأهم لنجاح “كوب 26” يتمثل بالحد من الاحترار العالمي ليبقى عند 1.5 درجة مئوية أقل من مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

وقال الوزير البريطاني الذي يتولى رئاسة “كوب 26” ألوك شارما، هذا الأسبوع، “نريد أن نتمكن من القول بمصداقية بعد قمة جلاسكو بأننا أبقينا (عتبة) 1.5 درجة مئوية ضمن الأهداف الممكنة”.

لكن ذلك يعني خفض الانبعاثات العالمية بحوالي النصف بحلول العام 2030 و”صافي صفر” بحلول 2050. وما زالت دول العالم بعيدة عن هذا الهدف.

وكان وزراء مالية مجموعة العشرين قد وافقوا هذا الصيف لأول مرة على فرض ضرائب على الكربون كأداة مفيدة في إطار مواجهة تغيّر المناخ، لكن ثبتت صعوبة القيام بما هو أبعد من ذلك.

ويذكر أنه في 2009، تعهّدت مجموعة العشرين “الإلغاء التدريجي للإعانات المالية غير الفعّالة للوقود الأحفوري على الأمد المتوسط”. لكن وبعد مرور 12 عامًا، لا تزال مستويات الإعانات المالية بمئات مليارات الدولارات كل عام.

ربما يعجبك أيضا