يوم الشهيد الإماراتي.. وسام فخر ووفاء للوطن

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

“طوبى لمن وهبوا أرواحهم الطاهرة قربانًا لأوطانهم.. لمن ماتوا شهداء دفاعًا عن الأرض والعرض.. لمن قدموا أسمى معاني البذل والعطاء لتظل ذكراهم عالقة بالقلوب والأذهان”.

شهداء الأوطان الذين وعدهم الله سبحانه وتعالى بجنة عرضها السموات والأرض، وأعلى من شأنهم بين الناس لما قدموه من معاني البذل والعطاء والتضحية، تُخلد البلدان ذكراهم عامًا تلو الآخر تحية لما قدموه، وترسيخًا لقيم حب الوطن في نفوس الأجيال الصاعدة.

وفي هذا الصدد، تستذكر الإمارات قادة وشعبًا في 30 نوفمبر من كل عام، يوم الشهيد، بمثابة رد الجميل للتضحيات التي سطرها شهداء الإمارات من أجل الوطن.

يوم الشهيد الإماراتي

يوم الشهيد الإماراتي هو يوم تخصصه الدولة لتستذكر شهدائها البواسل الذين ضحوا بأرواحهم أثناء أداء مهامهم الوطنية داخل الدولة وخارجها، وتحيي بطولات أبنائها البررة الذين بذلوا الغالي والنفيس في رفعة الوطن والذود عنه بإقدام وشجاعة وقدموا أرواحهم في سبيله.

ووسط احتفاء رسمي وشعبي بهؤلاء الشهداء، تعبر الإمارات عن الترابط الحقيقي بين الوطن والقيادة والشعب، إذ قرر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أن يكون يوم 30 نوفمبر من كل عام يومًا للشهيد.

وفي هذه المناسبة الوطنية، تقام مراسم وفعاليات وطنية خاصة يشارك فيها كافة مؤسسات الدولة، وكل أبناء شعب الإمارات والمقيمين فيها، استذكارًا وافتخارًا بقيم التفاني والإخلاص والولاء والانتماء المزروعة في نفوس أبناء الإمارات، التي تحلوا بها وهم يجودون بأرواحهم في ساحات البطولة والعطاء وميادين الواجب.

مرسوم 2015

الفيتشر 5

تم الإعلان عن يوم الشهيد، من قبل رئيس الدولة الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد، تحديدًا في 2015، بعد أن أصدر مرسومًا بإقامة مراسم وفعاليات متنوعة يستذكرون فيها أروع روايات التضحية التي سطرها الشهداء دفاعًا عن الوطن.

كذلك قرر رئيس الدولة الإماراتي اعتبار هذه المناسبة الوطنية بمثابة إجازة رسمية على مستوى الدولة.

وفي هذا السياق، أعلنت الإمارات عن إنشاء العديد من المبادرات المرتبطة بتخليد ذكرى يوم الشهيد، منها إنشاء مكتب في ديوان ولي عهد أبوظبي يعنى بشؤون أسر شهداء الوطن بقرار من ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ويختص المكتب بمتابعة احتياجات أسر الشهداء، وبالتنسيق مع الجهات الرسمية الأخرى في الدولة، وتقديم الدعم اللازم لأسرة وأبناء الشهيد، وتأمين كافة أوجه الرعاية والاهتمام.

وتشتمل احتفالات هذا اليوم على تنكيس الأعلام عند الساعة الثامنة صباحًا والوقوف دقيقة دعاء صامت في الساعة 11:30 تتبعها مراسم رفع علم الدولة مصحوبًا بالسلام الوطني.

1971.. أول شهيد إماراتي

ويعود اختيار يوم الشهيد لهذا التاريخ من كل عام، لذكرى استشهاد أول إماراتي قبل إعلان قيام الاتحاد بيومين فقط في 30 نوفمبر عام 1971، وهو الشرطي سالم بن سهيل خميس بن زعيل، الذي استشهد دفاعًا عن علم الإمارات أمام المحتل الإيراني في جزيرة طنب الكبرى بعد أن أصر هو و5 من زملائه على عدم إنزال العلم ورفض الاستسلام لهجوم الجيش الإيراني.

