في توابع «بريكست».. نزاع الصيد الفرنسي-البريطاني يقترب من مرحلة العقوبات!

حسام السبكي

حسام السبكي

في واحدة من توابع الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، والمعروف اختصارًا بـ«بريكست»، والتي أسفرت عن خروج المملكة المتحدة من تحالف اليورو، على نحو متعجل بعض الشيء، لم يثمر عن توافق لكافة الأطراف، حيث نشب نزاع فرنسي- بريطاني مباشر، حول حقوق الصيد في جزر القنال الإنجليزي، بالنسبة للقوارب الفرنسية، والذي تبدي فيها لندن تمسكها بموقفها من القضية خاصة بعد بريكست، فيما تتجه فيه باريس إلى فرض عقوبات صارمة ضد جارتها الشمالية.

وليس ببعيد عن أزمة الصيد، فيبدو النزاع شكلًا آخر من أشكال العلاقات الفرنسية البريطانية المتوتر، منذ صفقة الغواصات الفرنسية مع أستراليا، والتي قامت كانبرا بإلغائها بعد تدخل تحالف “أوكوس” الاستراتيجي، الذي يضم الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا.

أزمة الصيد

5244069 1635450857

تجددت الخلافات الفرنسية البريطانية، بشأن الاتفاق التجاري حول حقوق الصيد، في مرحلة ما بعد بريكست، حيث تبادل الجانبان الاتهامات بانتهاك الاتفاق، والذي تم التوصل إليه نهاية العام الماضي، بشأن “رخص الصيد” في المياه البريطانية.

وبلغت ذروة الخلاف، بعدما احتجزت فرنسا سفينة بريطانية وهددت لندن بتفتيش سفن الصيد الفرنسية، في أحدث خلاف بين الجانبين بعد صفقة الغواصات.

ويعد التصعيد الجديد جزءا من نزاع أوسع بشأن الترتيبات التجارية لما بعد خروج بريطانيا من التكتل والتي يمكن أن تعرقلَ سير التجارة عبر بحر المانش (جزء من المحيط الأطلسي الذي يفصل بريطانيا عن فرنسا)، حيث كانت مسألة الصيد من أصعب الملفات التي تعثر حلها على مدى 10 شهور من المفاوضات وهددت أحيانا بنسف فرص التوصل إلى اتفاق.

وينص الاتفاق على فترة انتقالية حتى صيف 2026، في هذا التاريخ يتخلى الصيادون الأوروبيون عن 25 بالمئة من صيدهم في المياه البريطانية، أي ما يعادل 650 مليون يورو سنويًا. ثم ينص الاتفاق على إعادة التفاوض بشأن هذه المسألة سنويا.

ويمكن الاتفاق الصيادون في الاتحاد الأوروبي من الوصول إلى المناطق الواقعة بين 6 و12 ميلًا بحريًا قبالة السواحل البريطانية حيث كانوا يصطادون تقليديًا، حتى صيف 2026، ومع ذلك عليهم الحصول على تراخيص جديدة.

Macron Fishing 1426196

وتعود بدايات الأزمة، إلى شهر مايو الماضي، حيث بدأت بريطانيا في فرض قيود أكثر صرامة على سفن الصيد الفرنسية في الوصول إلى مناطق الصيد البريطانية وتعقيد إجراءات التراخيص؛ مما دفع حوالي 100 سفينة فرنسية إلى التجمع في ميناء سانت هيلير بجزيرة جيرسي لتسجيل احتجاجهم.

فردت لندن بإرسال سفينتي حراسة تابعتين للبحرية الملكية لمراقبة الاحتجاج، لتقوم البحرية الفرنسية بالتبعية بإرسال زورقين إلى المياه المحيطة بجزيرة جيرسي.

وزادت حدّة الخلاف منذ أن إعلان فرنسا أول إجراءات مضادة شملت تشديد الضوابط، وفرض حظر على السفن البريطانية، وعلى إفراغ حمولاتها في الموانئ الفرنسية، اعتباراً من نوفمبر المقبل إذا لم يحصل الصيادون الفرنسيون على رخص صيد في هذه المياه.

وأعادت فرنسا سفينة صيد بريطانية يشتبه في أنها اصطادت من مياهها الإقليمية دون ترخيص، وسيخضع قبطانها في أغسطس 2022 للمحاكمة وقد يدفع غرامة بـ 75 ألف يورو، إضافة إلى عقوبات إدارية.

مستجدات النزاع

156200

وعقب انطلاق جولة من المحادثات الفرنسية البريطانية، على هامش قمة الـ20 في روما، لم يتم خلالها التوصل إلى اتفاق مُلزم للجانبين، خاصة مع تشبث الجانب البريطاني بموقفه، بالإضافة إلى تلويح فرنسا بفرض عقوبات و”إجراءات انتقامية”، تستأنف، اليوم الثلاثاء، ضمن قمة المناخ الجارية حاليًا في جلاسكو الاسكتلندية، المحادثات بين البلدين حول أزمة صيد الأسماك.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن المحادثات بشأن النزاع حول الصيد البحري بين فرنسا والمملكة المتحدة والمفوضية الأوروبية “ستُستأنف الثلاثاء، واستبعد دخول تدابير انتقامية حيز التنفيذ اعتبارا من منتصف الليل.

وقال الرئيس الفرنسي في تصريحات أدلى بها للصحفيين على هامش مؤتمر الأطراف حول المناخ في غلاسكو “لا تفرض عقوبات أثناء التفاوض“.

وشدد ماكرون على “أهمية الساعات المقبلة”، وقال إن “البريطانيين سيقدمون مقترحات جديدة“.

وسارعت المملكة المتحدة للترحيب بموقف الرئيس الفرنسي.

وكانت باريس هددت بأنه إذا لم يتم منح مزيد من تراخيص الصيد في المياه البريطانية لمراكب الصيد الفرنسية، ستُمنع المراكب البريطانية من تفريغ صيدها في مرافئ فرنسية اعتبارا من اليوم الثلاثاء بل حتى فرض إجراءات تفتيش على جميع السلع القادمة إلى فرنسا من بريطانيا.

الخلاصة

Brexit news France and the UK have clashed over fishing 1435837

بين إعلان الإليزيه عن التوصل لاتفاق حول “خفض التصعيد”، عقب لقاء ماكرون وجونسون في روما، ونفي بريطانيا اتفاق الطرفين على “نزع فتيل الأزمة”، ثم إعلان الرئيس الفرنسي أن “الكرة باتت في ملعب بريطانيا”، يبدو نزاع الصيد يراوح مكانه، وربما يكون في طريقه نحو مزيد من التأزم، بل وقد يتفاقم نحو “التدويل”، مالم تتقارب وجهات النظر، وتقف القوتين العظميين على أرضية مشتركة، تحقق مصالح الشعبين الفرنسي والبريطاني.

ربما يعجبك أيضا