محادثات فيينا نووية.. بين التفاؤل والضغط المتبادل!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

دخلت مفاوضات الجولة السابعة مع إيران في يومها الثاني في عملية التفاوض على الاتفاق النووي على مستوى الخبراء، بعد اجتماع افتتاحي، أول من أمس، وضع إطار الجولة الجديدة التي استؤنفت بعد أكثر من 5 أشهر توقف.

ولكن حتى البداية كانت متعرجة، إذ تتوخى الترويكا الأوروبية الحذر، بانتظار تأكيد إيران حول تكملة المفاوضات من النقطة التي انتهت إليها الجولات الماضية. وقال دبلوماسيون أوروبيون إنه ستكون هناك مشكلة إذا لم تبد طهران جدية في مفاوضات هذا الأسبوع.

وأثار كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني جدلاً أول من أمس بقوله إن إيران وافقت على البناء على مسودة الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الجولات الست الماضية، والتي فاوض عليها سلفه، عباس عراقجي، ولكنه أوحى بأن ما تم الاتفاق عليه يمكن أن يتم التفاوض حوله مجدداً، وقال في هذا الصدد: «ما كتب هو مسودة اتفاق وليس اتفاقاً وهذا يعني أنه خاضع للتشاور»، وهدد بأن إيران ستزيد من تصعيد برنامجها النووي وإذا لم تتم تلبية مطالب إيران برفع العقوبات وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

وقد كشفت تحركات الإيرانيين أن طهران تريد رفع العقوبات كشرط للمفاوضات، بالوقت الذي تقول فيه إسرائيل العكس، يجب ممارسة القوة والعقوبات حتى لا يتجرؤوا على التقدم بالمشروع النووي خلال فترة المفاوضات.

تقدم إيجابي وقضايا عائقة

أمس الثلاثاء، اليوم الثاني من الجولة الجديدة من محادثات فيينا النووية أعلن دبلوماسيون أوروبيون أنهم ما زالوا ينتظرون ما إذا كانت طهران ستستأنف محادثات فيينا من حيث توقفت في الجولة السابقة أم لا.

ونقلت “رويترز” عن هؤلاء الدبلوماسيين قولهم إنه تم الانتهاء حتى الآن من 70 إلى 80 بالمائة من مسودة نص الاتفاق.

وأشارت “رويترز”، أمس الثلاثاء 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، إلى أن الدبلوماسيين الأوروبيين قالوا إنه إذا لم تظهر إيران “جدية” في محادثات فيينا هذا الأسبوع فستحدث “مشكلة”.

وأضافوا أنه من بين القضايا العالقة في مفاوضات فيينا هي كيفية التصرف مع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي تقوم إيران عبرها بتخصيب اليورانيوم.

وتأتي مواقف الدبلوماسيين الأوروبيين هذه بعدما التقى علي باقري كني، مساعد وزير الخارجية الإيراني، أمس الثلاثاء، مع مساعد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، في فندق “كوبورغ” بفيينا.

وكتبت وسائل الإعلام الإيرانية أن هذا اللقاء جرى بهدف التنسيق حول شؤون استمرار المفاوضات خلال الأيام المقبلة.

رأى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الدولية، مهدي مطهرنيا، في مقابلة أجرتها معه صحيفة “ستاره صبح” الإيرانية، أن هناك خلافات معقدة بين طهران وواشنطن في الملف النووي، مؤكدا أن واشنطن لن تقبل على الإطلاق بشروط إيران.

وأضاف مطهرنيا أن هذه الخلافات المعقدة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية قد تنتقل من موضوع الملف النووي إلى مواضيع أخرى، معتقدا أنه وفي حال تم حل مشكلة الملف النووي مع أميركا فإن باقي الخلافات يصبح من السهل حلها ومعالجتها.

رفض “الاتفاق المؤقت”

كان من ضمن السيناريوهات المتوقعة بخصوص محادثات فيينا السابعة، هو التوصل لإتفاق مؤقت بين إيران والمجموعة الدولية 4+1، إلى حين الإتفاق حول القضايا العائقة، ولكن يبدو أن المحافظين في إيران يصرون على تحقيق مكاسب لإيران مباشرة ودون أي تأجيل، وعلى رأسها رفع العقوبات عن بلادهم.

فقد هاجمت صحيفة “كيهان”، المقربة من المرشد الإيراني علي خامنئي، فكرة “الاتفاق المؤقت” التي باتت متداولة في الأوساط السياسية في الداخل والخارج الإيراني، ورأت الصحيفة أن هذه الفكرة هي نفس فكرة العودة إلى الاتفاق النووي “خطوة بخطوة” والتي اعتبرتها إيران سابقا بأنها “استنزاف”، وشددت على ضرورة العودة إلى الاتفاق النووي بشكل كامل وسريع.

