قمة المناخ في غلاسكو أمام لحظة حقيقية.. تفاؤل حذر بالاتفاق النهائي

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

بعد مفاوضات صعبة استمرّت أسبوعين، توصل المشاركون في أعمال قمة غلاسكو «كوب-26» لمواجهة تغير المناخ لاتفاق جديد، يهدف لتقليل حجم المخاطر البيئية التي يتعرض لها كوكب الأرض، من دون النجاح في تبنّي ما يقوله العِلم لاحتواء الارتفاع الخطر في درجات الحرارة.

وتنص الاتفاقية الجديدة وهي الأولى من نوعها، على تقليل استخدام الفحم الذي يتسبب في زيادة الانبعاثات الغازية في الغلاف الجوي، وتوفير دعم مالي للدول النامية للتكيف مع تبعات التغير المناخي الذي يشهده الكوكب،  وسط امتعاض من جانب قادة بعض الدول المشاركة.

و خلال القمّة وُجّهت أصابع الاتّهام إلى الدول الغنيّة التي تقاعست عن تقديم التمويل اللازم للدول الفقيرة المعرّضة لأخطار الجفاف وارتفاع منسوب مياه البحار والحرائق والعواصف.

وقال رئيس قمّة غلاسكو البريطاني ألوك شارما إلى الوفود المشاركة: «حان الآن وقت اتّخاذ القرار، والخيارات التي أنتم بصددها ذات أهمّية حيويّة، منهيًا بذلك المفاوضات الماراثونية».

ورغم ذلك لم يتمكن المشاركون من التوافق على تقديم ضمانات بتقليل معدل الانبعاثات بحيث تبقى معدلات زيادة درجة الحرارة أقل من 1.5 درجة مئوية، لكنّ الصين والهند أصرّتا على تخفيف اللهجة المتعلّقة بالوقود الأحفوري في البيان الختامي للقمّة.

ومن جانبه، تسائل وزير الطاقة الهندي بوباندار ياداف، عن كيفية تمكن الدول النامية، من التوقف عن استخدام الفحم، كمصدر للطاقة الرخيصة، في الوقت الذي تعاني فيه هذه الدول من تبعات التعامل مع متطلبات التنمية، والتخلص من الفقر.

حزن عميق

بعد الاتّفاق على النصّ النهائي لقمة غلاسكو، أعرب رئيس القمة ألوك شارما عن «حزنه العميق»، قائلا: «أعتذر عن الطريقة التي سارت بها هذه العمليّة، أنا آسف بشدّة».

من جانبه عبر رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون عن أمله في أن تتطلع الأجيال المقبلة، إلى القمة في غلاسكو، كبداية «للقضاء على ظاهرة التغير المناخي، وتعهد بمواصلة الجهود دون كلل للوصول إلى هذا الهدف».

ورغم تأكيد جونسون أن هناك مزيدا من العمل المطلوب في السنوات القادمة، إلا أنه اعتبر الاتفاقية خطوة كبيرة للأمام، لأنها أول اتفاق دولي يتضمن تعهدات بتقليل استخدام الفحم، كمصدر للطاقة، وتضمن خطة طريق لتقليل معدل زيادة درجة حرارة الكوكب إلى ما دون 1.5 درجة مئوية.

أما الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، قال: «كوكبنا الهش، يقف على المحك، ولا زلنا نقف على أعتاب كارثة مناخية، وحان الوقت لاتخاذ إجراءات طارئة، وإلا ستصبح فرصتنا في في جعل زيادة درجة الحرارة صفر ستكون هي بذاتها صفرا».

مسألة بقاء

وكانت الوفود قد انخرطت في المحادثات على أمل الحفاظ على أهداف اتّفاق باريس للمناخ عام 2015 للحدّ من ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة إلى درجتين، كما أوكِلت إليهم مهمّة إيجاد التمويل للدول المعرّضة لخطر الجفاف والفيضانات والعواصف جرّاء ارتفاع منسوب مياه البحار.

