دولة المستوطنين بالضفة.. باقية وتتمدد

محمود

كتب – محمد عبد الكريم

متشبثًا بأمل بات سرابا في صحراء الاستيطان بالضفة الغربية، يسعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى دفع المجتمع الدولي لوقف الزحف الاستيطاني من ابتلاع ما تبقى من بصيص لحل الدولتين.

عباس استغل أمس (الإثنين) زيارة رئيس الاتحاد البرلماني الدولي دوارت باتشينكو، ليجدد الدعوة إلى إنقاذ حل الدولتين مع استفحال الاستيطان، الذي بات بحسب افتتاحية صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أول أمس الأحد، يتعدى أكثر من 200 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وهو أكثر من نصف أراضي الضفة التي تبلغ أقل من 400 ألف دونم.

وأفادت صحيفة «هآرتس» بأن المستوطنين تمكنوا خلال الخمس سنوات الأخيرة من وضع اليد والسيطرة على نحو 21 ألف دونم بغالبيتها العظمى هي ملكية خاصة للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. كما منعوا المزارعين الفلسطينيين الوصول إلى مساحات واسعة من الأراضي، ونفذوا اعتداءات ممنهجة وواسعة عليهم خلال فلاحة العائلات الفلسطينية الأرض، وعمدت على الاعتداءات واللجوء إلى العنف والعمليات الإرهابية لترويع وترهيب الفلسطينيين ودفعهم على الهجرة القسرية لأراضيهم وعدم زراعتها. وغالبا ما كانت تتم اعتداءات المستوطنين وعمليات الترهيب للفلسطينيين بدعم وحماية من جنود الاحتلال، الذين ساعدوا المستوطنين بالتوسع والهجوم على العائلات الفلسطينية، والسيطرة على الأراضي الفلسطينية.

ووصلت مساحة الأراضي التي وضع اليد عليها مجموعات المستوطنين إلى 20.866 دونما، جميعها كان تستخدم للزراعة وتربية المواشي من قبل الفلسطينيين، كما جرى في تخوم مسطحات هذه الأراضي إنشاء 4 بؤر استيطانية كانت معزولة، حيث جرى ربطها بشبكة الطرقات وهو ما يمهد لتوسيعها. ووفقا للصحيفة، فإن أبرز البؤر الاستيطانية تسمى «مزرعة أوري» التي أقيمت في العام 2016 على أراضي للفلسطينيين شمالي الأغوار، ومنعت هذه البؤرة من الفلسطينيين الوصول إلى أراضيهم وزراعتها ورعاية المواشي، حيث يملكون هناك أكثر من 14 ألف دونم.

وقامت «بتسيلم» بتحديد حجم الأراضي التي استولت عليها البؤر الاستيطانية ومستوطنة أخرى هي «حلميش» في تلك المناطق الخمس، ووصلت إلى نحو 28416 دونما، وأكدت أن المجموعات الاستيطانية تستخدم العنف ضد الفلسطينيين من أجل تحقيق أهدافهم بالسيطرة على أراضيهم. وفي المقابل، تشير التقديرات التي أجراها الرئيس التنفيذي لمنظمة «أماناه»، زئيف حيفر، وهي منظمة تعتبر الذراع التنفيذي والتجاري لـ»غوش إيمونيم» التي تقف وراء إنشاء البؤر الاستيطانية، أن هناك نحو 200 ألف دونم تم السيطرة عليهم بالضفة من قبل البؤر الاستيطانية.

ووثّقت بتسيلم 451 هجوما لمستوطنين يهود ضد فلسطينيين منذ مطلع 2020 إلى منتصف 2021، لم يتدخّل القوات الإسرائيلية لمنع معظمها.

وأفادت منظمة “بتسيلم” في تقرير من أربعين صفحة، أنه في 66 في المئة من هجمات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة ضد فلسطينيين، لم تتوجّه القوات الإسرائيلية إلى موقع الحادثة.

في المجموع، قدم الجنود إلى الموقع في 183 هجوما بما في ذلك 170 لم يفعلوا فيها شيئًا أو شاركوا في الهجمات إلى جانب المستوطنين، على حد قول المنظمة.

وقالت المتحدثة باسم هذه المنظمة غير الحكومية درور سادوت لوكالة فرانس برس أنه في 13 حالة فقط “تدخل الجيش مع المستوطنين” من أجل “منع اعمال العنف”.

وقال تقرير المنظمة إن “المستوطنين يمارسون عُنفهم بدعم تامّ من الدّولة – هي تتيحه وممثّلوها يشاركون في تنفيذه – وذلك كجزء من استراتيجيّة نظام الأبارتايد (الفصل العنصري) الإسرائيليّ السّاعي إلى قضم المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينيّة لاستكمال عمليّة الاستيلاء الجارية”.

وأقرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنها لا تقوم حالياً بجهود لإحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، غير أنها تركز الآن على العمل والمساعدة من أجل «إبقاء حل الدولتين على قيد الحياة».

وأقر  الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس  بأن المفاوضات نحو حل الدولتين «ليست مطروحة على الطاولة في الوقت الحالي (لأن) مهمتنا الآن وتركيزنا هو تحسين مستوى المعيشة، بينما نحافظ على هذا الاحتمال». ولفت إلى أن المبعوث الأمريكي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هادي عمرو «منخرط جداً في الدبلوماسية»، مضيفاً أنه «على اتصال دائم بالمسؤولين الإسرائيليين والمسؤولين الفلسطينيين والمسؤولين الإقليميين» من أجل هذه الغاية.

ربما يعجبك أيضا