وسط رفض دولي ومعارضة أمريكية .. إسرائيل تدير عجلة الاستيطان بالضفة الغربية

محمد عبد الدايم

كتب – د. محمد عبدالدايم

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس الموافقة على بدء التخطيط لبناء 3000 وحدة استيطانية على أراضي الضفة الغربية، بعد اجتماع “المجلس الأعلى للتخطيط” في الإدارة المدنية اليوم للمرة الأولى منذ ما يقرب من عام، والذي وافق على تعزيز التخطيط والبناء في سلسلة طويلة من المستوطنات.

تأجيل القرار لما بعد زيارة بينط لأمريكا

هذه هي المرة الأولى التي تقرر فيها الحكومة الإسرائيلية البدء من جديد في الاستيطان، منذ دخول الرئيس بايدن البيت الأبيض في يناير الماضي، وكان المخطط الإسرائيلي بأن تتم الموافقة على البناء الجديد في المستوطنات في وقت مبكر من أغسطس الماضي، قبل رحلة رئيس الوزراء نفتالي بينط إلى واشنطن لعقد أول لقاء له مع الرئيس جو بايدن، لكن اجتماع مجلس التخطيط تأجل في ذلك الوقت بسبب إضراب موظفي الإدارة المدنية في إسرائيل، وفي الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الدفاع عن موعد جديد لعقد المجلس من أجل المصادقة على خطط البناء في المستوطنات، وجاء في الإعلان أن عدد الوحدات السكنية التي ستتم الموافقة عليها سيرتفع من 2200 إلى نحو 3000.

image

رفض دولي وتحجج إسرائيلي بتقوية السلطة

وردا على تصريحه بدوران عجلة الاستيطان من جديد؛ هاتف وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن وزير الدفاع جانتس وعبر له عن استياء الإدارة الأمريكية من القرار الإسرائيلي بتجديد البناء الاستيطاني على أراضي الضفة الغربية.

جدير بالذكر أن إدارة بايدن ضغطت، خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، عبر قنوات هادئة على الحكومة الإسرائيلية لعدم المضي في الموافقة على خطط البناء وعدم عقد اجتماع لمجلس التخطيط في الإدارة المدنية، في الأسبوع الماضي، بعد إعلان وزارة الدفاع الإسرائيلية عزمها عقد المجلس، عبّر مايكل راتني، السفير الأمريكي في القدس، عن ضيقه من قرار الاستيطان، ووُصفت محادثته مع شمريت مئير، إلى المستشار السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينط، بأنها كانت “متوترة”.

يوم الثلاثاء الماضي؛ اتصل وزير الخارجية الأمريكي بلينك بوزير الدفاع بيني جانتس وأوضح له أن خطط البناء الجديدة “غير مقبولة” بسبب العدد الكبير للوحدات السكنية وبسبب انتشارها الجغرافي – خاصة في المستوطنات المعزولة. في عمق الضفة الغربية، وقال مسؤولون إسرائيليون إن بلينكن طلب من جانتس أن يضع في الحسبان الموقف الأمريكي بشأن المستوطنات المستقبلية.

image 1

كانت المحادثة بين بلينكن وجانتس هي أعلى مستوى نقلت فيه إدارة جو بايدن إلى حكومة بينط استيائها من قرار تشجيع البناء الجديد في المستوطنات، فيم رد وزير الدفاع الإسرائيلي على بلينكن بأنه “قلص نطاق البناء بقدر ما المستطاع”، وأضاف أنه “يتفهم حساسيات إدارة بايدن بشأن المستوطنات وشدد على أن حكومته ستأخذها في الاعتبار في المستقبل”.

كما زعم جانتس أن حكومته تعمل على تقوية السلطة الفلسطينية وتحسين حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، ونقل لبلينكن أنه وافق على “الترويج لخطط بناء 1300 وحدة سكنية للفلسطينيين في الضفة الغربية”، وهو ما لم يحدث منذ أكثر من عقد.

كان جانتس قد تعرض لهجوم شديد من المعارضة اليمينية بزعامة بنيامين نتنياهو، بعد لقائه “الأمني” مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود أبي مازن، وموافقته على تسجيل نحو 4000 فلسطيني في سجل سكان الضفة الغربية، بيد أن جانتس قد صرح لبلينكن أنه يخطط “لاتخاذ المزيد من هذه الخطوات قريبا”.

