تحويل نهر النيل إلى ممر ملاحي دولي.. هل ينهي خلاف «سد النهضة»؟

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

عرضت مصر على الجانب الأمريكي عدة مشروعات تنموية من بينها مشروع ممر ملاحي دولي يمتد من البحر المتوسط لبحيرة فيكتوريا، يشمل ممرًا ملاحيًا وطريقًا وخط سكة حديد وربط كهربائي وكابل معلومات لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل.

جاء ذلك خلال لقاء الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري بمصر، وماثيو باركس خبير المياه بالحكومة الأمريكية، ونيكول شامبين – نائب السفير الأمريكي بالقاهرة، وممثلي السفارة الأمريكية أول الأسبوع الجاري، وفقا لبيان الحكومة المصرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

التحديات التي تواجه قطاع المياه

استعرض الدكتور عبدالعاطي خلال اللقاء الموقف المائي في مصر والتحديات التي تواجه قطاع المياه، وعلى رأسها محدودية الموارد المائية، والزيادة السكانية، والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، حيث تصل احتياجات مصر المائية إلى نحو ١١٤ مليار متر مكعب سنوياً بعجز حوالي ٥٤ مليار متر مكعب سنويا، ويتم سد تلك الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه، واستيراد  مصر محاصيل زراعية بما يعادل نحو ٣٤ مليار متر مكعب سنويًا، ومشيراً لقيام الوزارة بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التي تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع مثل هذه التحديات بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق العديد من الأهداف مثل ترشيد استخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية، والتأقلم مع التغيرات المناخية مثل مشروعات تأهيل الترع والمساقي والتحول للري الحديث وانشاء محطات معالجة ثلاثية للمياه بطاقة تصل إلى ١٥ مليون متر مكعب يومياً، وإنشاء ما يقرب من ١٥٠٠ منشأ للحماية من أخطار السيول ، وتنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال تصل إلى ١٢٠ كيلومتر والعمل في حماية أطوال أخرى تصل إلى ١١٠ كيلومتر.

900

تفاصيل المشروع

كما استعرض الدكتور عبدالعاطي مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط والذي يهدف لتحويل نهر النيل لشريان ملاحي يربط بين دول حوض النيل، ويشتمل على ممر ملاحي وطريق وخط سكه حديد وربط كهربائي وكابل معلومات لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل.

وأشار الدكتور عبدالعاطي أن هذا المشروع يعد بمثابة مشروع إقليمي حيوي يجمع دول الحوض باعتبار أن النقل النهري بين الدول من أفضل الوسائل القادرة على نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة واستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى مقارنة بوسائل النقل الأخرى وبحيث يتم التكامل مع وسائل النقل الأخرى، مع التأكيد على دور المشروع دعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فيما بينها ومع دول العالم، والعمل على توفير فرص العمل، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية ، وكذا دعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة في النظام الاقتصادي العالمي فضلاً عن دعم التعاون والتكامل بين الدول المشاركة بكافة المجالات، الأمر الذي ينعكس على رؤية المشروع والتي تتمثل في “قارة واحدة – نهر واحد – مستقبل مشترك”.

ومن جانبهما أبديا الخبير الأمريكي ونائب السفير الأمريكي اهتمامهما بهذا المشروع باعتباره أحد أهم المشروعات الإقليمية الواعدة التي تدفع عجلة التنمية، وتحسن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لكافة الدول المشاركة بالمشروع.

201705200745334533
سد النهضة الإثيوبي

هل ينهي مشروع الممر الملاحي الخلاف بشأن سد النهضة؟

من جانبه، قال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة عباس شراقي لـ”سكاي نيوز عربية”: إن المفاوضات بين مصر وإثيوبيا جادة منذ 2011 والجانب الإثيوبي لا يريد قبول أي بديل بخصوص سد النهضة، مضيفا أنه في مايو 2018 كان هناك اجتماع لوزراء الري والخارجية ورؤساء المخابرات في مصر والسودان وإثيوبيا وتم الاتفاق على تشكيل لجنة علمية محايدة من الدول الثلاث، وإنشاء صندوق للتنمية والبنية التحتية.

وبين أن المشكلة أنه لا يمكن وضع أموال في صندوق التنمية وتفعيلها إلا بعد الاتفاق على الخطوط العريضة بشأن السد، فإثيوبيا رفضت بشكل تام أي مساعدة من مصر تخص سد النهضة، وذلك رغم أزمتها الاقتصادية واحتياجها لمصر، وهو موقف إثيوبي يتسم بالعنجهية، وبالتالي لن يتم الربط الكهربائي إلا بعد حل مشكلة سد النهضة الأساسية.

وبشان مشروع الربط الملاحي، أضاف: أنه “يمكن الربط بين مصر والسودان بطرق برية وسكك حديدية، وكذلك الربط بين دول النيل الأبيض عبر ممر ملاحي في نهر النيل، يربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط، وسيخدم دول كينيا وتنزانيا وأوغندا، لكن ذلك لن يكون لإثيوبيا علاقة به وسيكون خاص بالنيل الأبيض، لأن النيل الأزرق نهر قوي والانحدارات فيه شديدة ولا يمكن عمل ممر ملاحي فيه”.

وبين أن ” الدول الأفريقية المطيرة لديها مشاكل في النقل البري، والطرق تكون مقطوعة بسبب الأمطار، لكن المراكب يمكنها السير في الأنهار حتى في الأجواء المطيرة، والربط الملاحي سيواجه عقبات لأن طول الطريق قرابة 3500 كيلومتر، كخط مستقيم وعند استخدام النهر في التنقل تصبح المسافة قرابة 6 آلاف كيلومتر، وهناك سدود تعيق الملاحة في النهر تبدأ من بحيرة فيكتوريا، وبالتالي هناك صعوبة في عبور المراكب من البحيرة لمجرى النهر، وبالتالي يمكن لمصر مساعدة الدول الأفريقية من بحيرة فيكتوريا حتى البحر المتوسط بحيث نجعل النهر صالحا للملاحة بشكل ما”.

وأشار إلى أن المشكلة تكمن في وجود توتر بين مصر وإثيوبيا، وتصريحات مستفزة من الجانب الإثيوبي وهو ما يحول دون أي تعاون، ويقف عائقا أمام أي دعم مصري للتنمية في إثيوبيا، لكن على مصر الاستمرار في استخدام قوتها الدبلوماسية في الضغط على إثيوبيا عبر التواصل مع الدول الكبرى في العالم لإجبار أديس أبابا على التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان، وعودة الجانب الإثيوبي لرشده، وتخليها عن تعنتها في هذا الملف عبر الضغط السياسي الدولي، لا سيما وأن الوضع داخل إثيوبيا غير مستقر.

ربما يعجبك أيضا