نهر ملوية عاجز عن بلوغ مصبه.. الجفاف يضرب المغرب

محمد عبدالله

رؤية

مخاوف كثيرة يثيرها الاحتباس الحراري، والجفاف هو أسوأ السيناريوهات مع الارتفاع المستمر لدرجات الحرارة، ومن المتوقع أن ينتشر الجفاف ويزداد حدة . الجفاف يحول الأرض أيضا إلى برميل بارود يهدد بتحويل الغابات إلى صحارى سوداء تصعب قلة الأمطار إطفاء حرائقها. بسبب ندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة باتت المغرب ضمن البلدان المهددة بجفاف حاد.

وأنت تقطع واد ملوية بمدينة جرسيف وسط مناظر خلابة بين الجبال، وخضرة الأشجار ومياه رقراقة تنساب برقة، تزيدها بهاء طيور متنوعة، لتكتمل لوحة الجمال الطبيعي الذي هو هبة الله لهذه الأرض. غير أن نهر ملوية أحد أكبر أنهار المغرب وصل إلى حدّ أنه بات عاجزاً عن بلوغ مصبه في البحر الأبيض المتوسط، “لأول مرة في تاريخه”.

المدافعون عن البيئة حذروا قبل عدة أشهر، من جفاف نهر ملوية، الذي استنزفت مياهه من طرف أربعة سدود بالإضافة إلى محطتي ضخ، وهو ما حصل بالفعل، ولم يعد النهر يصب في البحر الأبيض المتوسط.

ظاهرة مأساوية

تعود أسباب هذه “الظاهرة المأساوية إلى تراجع صبيب النهر بسبب الإفراط في استهلاك مياهه”، كما يوضح الخبير البيئي محمد بنعطا، بينما يلتقط صورا للمصب القريب من مدينة السعيدية السياحية في شمال شرق المملكة قرب الحدود مع الجزائر.

وقلبت قساوة الجفاف موازين الطبيعة في هذه المنطقة الزراعية حيث صارت مياه البحر المالحة تغزو مجرى النهر “على مدى 15 كيلومترا”، ما دفع المزارعين على ضفتيه إلى التخلي عن زراعة أراضيهم بسبب ملوحة المياه وتأثيرها على التربة.

ويعاني المغرب الذي تمثل الزراعة القطاع الأساسي في اقتصاده، من توالي مواسم الجفاف في السنوات الأخيرة. ويتوقع أن يستفحل الأمر في أفق العام 2050 بسبب تراجع الأمطار (-11 بالمئة) وارتفاع درجات الحرارة (+1,3 درجات)، بحسب تقرير لوزارة الزراعة.

وتشير توقعات وزارة الزراعة إلى أن الجفاف سيؤدي إلى تراجع مخزون مياه الري في أفق العام 2050، “إلى مستوى قد يصل حتى 25 بالمئة” على الصعيد الوطني. ويتخوف المزارعون في منطقة ملوية من تأثير هذه التغيرات البيئية على أوضاعهم المعيشية.

واحات مهددة بالزوال

يهدد الجفاف في المغرب واحاته بالزوال، فتشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن المغرب فقد نحو 14 مليون نخلة أي حوالى ثلثي أشجار النخيل في الواحات خلال القرن الماضي. وأطلقت الوكالة الوطنية لتنمية الواحات مبادرات من أجل توفير المياه لهذه المناطق التي تعاني من التصحر والجفاف الشديد. كما خصص المغرب نحو 12 مليار دولار من أجل بناء السدود واكتشاف مواقع المياه الجوفية.

يعتبر المغرب أكبر موطن للواحات في العالم والتي تمثل 15 5 من مساحة البلاد ويسكن فيها قرابة خمس سكان البلاد، وتصنفها منظمة اليونسكو كمحميات للمحيط الحيوي.

غير أنها باتت تواجه تدهوا خطيرا خلال العقود الأخيرة بسبب التغيرات المناخية، إذ فقدت 10 واحات في جنوب المغرب قرابة 40% من غطائها النباتي في ظل أزمة جفاف حادة تعصف بالبلاد لأول مرة في تاريخ البلاد.

ربما يعجبك أيضا