وعن الشهيد بن زعيل -صاحب الرقم العسكري 190- فقد ولد في إمارة رأس الخيمة بمنطقة المنيعي، وانضم في البداية إلى فرقة الموسيقى العسكرية بالشارقة، ثم انتقل إلى شرطة رأس الخيمة والتحق بها إلى جانب اثنين من إخوته، ليتم توزيعهم لخدمة الوطن في عدة مناطق.

وذهب سالم ليخدم في جزيرة طنب الكبرى، حيث عين مسؤولاً عن المركز بعد 7 سنوات من الخدمة فيه، وفي يوم 30 نوفمبر عام 1971، كان أفراد الشرطة في مركز شرطة جزيرة طنب الكبرى يستعدون لأداء الطابور الصباحي، وإذ بهم يلاحظون البارجات الحربية الإيرانية تدور حول الجزيرة.

فوجئ الشرطي سالم وزملاؤه الستة في مركز الشرطة بمحاصرة المحتل الإيراني لهم بقوة وصل تعدادها إلى نحو 3500 جندي إلى جانب البوارج البحرية التي حاصرت الجزيرة من مختلف الجهات.

فيما بعد، نزل الجنود الإيرانيون إلى شاطئ الجزيرة باستخدام زوارق برمائية من طراز “هوفر كرافت”، وتقدموا نحو مركز شرطة طنب الكبرى وشرعوا في إطلاق النار عليه فرد الشرطي سالم بن زعيل وزملاؤه على الهجوم المباغت ورفضوا الرضوخ لأوامر المحتل بالاستسلام وتسلم مركز الشرطة لهم وإنزال العلم الإماراتي.

بدوره دافع الشرطي سهيل وزملاؤه عن مركز الشرطة بكل شجاعة إلى أن أصيب اثنان منهم، فيما روى الشهيد سالم بدمائه أرض الجزيرة حيث كان يزحف نحو العلم لمنع إنزال العلم الإماراتي على أرض الجزيرة، وذلك حسبما أفادت وسائل الإعلام الإماراتية.

واحة الكرامة

55

أنشأت الإمارات، في قلب العاصمة أبوظبي، تحفة معمارية تمثل نصبًا لتكريم شهدائها لتظل شاهدة على التعانق بين التضحية والوفاء.

واعتمد تسمية واحة الكرامة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في سبيل إعطاء الصرح الوطني الشامخ، الدلالة المناسبة، التي تجمع قلوب أبناء الإمارات وتوحدهم على تكريم شهدائهم.

وكانت للتسمية التي اختارها ولي عهد أبوظبي، دلالة عميقة، توخت ربط الحاضر بالماضي، واعتماد الأصالة عنوانًا، واستحضار الماضي بفخر.

وتأتي كلمة واحة في المقدمة من البيئة السائدة بالإمارات، التي كانت في الماضي عبارة عن واحات خضراء تجري من خلالها الأفلاج، ودمجها بمسمى “الكرامة”، تكريمًا لأرواح الشهداء.

وأعلن عن الموقع رسميًا عام 2015، وبعد أقل من سنة واحدة، وبالتزامن مع يوم الشهيد؛ افتتحت رسميًا واحة الكرامة، لتكون رمزًا إماراتيًا للبطولة والفخر والشجاعة والوحدة، وتُعد وجهة وطنية يتعرف من خلالها العالم على تضحيات أبناء الإمارات وبطولاتهم.

دعم ورعاية

DLt3xX X4AAIlbX

ويحظى ملف دعم ورعاية أسر الشهداء وتلبية احتياجاتهم باهتمام قادة الإمارات، لذلك عملت الدولة، على تنفيذ استراتيجية متكاملة لدعم وتلبية متطلبات توفير الحياة الكريمة لأسر الشهداء تضمنت 4 محاور أساسية شملت:

  • دعم الاستقرار الأسري عبر برامج الإسكان وتوفير المنازل.
  • تعزيز الخدمات المقدمة لأبناء الشهداء في قطاع التعليم ومتابعة تحصيلهم العلمي.
  • توفير الرعاية الصحة الشاملة والتي تتضمن مبادرات خاصة بأصحاب الهمم لا سيما في فترة جائحة “كورونا”.
  • منظومة متكاملة من مبادرات الدعم الاجتماعي ومبادرات تنمية المهارات الحياتية والعلمية والثقافية والرياضية.

