عام 2021.. عام من الأزمات والمعاناة على الإيرانيين

يوسف بنده

رؤية

مر عام صعب من الأزمات الطبيعية والصحية والمعاناة الاقتصادية على الإيرانيين خلال عام 2021، ومازال الشعب الإيراني يراهن على تجاوز هذه الأزمات مع الحكومة الجديدة التي تشكلت بفوز الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي في شهر يونيو/ حزيران بـ61,95% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، فيما بلغت نسبة المشاركة في عملية الاقتراع التي جرت الجمعة 48,8 بالمئة، وهي الأدنى لاستحقاق رئاسي في تاريخ الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها عام 1979.

أزمات اقتصادية

واجهت حكومة الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني في فترة ولايته الثانية انتقادات لعدم وفائها بالوعود الاقتصادية، وارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الريال خلال فترة حكمه من 32 ألفا إلى 255 ألفا، وهذا يعني انخفاض قيمة العملة الوطنية بنسبة 800% في 8 سنوات.

ومع مجيء حكومة الرئيس الإيراني، الجديد، إبراهيم رئيسي، لم يتحسن الوضع، فقد أصدر مركز الإحصاء الإيراني، في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تقريرًا جديدًا عن التضخم، أعلن فيه أن الزيادة في أسعار المواد الغذائية والمشروبات في البلاد خلال 12 شهرًا بلغت 61.4%، وهو رقم قياسي جديد في تضخم أسعار الغذاء.

كما ارتفع سعر الدولار في سوق الصرف الأجنبي الإيراني، إلى أكثر من 30 ألف تومان، وهو ما يؤشر على زيادة مستوى معاناة المواطن الإيراني من تضخم الأسعار في عهد الحكومة الجديدة.

وتزداد معاناة الإيرانيين صعوبة في ظل استمرار العقوبات الأمريكية التي أعادت فرضتها حكومة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، والتي مازال طهران تحاول رفعها بعد العودة لطاولة المفاوضات النووية في فيينا في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، دون التوصل إلى نتائج إيجابية بعد.

أزمة المياه

في يوليو / تموز 2021، نزل الناس في احتجاجات خوزستان 2021 في محافظة خوزستان إلى الشوارع للاحتجاج على نقص المياه.

ووسط موجة جفاف شديدة في المحافظة، التي تعد مدينة الأهواز ذات الأغلبية العربية عاصمتها، خرج السكان للاحتجاج وهتف بعضهم “أنا عطشان”. بالنسبة للمنطقة التي كانت تحتوي على مياه وفيرة، فإن نهر كارون الحيوي يبدو أنه بدأ بالجفاف. وتظهر الأقمار الصناعية أن مستوى المياه فيها قد انخفض بشكل مطرد خلال العام الماضي.

وامتدت هذه التظاهرات إلى أصفهان، واندلعت الاحتجاجات هناك في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 في أصفهان، على بعد حوالي 340 كيلومترا جنوبي العاصمة طهران، وهي نقطة جذب سياحي بسبب مساجدها الكبيرة ومواقعها التراثية، بما في ذلك جسر تاريخي عبر النهر.

ورغم أن الجفاف هو السبب الرئيسي للاحتجاجات إلا أنهم يتهمون السلطات هناك بتحويل المياه من المدينة إلى محافظة يزد المجاورة، والتي تعاني أيضا من نقص شديد في إمدادات المياه.

ارتفاع معدل الانتحار

ظهر ارتفاع مقلق لحالات الانتحار في البلاد، من جراء تفاقم الأزمات الداخلية والاقتصادية والاجتماعية، حتى وإن كان بعض أهالي الضحايا يميلون إلى التستر على الوقائع الصادمة.

ونشرت صحيفة “اعتماد” الإيرانية الإصلاحية تقريراً عن تفاقم حالات الانتحار في إيران، مستندة إلى دراسات وتقارير حكومية حصلت عليها، مذكرة إن نسبة المُقدمين على الانتحار تزداد بمعدل 4 بالمائة سنوياً.

وأوردت أن العام الماضي شهد 3589 حالة انتحار، وهو أعلى رقم على الإطلاق في تاريخ إيران، فضلا عن الحالات التي يتم حجبها من قِبل الأهالي لأسباب اجتماعية، خصوصاً في أوساط النساء.

