بسبب فضائح التجسس.. واشنطن تنقلب على الشركات الإسرائيلية

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان  

نقطة تحول في التعامل مع حقوق الإنسان في الفضاء الإلكتروني، هكذا وصفت وسائل الإعلام الأمريكية قرار وزارة التجارة الأمريكي، إدراج شركات من بينها شركة «إن إس أو» الإسرائيلية مالكة برنامج “بيجاسوس” للتجسس، على اللائحة السوداء، بسبب بيعها برامج تجسس على الهواتف لنحو 40 حكومة أجنبية والتي استخدمتها في مراقبة وتهديد الناشطين والحقوقيين داخل حدودها وخارجها.

الأول من نوعه

التدخل الحكومي الأمريكي هو الأول من نوعه في سوق المراقبة السيبرانية بعد أن ظل في العقدين الأخيرين بلا قواعد قانونية أو أخلاقية تحكم سلوك المستفيدين منه.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أكد على فرض إجراءات عقابية بحق الشركات الإسرائيلية، التي تم وضعها على القائمة السوداء.

شركتا «إن.إس.أو» و«كنديرو» الإسرائيلية

ونقل موقع “أكسيوس” الأمريكي، عن مسئول إسرائيلي، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أخبر إسرائيل بوضع شركتي «إن.إس.أو» وكنديرو على القائمة السوداء، قبل القرار بساعة واحدة فقط.

وهذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها الحكومة الأمريكية شركات إلكترونية إسرائيلية تحصل على تراخيص تصدير من وزارة الدفاع الإسرائيلية، بحسب الموقع الأمريكي.

أنشطة تتعارض مع المصالح الأمريكية

وأعلنت وزارة التجارة الأمريكية، إدراج شركتي برامج تجسس إسرائيليتين، إلى قائمة الجهات التي تعمل ضد المصالح الوطنية الأمريكية.

وتنخرط شركتي الإنترنت الإسرائيليين في أنشطة تتعارض مع المصالح الأمنية الأمريكية والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

اختراق 37 هاتفا ذكيا

وحلل مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية 37 هاتفا ذكيا مدرجا في القائمة، ووجد دليلا على أنه تم اختراقها أو استهدافها ببرامج التجسس الخاصة بمجموعة “إن إس أو“.

وقامت المؤسسات الإخبارية، بمساعدة منظمة “فوربدن ستوريز” (Forbidden Stories) الفرنسية غير الربحية ومنظمة العفو الدولية، بتمشيط هذه القائمة وتحديد العديد من الصحفيين والنشطاء والسياسيين.

تهديد النظام الدولي

من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، تم إدراج هاتين الشركتين إلى القائمة بناء على أدلة أثبتت أن الشركتين طورتا برامج تجسس ساعدت الحكومات الأجنبية في تعقب المسؤولين الحكوميين والصحافيين ورجال الأعمال والنشطاء والعاملين بالسفارات والأكاديميين الأمريكيين.

وتابعت الوزارة إن برامج التجسس سمحت للحكومات “الاستبدادية” بتعقب معارضي النظام خارج حدود بلدانهم، مضيفة أن “هذه الأعمال تهدد النظام الدولي”.

ليس آخر المتاعب

قرار وزارة التجارة الأمريكية ليس آخر متاعب شركات المراقبة السيبرانية، ومنها إن إس أو على وجه التحديد، فالشركة تشهد ملاحقة قانونية من قبل عدد من ضحاياها، وأبرزهم شركة «واتس اب»، في محاكم سان فرانسيسكو.

قرار وزارة سوف يساعد المدعين بعد أن شكك القضاة في أحقية الشركة، الحصول على حصانة لأنها تبيع هذه البرامج ولا تشغلها، كما أن المشرعين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب اقترحوا بنودا في موازنة العام المقبل تقيد عمل هذه الشركات بعد ما تركته “إن.إس.أو” من سمعة في واشنطن.

إسرائيل تتنصل من الشركات

ونأي وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد بالحكومة عن مجموعة (إن.إس.أو) حيث زعم أن الشركة التي تم إدراجها على القائمة الأمريكية السوداء، لا علاقة لها بالحكومة الإسرائيلية.

وهذه أول تصريحات علنية من وزير إسرائيلي بارز منذ إعلان وزارة التجارة الأمريكية إدراج الشركة على القائمة السوداء.

تراخيص من وزارة الدفاع الإسرائيلية

وتصدر الشركة منتجاتها للخارج بموجب تراخيص من وزارة الدفاع الإسرائيلية التي فتحت تحقيقا خاصا بها عن ممارسات الشركة بعد الكشف عن مزاعم إساءة استخدام البرامج.

ولم يتم إعلان أي نتائج، كما لم تعط إسرائيل أي مؤشر حتى الآن على أنها تفكر في تقييد مجال صادرات شركة “إن.إس.أو”.

بيع أدوات قرصنة لأنظمة استبدادية

واتُهمت مجموعة “إن.إس.أو” في السابق ببيع أدوات قرصنة لأنظمة استبدادية. وتزعم الشركة إنها لا تبيع منتجاتها إلا لأجهزة إنفاذ القانون والمخابرات وإنها تتخذ إجراءات للحد من الانتهاكات.

علقت افتتاحية «واشنطن بوست» القرار بأن ما تم هو مجرد خطوة أولى، هامة ومتواضعة في الوقت نفسه، وأن ما يترتب عليها من الآثار العملية والقانونية واضحة نسبيا.

أنشطة تتعارض مع الأمن القومي الأمريكي

واختتمت الصحيفة بقولها بأن إدارة الرئيس بايدن أظهرت بقرار هذا الأسبوع استعدادها لمواجهة خطر التجسس. ولكن التحدي العالمي يحتاج إلى استجابة عالمية. وربما بداية من مؤتمر القمة القادم من أجل الديمقراطية، يتعين على الولايات المتحدة أن تقود الطريق إلى هذا الجواب، ألا وهو ضمان أن الشركات لم تعد قادرة على الإفلات من بيع منتج خطير بمجرد رفض الاعتراف بوجود الخطر.

ويعني إدراج الشركات على القائمة لضلوعها في أنشطة تتعارض مع الأمن القومي الأمريكي أو مصالح السياسة الخارجية، فرض قيود على بيع منتجات لها من نظيراتها في الولايات المتحدة.

ونشرت مجموعة من المصادر الإخبارية من جميع أنحاء العالم في الأيام القليلة الماضية، بما في ذلك “واشنطن بوست” (The Washington Post) و”الجارديان” (The Guardian)، العديد من القصص التي توضح بالتفصيل الانتهاكات الجديدة لبرامج التجسس التابعة لمجموعة “إن إس أو” في العديد من البلدان. وتستند هذه القصص إلى قائمة مسربة تضم أكثر من 50 ألف رقم هاتف، يعتقد أنها محط اهتمام عملاء “إن إس أو”.

ربما يعجبك أيضا