قيس سعيد يفتح باب المحاسبة.. قضاة تونسيون يطعنون العدالة خدمة لمصالح شخصية

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

يعي الرئيس التونسي قيس سعيد جيدا أنه لا يمكن إحداث أي تغيير حقيقي في تونس دون إصلاح منظومة القضاء التي استخدمت كذراع من قبل الأحزاب السياسية وفي مقدمتها حركة النهضة الإسلامية للتهرب من المحاسبة.

ولطالما شدد قيس سعيد على أن هنالك تجاوزات كبيرة تورط فيها عدد من القضاة خدمة لمصالح شخصية أو للتقرب من الأحزاب وبعض الشخصيات النافذة في الدولة.

وعمد بعض القضاة إلى التستر على العديد من الملفات وذلك إما لحماية الفاسدين او إنقاذ بعض القوى السياسية المتورطة في ملفات الإرهاب والتطرف.

وتحدث الرئيس قيس سعيد بصراحة عند استقباله بقصر قرطاج وزيرة العدل ليلى جفّال بداية الأسبوع الجاري عن تجاوزات بعض القضاة قائلا أن احد القضاة تورط في إخفاء وثائق هامة تتعلق بالعديد من الملفات القضائية من بينها ملفات الاغتيال السياسي.

وقال قيس سعيد إن أحد القضاة تورط في إخفاء وثائق هامة تتعلق بالعديد من الملفات القضائية من بينها ملفات الاغتيال السياسي مبينا أن “هذا القاضي رفض مد القضاء والمحكمة المختصة بالملفات التي عنده وكأنها ملفاته”.

وأكد الرئيس التونسي أن الملفات موثقة بالفيديو خصوصا بالنسبة لقضية الشهيدين شكري بالعيد ومحمد البراهمي”.

كما تحدث الرئيس التونسي عن وثائق تؤكد امتلاك قاض آخر لعشرات العقارات بطريقة مشبوهة قائلا إن “تواريخ العقارات التي يملكها هذا القاضي تدلّ على من تدخّل فيه ..يعرفون كيف يُغيّرون الأسماء وكيف يضعون هذه العقارات تحت شركات وهميّة”.

وشهد قطاع القضاء في تونس فضيحة تمثلت في اتهامات متبادلة بين الرئيس السابق لمحكمة التعقيب الطيب راشد والقاضي المقرب من التيار الإسلامي البشير العكرمي بالتستر على ملفات الإرهاب أو بالفساد.

وقد اتهم الطيب راشد العكرمي بالتستر على ملفات متعلقة بعمليات إرهابية عديدة خدمة لطرف سياسي معين في حين وجه العكرمي اتهامات للطيب راشد بالتورط في الفساد والاستيلاء على عقارات وأراض.

ويبدو أن الرئيس التونسي كان يقصد هذين القاضيين الذين تمت إحالتهما على التحقيق وعزلهما للبت في ملفهما ما يشير إلى حجم التلاعب في الملف القضائي في تونس خلال حكم التيار الإسلامي.

عملية التطهير في قطاع القضاء على قدم وساق

ويبدو أن الرئيس قيس سعيد فتح الباب أمام العديد من الهيئات القضائية والرقابية للقيام بدورها دون أن تتعرض لضغوط من قبل الأحزاب وذلك لتتبع القضاة المتورطين في الفساد أو في ارتكاب تجاوزت مهنية.

وكان الوزير السابق محمد عبو أكد مرارا أنه لا يمكن أبدا مكافحة الفساد ووقف الانتهاكات دون تطهير القضاء وإبعاد ” القضاة الذين لا يليقون بالعدالة في تونس”.

وقال عبو مرارا إن القاضي الذي يحاف من سطوة الأحزاب واللوبيات لا يحق له البقاء في منصبه.

وقد قرر مجلس القضاء العدلي الأعلى بتونس إصدار قرارات بحق عدد من القضاة المتجاوزين للقانون والمتورطين في إخلالات وظيفية بين التوبيخ والإيقاف عن العمل لفترات متفاوتة والإحالة إلى النيابة العمومية.

وأكد المجلس الأعلى للقضاء في بيان مساء الثلاثاء، إيقاف 4 قضاة حيث تم إيقاف اثنان منهم عن العمل لمدة 9 أشهر بسبب إخلالات مهنية.

كما المجلس أوقف اثنين آخرين لنفس المدة بسبب المس بشرف القضاء والإخلال بواجبات الوظيفة والنّزاهة والحياد.

وقرر المجلس إيقاف 3 قضاة آخرين من العمل لمدة شهر واحد بسبب إخلالات مهنية.

كما أعلن المجلس أنه تم إيقاف قاض عن العمل لمدة شهرين لإخلاله بواجبات الوظيفة، وإحالة ملف إيقاف قاض آخر إلى النيابة العمومية بعد إيقافه عن العمل لإخلاله بواجبات الوظيفة والنزاهة والحياد.

ويظهر جليا أن عملية التطهير بدأت تتم على قدم وساق رغم محاولات التشويه من قبل بعض قيادات حركة النهضة بذريعة أن العملية فيها مس من استقلالية القطاع.

إنهاء سيطرة الإسلام السياسي على القضاء

ويرى الكثير من المراقبين أن عملية تحرير القضاء من سطوة الأحزاب وخاصة حركة النهضة الإسلامية خطوة ضرورية للكشف عن الكثير من الحقائق والتجاوزات سواء تعلق الأمر بملفات الفساد أو ملف الاغتيالات السياسية وعمليات التسفير إلى بؤر التوتر.

وتقول القاضية كلثوم كنوان القضاء تعرض لجرائم بشعة بعد الثورة بسبب الضغوط التي كان يمارسها القيادي في النهضة ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري على القضاة وصلت إلى حد التهديد بتلفيق القضايا ضد قضاة شرفاء وعزلهم.

وكان البحيري عزل عددا كبيرا من القضاة بعد الثورة بذريعة ولائهم للنظام السابق والتورط في الفساد لكن العدالة أنصفتهم بعد سنوات.

ويوصف البحيري بأنه ” إمبراطور تسبب في انتهاك القضاء والتلاعب بالملفات لمصالح حزبيه معينة” حتى بات يلقب القضاء خلال السنوات الماضية ” بقضاء البحيري”.وعمد هذا القضاء المخترق إلى التستر على الملفات الهامة خلال العشرية الماضية وهو أمر دفع الرئيس قيس سعيد إلى المطالبة بوضع آجال زمنية للبت في الملفات القضائية والى ضرورة إبعاد السياسة عن المحاكم.

ربما يعجبك أيضا