وسط توقعات بالفشل.. أردوغان يدق طبول الحرب في سوريا مجددًا

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف     

الرئيس التركي رجب أردوغان يدق طبول الحرب مرة جديدة، إذ بات يحشد قواته لشن عملية عسكرية رابعة شمالي سوريا وأكبر دليل على ذلك إقرار البرلمان التركي تمديد مذكرة التفويض للحكومة، في ظل عدم استقرار مناطق نفوذها، والتهاون الروسي والدولي في التعامل مع التنظيمات التي تطلق هجماتها على الجيش التركي.

الأيام الماضية شهدت قيام الرئيس التركي بتهديد وحدات حماية الشعب الكردية بالتصعيد العسكري، للقضاء على تهديداتها، كما توعد مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي في 13 أكتوبر الماضي، بطرد الإرهابيين، في إشارة إلى وحدات الشعب وأن بلاده ستفعل كل ما يلزم من أجل تطهير المناطق في شمال سوريا منها، كما ندد بقرار الرئيس الأمريكي بتمديد حالة الطوارئ في سوريا، وتوجيهه انتقادات إلى أنقرة، حيث دعا الولايات المتحدة للتخلي عن سياساتها الخاطئة، حيث أعلن أن هدف الأمريكيين في سوريا، ليس مكافحة داعش كما هو معلن بل تقديم الدعم الكبير لوحدات حماية الشعب الكردية.

هذه التصريحات تزامنت مع قصف المدفعية التركية مناطق انتشار القوات الكردية في ريفي حلب الشمالي والشمالي الغربي، وتحديدا محيط مطار منج العسكري وأطراف تل رفعت وريف عفرين.

تحركات تركية

كشفت الصحافة التركية، أن أنقرة تجهز أكثر من 35 ألف عسكري للمشاركة في عملية عسكرية شمالي سوريا، لمحاربة حزب العمال الكردستاني، كما تم استدعاء قادة فصائل المعارضة السورية المقاتلة في مناطق عمليات درع الفرات ونبع السلام وغصن الزيتون إلى تركيا لتبادل المعلومات حول تنسيق الجبهة الأمامية واستراتيجية وتكتيك للعملية التي سيتم تنفيذها مع قادة الجيش الوطني السوري، كما تم تحديد مواقع وأعداد الجنود الذين سيقاتلون في جبهات تل رفعت ومنبج وعين عيسى وتل تمر بريف الحسكة.

النظام التركي يتذرع في محاولته لشن الحرب الرابعة على الأراضي السورية بعدم استقرار مناطق نفوذها، والتهاون الروسي والدولي في التعامل مع التنظيمات التي يقول بأنها تطلق هجماتها على الجيش التركي، وتسعى أنقرة لتحرير عين العرب من أجل قطع خط القامشلي – منبج – كوباني التابع لحزب العمال الكردستاني وضمان الربط المباشر بين رأس العين وتل أبيض مع مناطق درع الفرات.

كما تحاول أنقرة السيطرة على تل رفعت التحكم بالجيب الأخير المتبقي بين عفرين ومناطق النظام السوري، وكذلك الحد من الوجود الروسي في غرب الفرات، إضافة لإنهاء آمال حزب العمال الكردستاني وقوات قسد في شن عمليات عسكرية لاستعادة مدينة عفرين.

كلفة الحرب

ولكن على ما يبدو أن الحرب التركية لن تمر مرور الكرام هذه المرة ففي قرار غير مسبوق، صوت حزب الشعب الجمهوري في البرلمان برفض تمديد العمليات التركية في سوريا والعراق، كما أن الخلاف مع الولايات المتحدة وروسيا، والكلفة الكبيرة، وافتقاد تركيا للغطاء الجوي فوق الأراضي السورية، والوضع الاقتصادي الداخلي، وحالة الاستقطاب مع المعارضة محاذير كثيرة أمام أي عمل عملية عسكري تركي في الشمال السوري.

توقعات ورسائل

من المتوقع إذ أصر النظام الحاكم في أنقرة على شن عملية عسكرية في سوريا أن تكون عملية محدودة قصيرة المدة، ولعل المستهدف منها سيكون إلزام موسكو وواشنطن بالتفاهمات السابقة، أو إبرام تفاهمات إضافية بنفس الاتجاه، وذلك بسبب التكلفة الكبيرة والتداعيات المتوقعة لأية عملية موسعة دون التنسيق مع أمريكا وموسكو أو مع إحدهما، وخاصة أن موسكو هددت أنقرة على لسان، سيرجي فيرشينين، نائب وزير خارجيتها، بشأن العمليات التركية المحتملة في سوريا، وشددت على ضرورة احترام تركيا سيادة سوريا وحماية أراضيها من أي هجمات محتملة، بحسب ما يرى الكاتب الصحفي المتخصص في الِشأن الدولي محمود البتاكوشي.

فيما قام الجيش الأمريكي في 23 أكتوبر 2021 بقتل عبدالحميد مطر القيادي في تنظيم القاعدة في منطقة خاضعة لسيطرة فصائل سورية معارضة مدعومة من الجيش التركي في ريف الرقة، مما يعد رسالة موجهة لتركيا بأن استمرار تحالفها مع القاعدة لن يثني واشنطن عن تصفية قياداتها وأنها لن تقبل مساواة القاعدة بوحدات حماية الشعب السورية، ومن ثم، فإنها لن بإضعاف وحدات حماية الشعب السورية، لأنها تعتمد عليها في محاربة التنظيمات الإرهابية بسوريا.

المعطيات السابق ذكرها تؤكد أنه حالة تنفيذ أنقرة تهديداتها بشن عملية واسعة ضد وحدات حماية الشعب السورية، فإن الأكراد سوف يجدوا دعمًا أمريكيًا – روسيًا بما يحد من أي مكاسب تركية محتملة من هذه العملية العسكرية، على نحو يثبط أنقرة في النهاية عن تنفيذ تهديداتها.

يشار أن الجيش التركي شن سلسلة عمليات عسكرية، على سوريا أبرزها “درع الفرات” عام 2016 ضد تنظيم الدولة في ريف حلب، ومن ثم عملية “غصن الزيتون” في عفرين عام 2018، وعملية “نبع السلام” في شرقي سوريا عام 2019.

ربما يعجبك أيضا