أطماع أردوغان لا تنتهي.. آثار كارثية لسد إليسو التركي على العراق

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف     

“الحفاظ على الموارد المائية في تركيا، لم يُعد خيارًا بل أصبح ضرورة، نحن لا نتسامح مع إهدار ولو قطرة واحدة من موارد بلادنا المائية” هذا ما أكده الرئيس التركي، رجب أردوغان، خلال حفل افتتاح سد إليسو، يوم السبت الموافق 6 نوفمبر 2021، غير عابئ بما يسببه هذا السد من أضرار جسيمة على دول الجوار، لا سيما العراق الذي أفقده هذا السد أكثر من نصف حصته من المياه إذ تم إنشائه على نهري دجلة والفرات، اللذان ينبعان من هضبة الأناضول، ويمثلان المورد الرئيسي للمياه إلى العراق، وكان لضعف بغداد، خلال السنوات التالية للغزو الأمريكي وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين في عام 2003، أثر سلبي، في العبث بمقدرات الشعب العراقي دون رادع.

أطماع تركية

تستغل تركيا تحكمها في مياه نهري دجلة والفرات في إقامة السدود والمشاريع المائية والري، على النهرين، ويبلغ طول نهر الفرات 2784 كيلومترًا، وينبع من تركيا ومن ثم يدخل أراضي سوريا ثم الأراضى العراقية، بينما يدخل نهر دجلة بصورة مباشرة إلى العراق، ويبلغ حجم المياه المتدفقة من النهرين سنويًا ما يقرب من 80 مليار متر مكعب من المياه العذبة.

ويحتاج العراق سنويًا إلى 50 مليار متر مكعب لتغطية احتياجاته من المياه، ويمثل نهر دجلة المصدر الرئيسي لحاجات العراق من المياه بنحو 60%، وتأتي النسبة الباقية من نهر الفرات.

وترى تركيا أن السد ليس له آثار سلبية على العراق، لأنه يسمح بمرور المياه، لكون المشروع هو كهرومائي، وبالتالي فليس له أي خطورة على حصة العراق من كميات المياه المتدفقة من نهر دجلة، وأن بناء السد لن يلحق ضررًا بحقوق ومصالح بلاد الرافدين.

آثار سلبية

يعد سد إليسو من أكبر السدود المقامة على نهر دجلة، ويقع في جنوب شرقي تركيا وعلى مقربة من الحدود العراقية، إذ يبعد 65 كم عنها، ويبلغ طول السد 1820 مترًا وبارتفاع 135 مترًا وعرض 2 كم، ومساحة حوضه تقدر 300 كم مربع، ويستوعب السد في حالة امتلائه كليًّا بالمياه ما يقارب 20,93 بليون متر مكعب وهو مشروع كهرومائي على نهر دجلة.

وتسبب سد إليسو في تشريد نحو 80 ألف شخص من 199 قرية، وأكبر دليل أن العراق تحظر زراعة الأرز، بسبب نقص المياه ما دفع المزارعين إلى هجر أراضيهم، كما شهدت مدينة البصرة احتجاجات استمرت شهورًا بسبب عدم توفر مياه صالحة للشرب.

كما حذر تقرير صادر من جمعية المياه الأوروبية من أن العراق قد يفقد بالكامل مياه النهرين بحلول عام 2040، وسلط التقرير الضوء على نهر دجلة، الذي يفقد 33 مليار متر مكعب من المياه سنويًا بسبب سياسة تقليل المياه التي تتبعها تركيا.

وسيكون لتخفيض كمية المياه في مجرى النهر تأثيرًا كبيرًا على المنشآت الهيدروليكية الحالية على نهر دجلة، وسيؤدي إلى تغيير النمط الطبيعي لتدفق مياه النهر، مع انعكاسات على إمدادات الطاقة المتولدة من نظامين رئيسيين لتوليد الطاقة المائية.

كارثة وتحذيرات

وفقًا لتقرير جمعية المياه الأوروبية؛ فقد انخفضت حصة المياه المتدفقة إلى العراق بمقدار الثلثين في السنوات الماضية، ومع استمرار هذا الانخفاض فقد بدأت مشكلة الجفاف بالظهور في السنوات القليلة الماضية.

ويحذر التقرير من أن العراق يواجه كارثة حقيقية، ما يعني أنه سيصبح امتدادًا لصحراء شبه الجزيرة العربية، إذ يعتمد بدرجة كبيرة على المياه السطحية من النهرين، التي يتشاركها مع دول أخرى تركيا وسوريا إذ أن كل من هذه الدول لديها خطط تشغيلية خاصة بها لتخزين المياه واستخدامها، إذ تعتبر السدود ومحطات تخزين تركيا وسوريا وإيران للمياه على النهرين وروافدهما، السبب الرئيسي لنقص المياه في العراق.

ومن أثار السد السلبية على العراق تعرض منطقة الأهوار للجفاف لتصبح صحراء نتيجة لحرمانها من تدفق المياه إليها، وهي المنطقة المدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو كونها تتمتع بتنوع بيولوجي وتاريخ متعدد للثقافات، فضلًا عن الأضرار الجسيمة على الحياة البيئية والمتمثلة في انخفاض منسوب المياه المتدفق إلى نهر دجلة وهو ما يترتب عليه أزمة في مياه الشرب والزراعة داخل العراق.

يأتي هذا إلى جانب زيادة ظاهرة التصحر والتلوث النوعي للمياه والتأثير على الصناعات العراقية بسبب انخفاض الطاقة المتولدة عن محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعتمد على المياه مع عدم توافر الظروف البيئة الملائمة لنمو الثروة السمكية مما سيؤدي إلي انخفاضها، الأمر الذي ينتج عنه اضرار اقتصادية، وارتفاع نسبة البطالة، مع إمكانية تشكيل موجة نزوح كبيرة، وانخفاض ملحوظ للثروة الحيوانية.

ربما يعجبك أيضا