وتبنّى «ميثاق غلاسكو» الهادف إلى تسريع وتيرة مكافحة الاحتباس الحراري، ولكن من دون أن يشدّد على ضرورة تلبية طلبات المساعدة من الدول الفقيرة، ودعا الاتّفاق الدول كافّة إلى تسريع خفض انبعاثاتها، من خلال تقديم خطط وطنيّة جديدة بحلول 2022.

وعارضت كل من الصين والهند التطرّق إلى أنواع الوقود الملوّثة، كما أنّ المفردات المستخدمة في النص النهائيّ كانت أقلّ دقّة من المسوّدات السابقة.

لكن بعد مقاومة الدول الغنيّة بقيادة الولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبي، حذف النص أيّ إشارة إلى آليّة تمويل للخسائر والأضرار التي تسبّب بها تغيّر المناخ في العالم النامي، وبدلاً من ذلك، تمّ التعهّد فقط بـ«حوار” مستقبلي حول هذا الموضوع.

وقالت وزيرة البيئة في جزر المالديف، شونا أميناث: «بالنسبة إلى البعض، إنّ الخسائر والأضرار قد تكون بداية للتحادث والحوار، لكن بالنسبة إلينا إنّها مسألة بقاء».

ورغم أنّ بريطانيا المضيفة قالت إنّها تُريد من كوب-26 أن يُبقي سقف درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية في متناول اليَد، قال تقييم علمي للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، إنّ أحدث خطط مناخيّة للبلدان يضع الأرض في مسار ترتفع فيه درجة حرارتها 2.7 درجة مئوية.

كما فشلت الدول الغنية أيضًا في جمع مبلغ سنوي منفصل قدره 100 مليار دولار وعدت به منذ أكثر من عقد، وحضت الدول على دفع المبلغ «بشكل عاجل وحتّى عام 2025».

لكنّ الدول النامية قالت إنّ من غير العدل أن تُسفر القمّة عن اتّفاق غير متوازن، فهي أرادت تعليمات محدّدة حول كيفية تلبية فاتورة إزالة الكربون مع التكيف أيضًا مع الكوارث الطبيعية التي تسبّبها ظاهرة الاحتباس الحراري.

وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة «كريستشان آيد» أماندا موكواشي: «قيل لنا إنّ مؤتمر كوب-26 كان أفضل فرصة أخيرة للحفاظ على 1.5 درجة مئوية، لكنّه وُضِع على أجهزة التنفس الاصطناعي».

وأضافت موكواشي: «الدول الغنية رمت جانبًا تعهّدها بالعمل المناخي العاجل الذي يحتاجه الناس في الخطوط الأمامية لهذه الأزمة».

وعلى مدى أسبوعين، شهدت غلاسكو عددًا من الإعلانات البارزة من قادة العالم، مثل الالتزام بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30 بالمئة بحلول عام 2030.

كما شهدت احتجاجات حاشدة على ما قال نشطاء إنّه نقص خطير في العمل الطارئ.

وقالت تيريزا أندرسون، منسّقة سياسة المناخ في منظمة «أكشن إيد انترناشونال»، إنّ كوب-26 كان «إهانة لملايين الأشخاص الذين تحطّمت حياتهم بسبب أزمة المناخ».

من جانبها قالت وزيرة البيئة السويسرية، سيمونيتا سوماروغا: «نريد التعبير عن خيبة أملنا الكبيرة، لأن ما كنا نريده بالنسبة لمنع استخدام الوقود الأحفوري، لم يتم تبنيه، وذلك بسبب عملية التفاوض غير الشفافة».

وأضافت: «لن يجعل هذا تحقيق هدف تقليل معدل زيادة درجة الحرارة ليصل إلى 1.5 درجة مئوية أمرا ممكنا، بل سيصبح أكثر صعوبة».

أما ساره شو، من جمعية أصدقاء الأرض، فقالت: «ليس ما جرى بأقل من فضيحة بمعنى الكلمة، فمعدل درجة حرارة 1.5 درجة مئوية لم يكن سوى كلمة بلا معنى، ضمن الاتفاق، ستكون قمة المناخ السادسة والعشرين، ذكرى لخيانة دول القسم الجنوبي من العالم».

ربما يعجبك أيضا