دلالات انهيار الليرة التركية على مستقبل أردوغان

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

دخل الاقتصاد التركي، النفق المظلم بسبب سياسات الرئيس التركي رجب أردوغان، إذ تدهورت قيمة الليرة التركية ووصلت إلى 10 ليرات مقابل الدولار الأمريكي الواحد، بعد توجه البنك المركزي التركي لتخفيض سعر الفائدة، من أجل مكافحة التضخم، وفقدت العملة التركية حوالي ثلثي قيمتها خلال 5 أعوام مما استنزف دخل الأتراك إلى جانب التضخم الذي يسجل معدلات في خانة العشرات.

غلاء فاحش

وبفعل هبوط قيمة الليرة يواجه المواطنون غلاء فاحش في أسعار المواد الغذائية والسلع التي يحتاجونها، وتشير دراسة لاتحاد النقابات العمالية في تركيا إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 24.61% في أكتوبر 2021، كما تجاوز خط الفقر للمرة الأولى في البلاد مستوى 10 آلاف ليرة تركية، فضلًا عن ارتفاع معدل البطالة وفق آخر إحصائية لمعهد الإحصاء التركي الذي بلغ 12.1%، فيما بلغ عدد العاطلين 3 ملايين و965 ألفًا.

يعد الرئيس الرئيس التركي مسؤولًا بشكل كبير عن انهيار الليرة لتدخله المستمر في عمل الخبراء، إذ أقال ثلاثة محافظين للبنك المركزي التركي في أقل من عامين بسبب قيامهم برفع أسعار الفائدة، ففي يوليو 2019 قام أردوغان بعزل مراد قايا محافظ البنك المركزي السابق، وفي نوفمبر 2020 قام أردوغان بإقالة مراد أويصال محافظ البنك المركزي السابق وفي نفس الشهر، قام وزير المالية بتقديم استقالته.

وفي مارس 2021 قام رجب أردوغان بإقالة ناجي أغبال محافظ البنك المركزي السابق، بعد أن قام برفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 200 نقطة من 17 إلى 19%، لتتراجع الليرة التركية بعد قرار الإقالة مباشرة بأكثر من 15%، وعين المصرفي السابق شهاب قوجي أوغلو، ومن المتوقع أن يقيله قريبًا بسبب استمرار تراجع قيمة العملة فقد بات يفقد الثقة فيه، حيث أقال مؤخرًا نائبي المحافظ -سميح تومين وأوجور ناميك كوجوك- إلى جانب عضو آخر في لجنة السياسة النقدية، عبدالله يافاش، وكان ذلك له تأثيرًا سلبيًا على المستثمرين.

تراجع اقتصادي

الاقتصاد التركي زادت أوجاعه بتراجع السياحة بفعل جائحة كورونا التي تسببت في خسائر كبيرة للقطاع لتصل الإيرادات إلى 12 مليار دولار في عام 2020 مقابل 34 مليار دولار حققها قطاع السياحة في عام 2019، يشار أن السياحة كانت تساهم بنسبة 12% في الناتج المحلي الإجمالي التركي.

كما أكد علي باباجان وزير الاقتصاد التركي الأسبق قائلًا: “حتى لو حصل 10 اقتصاديين على جوائز نوبل فلن يتحسن الاقتصاد أبدًا من دون رحيل أردوغان”.

فيما سخر رئيس حزب وطن التركي، محرم إينجه، من الرئيس رجب أردوغان، قائلًا: «أردوغان المسؤول عن وصول الدولار لـ10 ليرات، ويقول إنه ألف كتابًا عن الاقتصاد، اقترح عليه أن يسمي الكتاب (كيف أغرقت البلد؟)، وسبق له أن قال قبل الانتخابات الرئاسية 2018، إنه في حالة انتخاب أردوغان سيصل الدولار إلى 10 ليرات، وهو ما حدث بالفعل.

وقال كمال كلشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري: “الأمر لن يستمر طويلًا، عليكم بالصبر. ربما تكونوا جائعين، ربما تعانون من انقطاع الكهرباء، أو يتم القبض عليكم وتدخلون السجن. فقط اصبروا، فهذا لن يستمر طويلًا”.

أيام صعبة

المعطيات السابقة تؤكد أن الرئيس التركي رجب أردوغان، سيواجه أيامًا قد تكون هي الأصعب في حياته السياسية، حيث شهدت شعبيته تراجعًا رهيبًا في آخر استطلاعات الرأي إذ يرى المواطنون أنه سببًا رئيسًا في الأزمة لتجاهله منطق الاقتصاد الطويل الأجل والتركيز على المكاسب السريعة، وأن الكوادر التي تدير البلاد تفتقد الكفاءة من أجل تحسين ذلك، فضلًا عن تدخلاته المستمرة في القطاع المصرفي.

وبحسب الخبراء فإن الأزمة الاقتصادية ستنعكس على الانتخابات إذ يوجد تململ شعبي من الأوضاع الراهنة، ودليل ذلك أن معظم استطلاعات الرأي العام تشير إلى تأكل القاعدة الشعبية لحزب أردوغان “العدالة والتنمية”، وأنه حال عدم تحسن الأوضاع خلال الأشهر الـ20 التي تفصل عن موعد انتخابات يونيو 2023، لن يستمر النظام في مكانه.

ربما يعجبك أيضا