تحية لشهداء الوطن

“الشهادة ليست فعلًا طارئًا في تاريخ الإمارات.. وحينما يسقط شهيد يهب عشرة يحملون راية المجد والعزة لتظل بلادنا رمزًا للقوة والعزة” بهذه العبارات وقف الجميع قادة وشعبًا اليوم، إجلالًا واحترامًا لتضحيات شهداء دولة الإمارات العربية المتحدة الذين جسدوا أسمى معاني الولاء والانتماء والتضحية فداءً لهذا الوطن المعطاء.

وفي هذا السياق، أكد قادة الدولة على أن ذلك اليوم هو يوم الوفاء للدماء الطاهرة والقلوب الصافية النقية.

إذ، أكد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، على أن “الـ30 من نوفمبر من كل عام يوم للتقدير والوفاء، تعلي فيه الإمارات، قيادة وشعبًا، قيم الفداء والتضحية وممارسات البطولة والإقدام”.

ودعا رئيس الدولة، في كلمة وجهها عبر مجلة “درع الوطن” شباب الوطن وأجياله الصاعدة في هذه المناسبة العطرة والإمارات أن تستشرف عهدًا جديدًا للخمسين سنة المقبلة من مسيرتها التنموية الناجحة أن يجعلوا من القيم النبيلة التي تجسدها الشهادة مثالًا.

ومن جانبه، أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، حاكم دبي، على أن الإمارات قادة وشعبًا لن ينسوا من قدموا أرواحهم فداءً للوطن.

وتابع خلال تغريدة له، على “تويتر”: “في يوم الشهيد.. نشهد بأن أبطالنا بذلوا أرواحهم فداءً لوطنهم.. يشهد شعب الإمارات بأنهم أهل المجد والشرف.. يشهد تاريخ الإمارات بأنهم سطروا بحروف من نور خلودهم وتضحياتهم من أجل وطنهم.. رحم الله شهداءنا.. رحم الله أبطالنا.. لن ننساهم.. لن تنساهم الأجيال القادمة”.

كذلك أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على أن الإمارات تستمد من السيرة العطرة لشهداء الوطن الأبرار الدروس والعبر من أجل وطن قوي منيع، قادر على مواجهة التحديات، مضيفًا أن “أسماء شهداء الإمارات الأبطال وذكراهم ستبقى رمزًا لصفحات مجيدة في تاريخ الدولة”.

وقال الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، أن يوم الشهيد الإماراتي هو ذكرى وطنية غالية تستحضر فيها الإمارات معاني التضحية والبطولة من أجل رفعة الوطن.

وأضاف عبر تغريدة له على “تويتر”: هذه المناسبة الغالية، ترسخ في نفوس الأجيال الجديدة قيم حب تراب الإمارات والعطاء والإخلاص في العمل لتبقى راية الإمارات خفاقة شامخة”.

وفي هذا الصدد، توالت كلمات حكام الإمارات، وكبار المسؤولين بالدولة تمجيدًا لتضحيات الشهداء، وتعهدًا بتقدير هذه التضحيات، من خلال الاهتمام بأسرهم وذويهم، وتقديم المزيد من التنمية والرخاء لرفع اسم الإمارات عاليًا على مر الزمان.

وسأل الجميع الله الرحمة لحُماة الوطن الذين رسموا أبهى صور حب البلاد، من خلال هذه التضحيات التي حُفرت في ذاكرة مواطني الدولة والمقيمين على أرضها، والتي ستتوارثها أجيال الشعب الإماراتي على مر الزمان.

ربما يعجبك أيضا