وحسب دراسات منظمة الصحة العالمية، فإن المُعدل السنوي للانتحار في إيران هو 5.3 حالة انتحار لكل 100 ألف مواطن في العام، ونسبة الرجال هي تقريباً ضعف نسبة النساء المُنتحرات، كما أن الانتحار في أوساط المتزوجين أعلى مقارنة بأوساط العزاب.

حرائق

شهدت إيران العديد من الحرائق والانفجارات «الغامضة» خلال العام 2021، ما أثار الجدل حول «عمليات تخريب متعمدة». وتكررت الحرائق في عدة مواقع ومنشآت صناعية، لكن أهمها طال مواقع نووية وعسكرية حساسة اعترفت السلطات ببعضها.

وكان أهم الانفجارات هو ما وقع في منشأة نطنز النووية، في أصفهان، الذي دمّر أجهزة الطرد المركزي فيها في  يوليو (تموز).

وفي استمرار لمسلسل الحرائق المتنقلة التي أثارت شكوكاً حول إمكانية أن تكون مفتعلة جراء عمليات تخريب داخلية أو ربما هجمات خارجية، اندلع حريق كبير في مصنع السفن في ميناء بوشهر جنوب إيران، في يوليو/ تموز 2021، ما أدى إلى احتراق عدد من السفن.

كما كانت النيران اشتعلت في مجمع للبتروكيماويات في المنطقة الاقتصادية الخاصة في معشور جنوب الأهواز، في الشهر ذاته. كما طالت حرائق محطة الزرقان للطاقة الكهربائية في الأهواز «بسبب انفجار المحولات» قبلها بقليل.

وتمثل اللائحة الطويلة التالية من الحرائق والانفجارات والحوادث الغامضة، علامات استفهام كبيرة في إيران، وتربك الحكومة الإيرانية أمام شعبها وتضعها أمام مأزق داخلي غير مسبوق، كما تؤكد أيضا على هشاشة البنية الأمنية الإيرانية وإمكانية اختراق أكثر المرافق الإيرانية حساسية وشن هجوم عليها.

مهاجمة السفن

تعرض عدد من السفن الإيرانية للهجوم في إطار عمليات هجومية متبادلة مع إسرائيل، وفي 2 يونيو 2021، اشتعلت النيران في السفينة “آي آر آي إس خرج” وغرقت بالقرب من جاسك في خليج عُمان.

وبحسب ما ورد كانت السفينة قد استغرقت عدة أيام في مهمة تدريبية. غرقت السفينة في منطقة ممرات مائية حساسة حول مضيق هرمز يمر عبرها نحو 20٪ من تجارة النفط العالمية، وحيث كانت هناك اتهامات بشن هجمات على سفن أعداء إيران وإسرائيل، حيث هاجمت إسرائيل عشرات ناقلات النفط الإيرانية. متجهة إلى سوريا منذ أواخر عام 2019. لم تذكر إيران أي سبب في أعقاب الغرق مباشرة. ذُكر أن اندلاع الحريق كان في غرفة محركات السفينة.

شبح كورونا

استمرت معاناة إيران في العام 2021 من استمرار تفشي فيروس مورونا الذي تم تأكيد وجوده في 19 فبراير 2020 في مدينة قم.

وتعتبر إيران الدولة الأكثر تضررا من الوباء في الشرق الأوسط، وقد شهدت زيادة كبيرة في حالات الإصابات التي تجاوزت 6 مليون شخص والوفيات التي تجاوزت 130 ألف.

وبعد مجيء حكومة رئيسي، سعت إلى الحصول على لقاح كورونا من دول شرقية وغربية، بعدما حظروا على أنفسهم استيراده من قبل. ونجحت الحكومة في فرض سياسة التطعيم الإلزامي.

وأعلنت طهران عن تسجيل قفزة كبيرة في معدل التطعيم ضد كورونا بإيران خلال الأشهر الثلاثة الماضية قائلا إن 84 بالمئة من إجمالي السكان المستهدفين في البلاد تلقوا جرعة واحدة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا خلال هذه الفترة ، فيما 67 بالمئة تلقوا جرعتين منها.

وأعلن مركز العلاقات والإعلام في وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيرانية بان التطعيم بلقاحات كورونا في البلاد تجاوز 107 ملايين جرعة.

ربما يعجبك أيضا