أما الاتحاد الأوربي؛ فقد دعا إسرائيل للتراجع عن قرار بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة بالضفة الغربية والقدس الشرقية، وحثت 12 دولة أوربية إسرائيل على عدم تنفيذ مخطط الاستيطان الذي يشكل انتهاكا للقانون الدولي وتقويضا لجهود التوصل إلى حل الدولتين، كما جددت مصر موقفها الداعم لإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، واعتبر سامح شكري وزير الخارجية المصري أن المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 قائمة بالمخالفة للقانون الدولي والقرارات الدولية، وآخرها قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016.

التوائم اليميني بين الحكومة والمعارضة

رغم تصريحاته لبلينكن حول خطواته لتعزيز السلطة الفلسطينية وإجراءاته تجاه الفلسطينيين في الضفة؛ فإنه في الأسبوع الذي وقع فيه قرار البدء في الاستيطان كان قد وقع قرارا آخر يحدد ست منظمات فلسطينية غير حكومية على أنها منظمات “إرهابية”.

المنظمات الستة التابعة للجبهة الشعبية بالضفة الغربية، وزعم الشاباك الإسرائيلي أن هذه المنظمات تتخذ من العمل المدني ستارا للعمل تحت مظلة الجبهة الشعبية، وتنشط بهدف “تدمير إسرائيل”، وذلك اعتمادا على تمويل مالي “كبير” من دول أوربية ومن الأمم المتحدة.

خلاف في الائتلاف، ترحيب من مجلس المستوطنات

من جانبها هاجمت وزيرة المواصلات، ميراف ميخائلي، عضو الائتلاف الحكومي، ورئيسة حزب هاعفودا، قرار جانتس بالشروع في بناء الوحدات الاستيطانية، واعتبرت أن قراره “غير مسئول”، واعتبرت أن التصريحات بدون تنسيق وغير المسئولة، والموافقة على بناء 3000 وحدة استيطانية تشكل تداعيات دولية كبيرة.

وقبل انتقادها لإعلان التصريح بالبناء الاستيطاني هاجمت ميخائلي قرار جانتس بتسمية المنظمات الفلسطينية المدنية “كيانات إرهابية”، ما دعا حزب كاحول لافان الذي يترأسه جانتس للرد عليها بتصريح: “من يدعو إلى رفض التجنيد لا يتحدث عن المسئولية السياسية والأمنية” في إشارة إلى تصريح سابق لميخائلي في 2010 عبرت فيه عن دعمها لعدم إرسال الأمهات أبنائهن للخدمة العسكرية بالجيش.

أما حزب ميرتس اليساري المشارك في الائتلاف الحكومي فقد هاجم هو الآخر قرار البناء الاستيطاني، ونشر الحزب تغريدة على تويتر قال فيها: “”نحن قلقون من سلسلة إجراءات أحادية الجانب من قبل وزراء الحكومة فيما يتعلق بالسياسة تجاه الفلسطينيين في المناطق وتوسيع المستوطنات، وهذه الإجراءات تعرض مستقبل دولة إسرائيل والأفق السياسي المستقبلي للخطر”.

في المقابل عبر شركاء بالحكومة من أطراف اليمين عن موافقتهم على قرار جانتس، حيث رحب رئيس كتلة يامينا بالكنيست، نير أورباخ، بقرار مجلس التخطيط الأعلى بالموافقة على 3130 مستوطنة بالضفة.

من جانبه رحب شاي ألون، رئيس مجلس مستوطنة بيت إيل، التي يقع فيها المقر العام للإدارة المدنية التابعة لوزارة الدفاع، بقرار جانتس، واعتبره متماشيا مع المخطط الذي التزم به مجلس المستوطنة من أجل مضاعفة مساحتها.

جدير بالذكر أن قرار بناء الكتل الاستيطانية يشمل مستوطنات في شمال الضفة وجنوبها،  التسارع للبدء في الاستيطان يأتي في ظل حرص حكومة بينط- لابيد على فرض السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وهي سياسة ثابتة لا تتغير بتغير شخصيات الحكومات الإسرائيلية، كما تأتي موافقة جانتس على بناء 3000 وحدة استيطانية جديدة متماشيا مع مشروع قانون مقترح قدمه للكنسيت الأسبوع الماضي عضو حزب هاليكود المعارض جادي يبركان، ويقضي بفرض “السيادة الإسرائيلية” على عدة مناطق بالضفة الغربية المحتلة، ومستوطنات كبيرة بغور الأردن، ومنطقة غرب بيت لحم وشمال الخليل، إلى جانب مستوطنات جفعات زئيف ومعاليه أدوميم وبيتار عيليت وعوفرا.

ربما يعجبك أيضا