وقالت الصحيفة في تقريرها، اليوم الأربعاء، إن فكرة الاتفاق المؤقت ستجعل إيران مضطرة إلى قبول “البروتوكول الإضافي للاتفاق النووي”، و”وقف إنتاج اليورانيوم بنسبة 20 و60 في المائة”، و”عدم الاستفادة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة”، و”عدم توسعة المنشآت النووية”، وبالتالي لن تكون مثل هذه الفكرة ذات نفع لإيران.

قلق إسرائيلي

ومع دخول الجولة الجديدة من محادثات فيينا النووية يومها الثاني، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جالينا بورتر ردًا على معلومات المخابرات الإسرائيلية الأخيرة، إن التحرك المحتمل للنظام الإيراني للتحضير لتخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المائة؛ لن يمنح المفاوضين الإيرانيين في فيينا أداة ضغط ومزيدا من القوة.

وقبل وقت قصير من تصريحات بورتر، نقل موقع “أكسيوس” الإخباري عن مصدرين أميركيين قولهما إن إسرائيل تبادلت معلومات مع الولايات المتحدة والعديد من الحلفاء الأوروبيين خلال الأسبوعين الماضيين؛ تشير إلى أن إيران تتخذ خطوات فنية للتحضير لرفع نسبة التخصيب إلى 90 في المائة.

وقد أفاد موقع “والا” العبري بأن المخابرات الإسرائيلية تضاعف جهودها لمعرفة ما يجري “وراء الكواليس” في إيران، تزامنا مع المفاوضات المنعقدة في فيينا بين إيران والقوى العالمية.

ونقل الموقع عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين تقديرهم أنه “إيران الولايات المتحدة الأمريكية قد يتوصلان إلى اتفاق في غضون أسابيع أو أشهر معدودة على الأكثر، رغم حديث وسائل الإعلام الأجنبية عن وجود خلافات عميقة بين الجانبين”.

ضغط نووي

وقد لاحظت شبكة «سي إن إن» الأميركية، أنه «في محاولة واضحة لكسب نفوذ في فيينا، أعلنت إيران الجمعة الماضية أنها زادت مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، بعد أيام فقط من إعلانها أن مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة ارتفع 30 كيلوجراماً.

وبحسب جمعية الحد من التسلح، فإن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة «يشكل نحو 90 بالمائة من العمل اللازم للتخصيب حتى يصل إلى درجة صنع الأسلحة».

وتوقع موقع «أكسيوس» الأميركي، أن كبار المسؤولين في إدارة بايدن «يشعرون بقلق عميق من أن تذهب إيران بعيداً جداً» في تطوير برنامجها النووي. وأضاف، أن الولايات المتحدة «تحاول منذ سنوات تجنب الخيار الثنائي بين التدخل العسكري وامتلاك إيران السلاح النووي».

ضغط أمريكي

وقد أكدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أنها تسعى في محادثات فيينا غير المباشرة مع طهران ليس فقط إلى «تقييد» البرنامج النووي الإيراني، بل أيضاً إلى «توفير منصة تصدٍ» لسلوكها المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط والخليج، في حين ارتفعت أصوات المشرعين الجمهوريين في الكونغرس، لعرقلة أي رضوخ أميركي للمطالب الإيرانية، وأي رفع للعقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب على طهران.

وأكد مسؤولون أميركيون، أن لديهم «توقعات منخفضة للغاية»، من الجولة السابعة لمحادثات فيينا بين القوى العالمية الرئيسية في الاتفاق النووي، معبرين عن اعتقادهم أن «الإيرانيين ليسوا مستعدين بعد للتفاوض بجدية».

وقد قدمت مجموعة من الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي مشروعا لوقف أنشطة الطائرات المسيرة الإيرانية. ينص المشروع على أن أي تعاون مع إيران في مجال أنشطة الطائرات المسيرة يخضع للعقوبات الأمريكية.

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، غريغوري ميكس، إن “وجود طائرات مسيرة مميتة في أيدي إيران، التي تعتبر أكبر مصدر للإرهاب في العالم ، يهدد أمن الولايات المتحدة والسلام الإقليمي”. مضيفا :” لن يتم التسامح مع دعم برنامج الطائرات المسيرة الايرانية “.

من جانبه قال النائب الجمهوري مايكل ماكول إن شعوب الشرق الأوسط لا يمكنها العيش بحرية واستقرار وازدهار “في ظل هجوم الطائرات المسيرة الإيرانية ب” وشدد على أن الولايات المتحدة ستستخدم “كل الوسائل المتاحة” لمواجهة برنامج الطائرات المسيرة الإيرانية.

كما حذرت ليندا توماس غرينفيلد، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، من عواقب “أنشطة إيران التخريبية” في المنطقة وبرنامجها النووي، ودعت مجلس الأمن إلى التركيز أكثر على التهديد الإيراني.

وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة في اجتماع لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط “لا يمكن تجاهل تأثير الشر الإقليمي، والطموحات النووية، والكراهية تجاه إسرائيل من قبل إيران”.

ربما يعجبك أيضا